- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
العشق الحسيني في مسيرة الأربعين/ الجزء الأول
حجم النص
بقلم : عبود مزهر الكرخي
تمر في أيامنا هذه ذكرى عزيزة على كل موالي ومحب أهل البيت بل وعلى كل مسلم وإنسان شريف إلا وهي زيارة الأربعين والتي أضحت زحف مليوني يجاهد كل شيعي وموالي بالمسير مشياً وعلى الأقدام للوصول إلى قبلة العاشقين وتقبيل ومسك الضريح المطهر لسيد الشهداء سيدي ومولاي أبي عبد الله الحسين(ع) ومواساة الأمام علي زين العابدين(ع)وعقيلة الطالبيين الحوراء زينب في السبي الحسيني لذراري وحرم رسول الله(ص) من قبل أخس الناس وأكثرهم إجراما على وجه التاريخ في سبي وهتك لحرمات أهل البيت وبصورة يندى لها الجبين ولا يتقبلها أي إنسان يؤمن بقيم الحق والبطولة والتي أوغلوا إجراما بعد سفك الدم الزكي لريحانة رسول الله (ص) وأهل بيته وأصحابه المنتجبين قرروا وفي إصرار ليس له سابقة هي الأولى من نوعها في التاريخ الإنساني في حمل أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ومهبط على أقتاب الإبل حاسرات الرأس وكأنهن سبايا من الخوارج والديلم وهذه الفاجعة قد كتبت في كل كتب التاريخ عن هذه الجريمة الإنسانية من قبل يزيد(لعنه الله) ومعه زمرته المجرمة والذين لم يتورعوا عن فعل هذا الفعل المجرم والبشع والذين لا أدري بماذا يواجهون نبينا الأكرم محمد(ص) وهم قد قاموا بهذا الفعل المشين وكيف يكون حسابهم وخصيمهم الله ورسوله وهذا ماصرحت عنه بطلة كربلاء العقيلة زينب (ع) ليزيد اللعين في خطبة طويلة منها ((اللهم خذ لنا بحقنا ، وانتقم ممن ظلمنا ، واحلل غضبك بمن سفك دماءنا ، وقتل حماتنا ، فوالله ما فريت الاً جلدك ، ولا حززت الاً لحمك ، ولتردن على رسول الله " صلى الله عليه وآله بما تحملت من سفك دماء ذريته وانتهكت من حرمته فى عترته ولحمته ، حيث يجمع الله شملهم ، ويلم شعثهم ، ويأخذ بحقهم { ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله امواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون } وحسبك بالله حاكماً ، وبمحمد صلى الله عليه وآله خصيما ، وبجبرئيل ضهيرا ، وسيعلم من سول لك ومكنك من رقاب المسلمين بئس للظالمين بدلا وايكم شر مكانا وأضعف جندا )).(1)
ومن هنا ونحن نشاهد هذه الحشود المليونية وهي تزحف إلى كعبة الثوار كربلاء المقدسة وهي تجدد العهد للحسين(ع) ولزينب الحوراء روحي لها الفداء وتواسيها في مسيرها من الشام صوب أرض الغاضرية والتي أضحت قطعة ارض من الجنة لأنها تضم أعظم خلق الله بها بعد جده الرسول الأعظم محمد وأبيه أمير المؤمنين وأمه فاطمة الزهراء وأخيه الحسن المجتبي(صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) ولتصبح تراب كربلاء من أقدس الترب ولتصبح من المستحبات إن يسجد المصلي في صلاته على تربة أبي عبد الله روحي له الفداء ويعفر جبينه بهذه التربة الطاهرة ولتصبح هذه الملايين من الزوار تزداد يوماً بعد يوم وليزوره من أقصى بقاع الأرض ولتصبح زيارة أبي الضيم الحسين بمثابة حجة يحج أليها كل مؤمن بعد الحج الأكبر وهذا ماصرح به إمامنا جعفر الصادق عندما يقول في حديثه «زيارة الحسين (عليه السلام) تعدل مائة حجّة مبرورة، ومائة عمرة مـُتـَـقبـّـلة».(2) ولتصبح واجبة على موالي ومسلم ويقر بالأمامة بقوله (ع) «زيارة الحسين بن علي (عليه السلام) واجبة على كل من يقرّ للحسين بالإمامة من الله عزّ وجلّ».(3)
والتي حاول كل الحكام الجائرين بدءً من بني أمية إلى العباسيين وعلى مدى التاريخ العمل على إزالة هذا العشق الحسيني ووقف هذا الزحف وبكل الطرق والمحاولات والتي كلها لم تفلح بل على العكس عجلت بسقوط عروشهم العفنة لأن كانوا وبمعنى أدق عندما يحاربون الإمام أنما يحاربون الله في عرشه والذي ذكر نبيه وحبيبه سيدنا محمد(ص) في حديثه الشريف الذي يقول((عن الإمام الحسن بن عليّ (عليهما السلام) قال :كنّا مع أمير المؤمنين (عليه السلام) أنا وحارث الأعور قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله)يقول : يأتي قوم في آخر الزمان يزورون قبر ابني الحسين ، فمن زاره فكأ نّما زارني ،ومن زارني فكأنّما زار الله سبحانه ، ألا ومن زار الحسين فكأنّما زار الله في عرشه)).(4)
ولهذا أصبح كل موالي وشيعي يتسابق ويحث الخطوات في التسابق للوصول إلى الضريح الشريف والتي كان الأوغاد من المجرمين يحاولون طمس القبر المطهر من خلال هدمه أو حرثه أو هدّ الماء عليه من اجل طمس معالمه وهذا ماعمل عليه المتوكل العباسي وكل الجبابرة فلم يزيد إلا هذا القبر إن يتألق ويزداد وهجاً ولتصبح القلوب تهفو إليه ومن كل الطوائف والأديان ومن مختلف الأعراق وليصبح أمام وقائد لكل الإنسانية ولايخص مذهب أو دين معين ولتصبح كربلاء المقدسة منار يهتدي إليها كل القلوب الحائرة والمضلة لتهتدي بهذا الأنوار الآلهية والمحمدية والذي يقتبس أنواره من نور الله سبحانه وتعالى وجده نبينا الأكرم محمد(ص) ولتكون كعبة لكل من يطلب حاجة أو يريد الهداية ويريد تلمس الصراط المستقيم لأنه عندما نتمسك بهذا الأمام العظيم نكون قد تمسكنا بالرسالة المحمدية وبديننا الحنيف بدون زيغ أو انحراف ولتبقى الأنوار الحسينية متألقة وتزداد وعلى مدى الزمن وإلى يوم القيامة وهذا ماقالته الحوارء زينب(ع) في مجلس الطاغية يزيد(لعنه الله) لكي تزلزل الأرض من تحته وهي تقول مقولتها المشهورة((فكد كيدك ، واسع سعيك ، وناصب جهدك ، فوالله لا تمحوا ذكرنا ، ولا تميت وحينا ، ولا يرحض عنك عارها ، وهل رأيك الاً فند ، وأيامك الاً عدد ، وجمعك الاً بدد ، يوم ينادى المنادى الا لعنة الله على الظالمين ، والحمد لله رب العالمين ، الذى ختم لأولنا بالسعاده ، ولآخرنا بالشهاده والرحمه ، ونسأل الله أن يكمل لهم الثواب ، ويوجب لهم المزيد،ويحسن علينا الخلافة ، انه رحيم ودود ، وحسبنا الله ونعم الوكيل)) .(5)
والذي تحقق كلام بطلة كربلاء ومازاد كل الظالمين من النواصب والمعادين لأهل البيت إلا خذلاناً وخيبة فهم قد تفننوا في القتل وقطع الأيادي لمنع زيارة الحسين(ع) من هارون العباسي إلى المتوكل ولتسترسل وعلى مدى السنين لتصل إلى الصنم هدام ولكن ذلك لم يثني عشاق الحسين من زيارته وتحت أي ظرف قاهر وليصبح في زمن المتوكل وحتى الصنم هدام يذهب العشرة من الأشخاص وهم قد اغتسلوا وحضروا الأكفان وليبقى واحد منهم ليقوم بالزيارة عنهم بعد أوامر الطغاة بقتلهم فأي حب وعشق حسيني لهذه الشخصية العظيمة والتي مستعد كل المحبين التضحية بنفسه من اجل الوصول الى كربلاء وزيارة الضريح المطهر في صور وتضحيات يعجز القلم عن إن يصفها لأن القلم يعجز عن تسطيرها وذلك لأن العشق الحسيني قد طبع في شرايين وأوردة كل عاشق حسيني بحيث يصبح الموت لايهمه ولايحرك له شعرة بل يصبح الموت هو غايته لكي يلتحق بالركب الحسيني وليصبح مع أصحاب الحسين وينال شفاعة الحسين يوم الورود وهو غايته وطموحه والذي مابعده طموح وغاية.
وقد لاحظنا في هذه الزيارة والتي تعدت ووصلت إلى أرقام يصعب على من هو الخارج أو ليس له اطلاع ان يصدق هذا الزحف المليوني لتصل على 18 مليون زائر ماعدا الزوار الأجانب والذين وصلوا إلى مليون زائر جاءوا من أقصى بقاع العالم لكي يزوروا هذا الأمام الخالد وليجددوا عشقهم لأبي الأحرار سيدي ومولاي أبي عبد الله الحسين روحي له الفداء.
والتي أحب إن اسميها العشق الحسيني والتي لم تثني العشاق من زيارة سيدي مولاي ابي عبد الله الحسين والتي في الوقت الحاضر قد تفننوا في وسائل القتل من خلال إرسال السيارات المفخخة ووسائل القتل والذبح والذين هؤلاء الأوغاد هم أسياد في القتل ونشر الدمار والرعب والذين هم براء من ديننا الحنيف وهم ينفذون أجندات خارجية من قبل دول الجوار لكرههم ومقتهم لأهل البيت ومواليهم والذي وصل الأمر إلى تسميم الأطعمة والمشروبات في محاولة بائسة لمنع هذه الزيارة وثني الزوار وهم واهمون في أحلامهم المريضة لأن كل زائر قد وطن نفسه على الموت في سبيل هذا العشق الحسيني والزيارة وتحقيق هذا الأمر وحتى لو وصل إلى الجود بالنفس والذي جعله في حساباته ولم يدور في خلده التراجع أو النكوص لأن العشق الحسيني قد وصل إلى مراتب متقدمة في أنه يجري الدم في الشرايين بحيث أصبحوا يهتفون بالهوسة المعروفة ((يفجرونة ونصيح حسين)) وهذا مالمسناه من خلال ما شاهدناه في القنوات الفضائية في صورة يتعجب بها وتدهش كل مراقب يشاهد هذه الزيارة الملحمية والذي من الخارج ولم يطلع على الحسين وواقعته بصورة دقيقة وتأخذه الدهشة مما يحصل وكيف هذه الجموع قد تجمعت ومن مختلف الجنسيات والأعراق والمذاهب في هذا الحشد المليوني والتي سوف نجاوب على تساؤلات الكثير من الذين يدعون الدين والعلم والذين تكون نظرتهم قاصرة ضيقة وفق تحليل منطقي علمي موضوعي عن السر في هذا العشق الحسيني في جزئنا القادم أن شاء الله إن كان لنا في العمر بقية .
أقرأ ايضاً
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- مراقبة المكالمات في الأجهزة النقالة بين حماية الأمن الشخصي والضرورة الإجرائية - الجزء الأول
- البكاء على الحسين / الجزء الأخير