- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
هور الحمار من عصر التكوين الى عصر الإهمال
لقد ميز الله عزوجل ارض العراق بوجود نهرين كبيرين يجريان من شماله الى جنوبه وجعله ارض السواد والخيرات الوفيرة ، ولم يكتفي بهذا القدر إنما رزق هذه الأرض أيضا مجموعة من الاهوار والمسطحات المائية ، التي تستمد مياهها من هذه الأنهار والتي جعلت المكان كجنة عدن التي ذكرها
الله في القران الكريم ، ومن أجمل وأكثر هذه الاهوار إيغالا في القدم هو هور الحمار .......
هور الحمار: هو من أهم اهوار جنوب العراق ويقع الى الجنوب من نهر الفرات حيث يمتد من الناصرية وسوق الشيوخ وينتهي الى شمال القرنة والبصرة . ويستمد مياه من نهر الفرات ..
تكون هذا الهور حسب أراء بعض المؤرخين والباحثين حيث أكدوا ان الحمار تكون نتيجة لحدوث فيضان هائل سنة ( 628 ـ 629 ق.م ) ، حيث طغا نهرا دجلة والفرات وفاضا فيضان كبير فتحولت على أثرة بعض المنخفضات في المناطق الجنوبية في العراق الى مسطحات مائية واهوار واسعة .
وقبل خمسة ألاف عام أصبحت الاهوار بشكل عام مستوطنة للسومريين الأوائل ، حيث أقاموا مدنهم على شواطئ الاهوار مثل أور ولكش واورك واريدو ...
ومن بعدهم سيطر الاكديون على جنوب العراق ، وصوروا معبدوهم ( انكي ) آلهة المياه يتجول في الاهوار وهو راكبا قارب المشحوف على لوح طيني . وهذا دليل على تقديسهم للمكان .
وأصبحت منطقة الحمار و الاهوار جميعها ضمن الرقعة الجغرافية للإمبراطورية الأشورية وبعدها ضمن الدولة البابلية والدولة الكلدانية وهؤلاء عرفوا بدورهم كيفية استغلال خيرات الاهوار ومنافعها وجعلها ضمن اقتصادهم القومي .
أما العرب فقد أطلقوا على الاهوار تسمية ( البطائح ) وعرفوها منذ القدم وبالقرب منها مصروا مدينة البصرة .. والأمويين قاموا بأعمال استصلاحية في منطقة الاهوار وكانت تؤخذ عنها الخراج في كل عام . واما في العصر العباسي فقد أصبحت الاهوار الملجئ الحصين للزنوج الذين قادوا الثورة ضد العباسيين في البصرة .
ثروات الاهوار : تمتلك الاهوار ثروة طبيعية واقتصادية هائلة مثل الثروة الحيوانية حيث تكثر الأسماك من نوع البني والشبوط والقطان والصبور. والطيور من نوع الخضيري والبط ودجاج الماء ، وتكثر إعداد الجاموس والماشية والأغنام والماعز ، وكذلك يكثر النخيل والقصب والذي يحول صناعيا الى صناعة الورق وصناعة الحصير ..
واستعمل سكان الهور منذ عهد السومريون والى يومنا هذا قارب خاص بهم يسمى ( المشحوف )
واما بيوتهم فهي مبنية في الغالب من القصب وعلى شكل أقواس وتسمى بأسماء مختلفة مثل المضيف والربعة والصوباط وغيرها ..
واما مياه هور الحمار فتعتمد على منسوب المياه في نهر الفرات من حيث الشحة في موسم الصيهود
أو الوفرة في موسم الشتاء ، وقد ذكر كبار السن المعاصرين حدوث فيضان كبير في هور الحمار عام 1954 حتى ان القرى المحيطة بالهور قد غرقت وأيضا فقد ارتفعت مناسيب هور الحمار عام 1969 وكذلك عام 1988 بينما انخفض منسوب الماء بحيث تقلصت مساحة الهور عام 1951 وعام 1955 .
وفي عام 1991 قام النظام السابق بتجفيف هور الحمار وبقية اهوار العراق عقب الانتفاضة الشعبانية
وليصحب هور الحمار ارض جفاف وبور فحلت علية لعنة الإهمال ..
وغادرته الطيور الى دون رجعة وماتت الأسماك حزنا على الهور ، إما سكان الاهوار الطيبون فقد عانوا الأمرين : الأول هو جفاف الاهوار وقطع أرزاقهم وتهميش حياتهم التي تعتمد على ديمومة الاهوار وانتعاشها وهنا اضطرت الغالبية العظمى منهم الى ترك الهور و الهجرة نحو المدن ..
والأمر الثاني : هو ملاحقتهم من قبل أزلام النظام السابق لمشاركتهم في الانتفاضة الشعبانية واحتضانها
معلومات مهمة :
ويبلغ طول هور الحمار حوالي 90 كم إما عرضة فيبلغ حوالي 25 ـ 30 كم ، واما مساحته فهي حوالي
( 3500 كم 2 ) ويخزن كمية من المياه تقدر ( 5 ) مليار متر مكعب وتقلصت في سنوات الجفاف الى
( 600 كم 2 ) ..
وفي عام 1992 بلغت مساحة هور الحمار ( 1000 كم )
وفي عام 2000 بلغت المساحة ( 174 كم )
وفي عام 2004 بلغت ( 824 كم )
وأخيرا : إما ألان فقد أصبحت للاهور وزارة وتسمى ( وزارة شؤون الاهوار ) حسب ما اضن ؟ ولكن في الحقيقة لا نعرف هل هذه الوزارة جادة في عملها في عملية انتعاش الاهوار وإرجاع أهلها الى سابق عهدهم ومزاولة إعمالهم من جديد ، أم أنها مجرد محاصصة طائفية واستحقاق انتخابي وتوزيع عادل بين الكتل السياسية .
كل ما نعرفه هو ان هذه الوزارة أرجعت المياه الى الاهوار بشكل جزئي . وما نتمناه ان تعمل هذه الوزارة بشكل جدي للإعادة الاهوار الى عصر الرخاء والازدهار....
حسن الوزني