في خضم ما تمر به البلاد من عمليات إرهابية متكررة تطال المدنيين الأبرياء وأبناءنا في القوات الأمنية تساءل ممثل المرجعية الدينية العليا وخطيب الجمعة في كربلاء المقدسة سماحة السيد احمد الصافي في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة التي أقيمت في الحرم الحسيني المطهر في 15 ذي القعدة 1432هـ الموافق 14-10-2011م عن إمكانية حل المعضلة الأمنية أم إنها غير قابلة للحل؟!
في معرض إجابته قال سماحته: إن المسألة الأمنية يمكن أن تُحل ولكنها تحتاج إلى مجموعة مقومات ومجموعة أشخاص يتبنون الحل حقيقة، والذين يذهبون إلى إن المسألة الأمنية لا تُحل فأعتقد إن هذا كلام غير صحيح، ويمكن أن يقال بهذا الصدد إن المشكلة الأمنية لا يراد لها أن تُحَل ؟! أي إن هناك عناصر خارج أو داخل اللعبة السياسية تريد أن يبقى الملف الأمني على ما هو عليه ؟!.
وأضاف سماحته إن الجريمة الآن بدأت تنتظم أكثر وبدأت التفجيرات والاغتيالات تأخذ جانبا علميا دقيقا واستهدفت شخصيات متنوعة، ولا يخفى إن هناك أيادي خفية وذكية تحرك هذا الموضوع، فأما أن يعبر الإرهابي نقاط تفتيش مثلا ً أو يتعاون مع بعض نقاط التفتيش أو يكون جزءا من أجهزة متنفذة بالدولة ويهيئ لهذه الحالة الإجرامية.. وهناك حالة أخرى يظهر منها إن هناك تدريب من الدرجة الأولى واستعداد وتبني واضح لمثل هكذا عمليات نوعية لإرباك الوضع الأمني.
وتابع سماحة السيد الصافي إن العراق يمر بمرحلة خطيرة وتعاطي الأجهزة الأمنية تارة نقول إنها مستعدة لمكافحة الجريمة المنظمة وتارة لا نقول كذلك، وعدم وضوح الموقف الأمني يرجع إلى تصريحات متضاربة من قبل الكتل السياسية ولابد هنا أن نصل إلى حالة نقول فيها إلى هنا ويكفي !! لابد أن يكون الإخوة بمستوى المسؤولية .. وان هذه المسألة أصبح الكلام فيها نفعه ُ قليل جداً وغير مجدي .. ومن باب إبراء الذمة حمل سماحته الجميع المسؤولية ولم يستثني أحدا.
وتساءل من المسؤول عن ذلك ؟ ومن هي الجهة التي تضطلع بالمسؤولية ؟! نحن بحاجة إلى أن يخرج إلينا احد المسؤولين ويقول نعم أنا أتحمل الإخفاقات الأمنية لأنني لم اهتم بهذه المسؤولية بالشكل الجيد ... لم أر واقعاً مسؤول يقول أنا أتحمل المسؤولية.
ووجه خطابه إلى الإخوة بقوله: نحتاج إلى صناعة أمن والآن الأمن صناعة علمية .. فالعراق مساحته مساحة صغيرة مقارنة بدول العالم .. علينا إن نستفيد من خبرات الآخرين لتطوير الجانب الأمني.. وكرر سؤاله كيف نستطيع أن نصنع شخص أمني؟ اصنعوا كفاءات أمنية يحافظون على أرواح الناس.. مثلا ً هذه نقاط التفتيش من المسؤول عنها وعن الأشخاص الموجودين فيها وأنا لا أقصد هنا نقاط تفتيش المناطق الحساسة في الدولة وإنما اقصد كل النقاط التي تبدأ في الحدود إلى أعمق نقطة في البلد، من المسؤول عن هذه القضية ؟!!
قد يقول البعض هذا أمر سياسي .. يا أخي بيّن الأمر السياسي من وراءه حتى الناس تعرف إن السياسي الذي يضحي بالناس لا خير فيه .. والدم عندما يكون رخيصا تخرج هذه النتائج، أما عندما يكون الدم له قيمة عند المسؤول فانه في الواقع لا يهدئ له جفن ولا ليل إلا أن يمسك بالقاتل ويقدمه للعدالة..
وطالب الإخوة المعنيين الاستفادة من التقنيات الحديثة في العمل وبيّن إن المسألة تحتاج إلى تكاتف وابتعاد عن الأساليب التقليدية واحترام القانون الأمني وهذا يبدأ من الجهة التنفيذية الأمنية التي تريد هذا القانون والاهتمام بنقاط التفتيش واختيار العناصر الجيدة والمراقبة الأكيدة لأمثال هؤلاء .. هل هذا وضعه المالي بقى على ما هو عليه عندما عُيّن ؟!! هل اشتريت ذمته ؟!! هل ولاءه للبلد بشكل جيد ؟! هل التزامه بالواجب المكلّف به يؤديه بشكل جيد ؟!! أضع هذه الأسئلة وغيرها بين أنظار الإخوة المسؤولين وأقول كفى!!.
أما عن ملف الكهرباء تطرق سماحة السيد الصافي إنه وفي البصرة وبالتحديد في ميناء خور الزبير عرضت بعض القنوات الفضائية إن هناك معدات ومنظومة كهربائية كاملة مرماة في العراء معرضة لأشعة الشمس وزخات المطر خلال هذه السنتين أو الثلاث المنصرمة ولو نُصبت لحققت مقدار من الكهرباء بمقدار 4000 ميكا واط وهذا رقم غير قليل، وكرر تساؤله من المسؤول عن ذلك ؟!! في عهد أي وزارة جُلبت هذه المعدات ولماذا هذا الإهمال في تركها؟!!.
وفي سياق آخر من الخطبة تناول سماحته موضوعة احترام ثقافة الحفاظ على المال العام، وأوضح إننا بحاجة إلى ثقافة احترام المال العام، وهذه الثقافة تبدأ من حب الوطن ، والإنسان عندما تكون بيده أموال هو أمين عليها وإذا كان أمين عليها يجب أن يخشى هذه الأمانة فالأمانة مسؤولية وسيسأل عنها ... ثقافة الحفاظ على المال العام وكيفية التصرف به ثقافة نحن بأمس الحاجة إليها الآن.
واستطرد سماحته إن ثقافة المال العام لا تعني أن نحرس المال العام وإنما أن ننفق المال العام في موارده المقررة والواضحة في سبيل أن نبني البلد ولا نستبيح إنفاقه في الموارد غير المستحقة، فالمال العام وُضع لخدمة البلد واحتياج البلد في كل المرافق ، وعندما يأتي مسؤول في الدولة في أي موقع كان .. وإن المشروع الفلاني لا يمر إلا من خلال هذا المسؤول فيبدأ يساوم أهل المشروع وبالنتيجة حصل على ما أراد وهناك أرقام مخيفة لمبالغ لم يرها الإنسان بل لم يسمع بها من قبل، وإذا حصل المسؤول على هذا المال فإنه يحصل عليه بغير وجه حق .. وبالنتيجة الأموال تتراكم من هذا ومن ذاك وما أكثرهم وتذهب إلى جيوب أولئك المنتفعين بغير استحقاق وكان يمكن أن نستفيد من تلك الأموال لبناء البلد.
وفي الختام أكد سماحة السيد الصافي إن ثقافة الحفاظ على المال العام تبدأ من المسؤول ومن كل إنسان متنفذ، فهذا مال الناس ومال البلد ومن المفترض إعطاءه لمن يعمل عملا ً جيداً للبلد .. وان نحافظ على المال العام الذي فيه خدمة للناس فالبلد بحاجة إلى المال وبحاجة أن تصرف هذه الأموال في مكانها وبحاجة إلى اختيار الأشخاص النزيهين الطيبين الذي لا يلتفون حول القانون.
وكالة نون خاص
أقرأ ايضاً
- الكشف عن أسماء المرشحين لرئاسة البرلمان
- المندلاوي يؤكد ضرورة حسم انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب
- السوداني يبحث مع {الناتو} التعاون الأمني والعسكري