حجم النص
1- كارثة جيل
دخل علينا شاب خريج كلية التربية قسم اللغة العربية ونحن نتسامر في محل أخيه الكبير، عن الشعر والشعراء والأدب والفن ، فشاركنا أستاذ اللغة العربية الحديث بثقة عالية لا مثيل لها ، فذكرت لهم أثناء الحديث المثل القائل ( أشهر من قفا نبكي ) متسائلا هل تعرف ما معنى هذا المثل ، أجابني ، هل أنا مدرس لغة عربية أم حكاياتي أحفظ الأمثال . عذرته وقرأت له البيت الذي يقول : قفا نبكي من ذكرى حبيب ومنزل .....بسقط اللوى بين الدخول فحومل ......الخ .
هل تعرف لمن الأبيات ؟ أجابني بثقة متناهية وسرعه فائقة ( بدري شاكر السياب ) . ومن ذهولي وصدمتي قمت واقفا وجلست ،وقلت له معقول هذا الذكاء ، استدرك قائلا ( مدرس اللغة العربية): أحمد شوقي ..قلت له اشكر ربك لن يسمعك أبي أو الأستاذ معين شعيب أو لم يسمعك الأستاذ شاكر ألبدري لبدلوا لك جلدك قال مبتسما ( أنا أتمازح أنا أعرف أنه شعر أبي فراس الحمداني ) . سكت ولم أتكلم لبرهة من الزمن ، ثم التفتنا إلى أخيه وقلت له لو كان لكم دين أو وطنية أجبره ليترك التدريس فان أبناءنا أمانه في أعناقهم .فان الطبيب إذا أخطأ قتل شخص أما المعلم إذا أخطأ قتل جيل .
2- ثقافة جيل
كل مثقف و مربي وسائس لهذا الجيل الذي تمرد على كل ما حوله من ثقافات في الملبس والمأكل و طريقة الحلاقة و التزيين و طريقة الكلام والمفردات و حتى الاهتمامات البدنية والفكرية ، إن نظرة عابرة تبين الانحدار العام في كل ما ذكرنا والسرعة بالتقليد الأعمى لما يظهر على الفضائيات و المنشور على صفحات النت ، له عواقب ستكون ملامحها المحطمة للآمال بعد عشر سنوات ، وأثارها في التخلف الأدبي والعلمي والثقافي ، وتحولنا إلى مجتمع عالة على البشرية وطفيلي ينظر إلى واردات النفط ليعيش . سؤالي إلى المثقف والمربي والسائس لهذا الجيل هل نحن بقدر المسؤولية لنعيد عجلات العربة الحاملة لهذا الجيل إلى الشارع السوي ؟ مجرد سؤال ( سيهمله و سيهم له ) سيهمله الأخوة المتفائلون و المتكاسلون ، أما لقصر النظر أو لعجز في التصليح أو لثقة بالجيل الجديد . وسيهم له العاقل اللبيب المؤمن بأننا خلقنا لنبني الأرض لا لنلهو و نأكل كالبهائم .
3- نهاية المطاف
وأنا اكتب هذه السطور جلس بقربي احد الأخوة المتذوقين للقراءة ، قال لي رسمت لوحة سوداء و أطرتها بغيمة فيها اللون الرمادي أكثر ما يميزها ، فهل ترى في الأفق أثر للهلال ، كان جوابي له إني من الذين يؤمنون بتعدد الآفاق وعدم اتحادها ، والباحث سيرى الهلال في أفق من الآفاق ، وإذا أطمئن لما يرى سوف لا يصبر إلا لمحة من الدهر الكبير حتى يجده قمرا يضيء له سماء البلاد ، والعمل بصبر مفتاح لكل مغلق و مهول .
وقال مولانا أمير المؤمنين عليه السلام [ الصبر صبران صبر على ما تكره وصبر مما نحب ].
أقرأ ايضاً
- التعدد السكاني أزمة السياسة العراقية القادمة
- فزعة عراقية مشرّفة
- اهمية ربط خطوط سكك الحديد العراقية مع دول المنطقة