- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الخطاب الشعبوي ودوره في نجاح ترامب والمالكي..
حجم النص
بقلم: حيدر مرتضى علي مما أثار الانتباه والجدل معاً في الانتخابات التمهيدية الأمريكية، هو تصاعد شعبية رجل الاعمال الامريكي (دونالد ترامب) بعد أن وُصف ترشحه في بدايته بـ المزحة (Jok)، إلا أن هذه المزحة تطورت إلى حقيقة، بل أصبح اليوم أقرب وأقرب إلى البيت الابيض بالرغم من كل الاصوات التي تحذر من وصوله إلى سدة الحكم الامريكي. فبحسب تصريحات العديد من مراكز الأبحاث والدراسات والشخصيات السياسية والاقتصادية، والتي كان أخرها تصريح الدبلوماسي الأمريكي (جو بايدن)، الذي حذر فيه من أن وصول (ترامب) إلى البيت الأبيض سيؤدي إلى مشاكل عميقة للولايات المتحدة مع شرق أسيا والشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية! فلماذا يا ترى لا يرى الامريكيين هذه المشاكل المرتقبة؟ ولماذا ما زالوا يرون في (ترامب) الرئيس المخلص، وليس (هيلاري كلينتون) ؟! لعل من الأسرار التي تقف وراء هذه الشعبية المتنامية، هو (الخطاب الشعبوي)، الذي يتبناه (دونالد ترامب) في حملته الانتخابية، الذي يعتمد فيه على مداعبة مشاعر الجمهور الامريكي، والعزف على الأوتار الحساسة بطريقة مثيرة، وهذا الخطاب أكثر تأثيراً ونجاحاً من ذلك الذي تتبناه منافسته (هيلاري كلينتون) الذي يمكن وصفه بـ (الخطاب النخبوي) الذي تركز فيه أكثر على الدبلوماسية في حل المشاكل، وهو الخطاب الذي غالباً ما تقتنع به النخب وليس الجماهير! وإذا تأملنا النموذج (الترامبي) سنجد له شبيهاً في المجتمع السياسي العراقي، أنه رئيس الورزاء السابق (نوري المالكي)، الذي برع خلال فترة حكمه في توظيف المصطلحات التي تثير حماس الجمهور وتحرك عواطفه ومشاعره، وترفع ادرنين الافراد. فعلى الرغم من كثرة التقارير التي تحدثت عن دور رئيس الوزارء السابق المباشر وغير المباشر في العديد من المشاكل الامنية والاقتصادية والسياسية التي تواجه العراق اليوم، ودوره غير المباشر في إدخال العراق في نفق داعش المظلم، إلا أن الرجل ما زال يحظى بشعبية (كامنة)، لدى جمهور واسع لا يُستهان به؛ حيث ما زالت هذه الشعبية بالتذبذب بين النقصان والزيادة رغم تحذيرات العديدة من أن وصوله إلى الحكم مرة ثانية سيؤدي بالبلاد إلى استمرار الازمات العاصفة. على الطرف الاخر يقع العبادي ذو الخطاب النخبوي، فـ (حيدر العبادي) رغم انتماءه لنفس الفكر الحزبي، إلا إن ولادته وطفولته في العاصمة بغداد، ومن ثم أنتقاله للعيش والدراسة في العاصمة البريطانية لندن، جميع هذه الظروف الحضرية التي تهيأت له، أثرت بصورة عامة على تبلور نزعته الدبلوماسية وعقليته المؤسسية في إدارة الدولة. إن النجاحات العديدة التي أنجزها العبادي لغاية الآن رغم التحديات التي تواجهه، لم تسعفه في كسب ود الشعب العراقي، فهو استطاع خلال مدة وجيزة بتوجيه موارد الدولة لبناء جيش عراقي مهني، بالاضافة إلى نجاحه بانتزاع شرعية دولية بالحشد الشعبي، مع وضع استراتيجية شاملة لبناء اقتصاد متنوع قائم على إشراك القطاع الخاص.. إن كل هذه الانجازات التي حققها لم تشفع له عند الشعب العراقي الذي ما يزال ينظر إليه كشخصية فاشلة، عليها الرحيل، نعم، العبادي في خطابه النخبوي استطاع أن يصل إلى عقول النخب، ولكنه لم يستطيع أن يحصل على قلوب الجماهير التي ما زالت تميل إلى شخصية القائد الأوحد الذي يعيد أمجاد العراق. ويبقى رئيس الوزراء المنتظر في المرحلة القادمة والذي يستطيع أن ينجح بقيادة العراق إلى ضفة الامان، هو ذلك الذي يمتلك خطاباً شعبوياً يقود من خلال الجماهير، وبنفس الوقت يمتلك رؤية وفكراً مؤسسياً، وخطاباً نخبوياً قادراً على قيادة النخب وتوجيهها لبناء عراق ما بعد داعش..
أقرأ ايضاً
- رمزية السنوار ودوره في المعركة
- قصة نجاح عراقي
- الدعوة إلى تجديد الخطاب في المنبر الحسيني.. بين المصداقية ومحاولة تفريغ المحتوى