- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
اطروحات المالكي والتعديلات الدستورية..
اتفق الفرقاء السياسيون على تطبيق آلية الديمقراطية التوافقية من اجل تحقيق مشاركة سياسية واسعة لكل اطياف المجتمع العراقي.واذا كانت التوافقية قد حققت بعض النجاحات في تهدئة الاوضاع السياسية وبث الطمأنينة في النفوس لاسيما لدى من كانوا يشعرون بالتهميش والاقصاء،الا انها تحولت الى عائق وحجر عثرة امام اصدار بعض القرارات.
والديمقراطية التوافقية وان طبقتها بعض الدول ذات التنوع الاثني الا انها وفي الواقع السياسي العراقي سببت ارهاقا كبيرا للدولة ومؤسساتها، واقل مايمكن ان يقال عنها انها جلبت الكثير من الشخصيات غير الكفوءة التي لايتعدى رصيدها كونها من هذا المكون او ذاك،اذ ان التوافقية تم التعبير عنها في العراق من خلال المحاصصة، فشكلت عبئا على القرار الحكومي في جوانبه السياسية والاقتصادية وعطلت الكثير من مفاصل العمل المهمة.
من هنا كانت الدعوات التي اطلقها رئيس الوزراء نوري المالكي والداعية الى مغادرة التوافق والمحاصصة واعتماد مبدأ الوطنية والنزاهة والاخلاص، مايعني اهمية التعديلات الدستورية حتى نستطيع مواجهة متطلبات المرحلة واستحقاقاتها السياسية.
ويستطيع المراقب لمجريات الحراك السياسي في العراق ان يرصد حالة التخندق الطائفي والعرقي التي زاد تماسكها نتيجة مبدأ التوافق وماقابلها من ضعف وهشاشة في الجانب الوطني والوحدة الوطنية. واتفق الباحثون على ان الديمقراطية التوافقية تزيد تماسك المكونات الاثنية على حساب وحدة الصف الوطني، فضلا عن انها تزيد الهوة بين هذه المكونات ،وتعطل قرارات مؤسسات الدولة وفاعليتها في مرحلة هي احوج ماتكون الى البناء والاعمار ووحدة الارادة السياسية وسرعة اتخاذ القرارات ومواجهة التحديات.
وكان رئيس الوزراء قد اشار الى الكثير من الظواهر التي تنال من وحدة الدولة ووحدة الارادة السياسية واضعاف سيادة الدولة، اذ اشار الى ممثليات لبعض الاقاليم في الخارج مع ان تمثيل العراق خارجيا هو من مهمة المركز،واعتراض بعض الاطراف على تسليح الجيش العراقي،فضلا عن امتلاك اقليم كردستان لقوات مسلحة ذات استقلالية خاصة عن الجيش العراقي،والمواجهات التي كادت تحصل بين المركز والاقليم في مدينة خانقين.
ويمكن الاشارة الى القوانين الخاصة المطبقة في اقليم كردستان التي يترتب عليها الكثير من انتهاكات حقوق الانسان، ووجود معتقلات في بعض مدن الاقليم خارج سلطة المركز وتدخله او علمه،وهذا مااشارت اليه بعض تقارير منظمات حقوق الانسان.
وعند الحديث عن السيادة فان الدولة الاتحادية هي المسؤولة عنها وهي المالك الوحيد لآليات تطبيقها والتعامل معها، ولايمكن للاقليم الدعوة لاقامة قواعد عسكرية لدولة اجنبية ،او اجراء عقود النفط ، او حرمان المواطنين العراقيين من دخول الاقليم الا مع توفر شروط خاصة. كل هذا يعني ان الاقليم يريد ان يصبح بديلا عن الدولة او هو في طريقه لاقامة دولته المستقلة ، اذ ان الكثير من التصرفات والسلوك السياسي لايمكن ان تقوم بها الا دولة ذات استقلالية وسيادة خاصة بها.
كانت ردود افعال واسعة بعضها مؤيد لماقاله رئيس الوزراء والبعض رافض له ولكن ماالحل؟ وما العمل؟ماذا على المركز ان يفعل حين تتفرعن الاطراف، وتتحول الى مجموعة من العصابات، فتكشر عن انيابها من اجل ان تصبح بديلا عنه؟ ولا ادري هل للاطراف من هيبة او سيادة بدون المركز؟
يتفق الجميع على ان المركز مركز والاطراف اطراف، اما ان تسلب المركز سيادته فهذا مالايمكن في ظل اية فيدرالية او نظام لا مركزي.
لماذا يتناسى البعض ان هناك مادة دستورية تشير الى استحقاق تعديل الدستور؟ ولولا هذه المادة وتثبيتها في متن الدستور ماكان هناك استفتاء على الدستور ولا كان هناك دستور اصلا، فالتعديلات الدستورية استحقاق دستوري قانوني يكتسب شرعيته من الدستور نفسه.
وليس ثمة دستور يتحول الى نص مقدس لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فلايمكن المساس به، بل ان معظم الدساتير تعرضت للتعديلات لعشرات المرات على وفق حاجات الواقع الموضوعي ومتطلبات اوضاع البلاد السياسية وتطوراتها.
واذا كان هناك من حصل على مكاسب في الدستور على حساب اخرين او على حساب وحدة العراق وسيادته فان الوحدة العراقية لابد ان يعاد لها توازنها وان اصابها الخلل في ظرف استثنائي.
الاطراف التي تطمح بل تسعى الى ان تصبح بديلا عن المركز هي عبء على المركز واضعاف له ووهن وافلاس لها ذاتها.