RSS
2025-12-30 11:42:19

ابحث في الموقع

في كربلاء المقدسة.. العتبة الحسينية تعالج الطفل "علي" من محافظة الانبار منذ سنتين (صور)

في كربلاء المقدسة.. العتبة الحسينية تعالج الطفل "علي" من محافظة الانبار منذ سنتين (صور)
ولد الطفل "علي حسين" في محافظة الانبار وترتيبه ليس الأول بين اخوته بشكل طبيعي وبما معروف عن قلب الأُم وحرصها ومتابعتها لأبسط التفاصيل عن أولادها لاحظت أُمَّه أن ولدها بعد ان أصبح عمره سنة ونصف السنة يميل الى العزلة والانزواء ولا يتكلم مع احد ولا يرد على أي سؤال، وبحرص وحنان الام تيقنت انه يحتاج الى طبيب مختص، فراجعت به مجموعة من الأطباء المتخصصين بعلاج التوحد واضطراب النمو في محافظتها الانبار ولم ترى تحسنا فذهبت به الى العاصمة بغداد وراجعت اكثر من طبيب، ولكن دون جدوى فشدت به الرحال الى محافظات إقليم كردستان العراق، وكذلك لم يطرأ اي تحسن على حالته، حتى اخذت بنصيحة طبيب وجاءت الى مدينة الحسين (عليه السلام) كربلاء المقدسة ليجد ضالته في اكاديمية السبطين لعلاج التوحد وتتحسن حالته بشكل ملفت للنظر.

لوعة أم

تتحدث "ام علي" عن حالة ولدها الذي يبلغ من العمر الآن (6) سنوات وكيف عانت منذ أعوام من تأزم حالته وكيف وصلت الى كربلاء المقدسة قائلة لوكالة نون الخبرية ان "ولدي عمره الآن ستة سنوات وكان ينطق ويتحرك ويستجيب بشكل طبيعي منذ كان عمره سبعة اشهر، وعندما بلغ عام ونصف العام من عمره شعرت بأنه تحول الى طفل يختلف عن باقي الأطفال حيث اصبح لا ينطق وليس لديه تركيز، وبقي فترة من الزمن على هذه الحالة ويميل الى الانزواء واصبح منعزل ولا يحب الاختلاط، ولكون عندي أطفال غيره لاحظت بسرعة الفارق الكبير بينه وبين اخوته وظهور هذه الاعراض لديه التي جعلته مختلف تماما، فراجعت به أطباء متخصصين بعلاج هذا المرض في عياداتهم الخاصة بمحافظة الانبار، ولم اكتفي بذلك بعد ان تيقنت عدم حصول اي تحسن على حالته، فسافرنا الى العاصمة بغداد وراجعنا أطباء متخصصين آخرين، وكذلك لم نجد علاجا يجعلنا نشعر ان حالة "علي" تحسنت ولو قليلا، فشدينا الرحال الى إقليم كردستان وذهبنا الى أطباء متخصصين في محافظتي أربيل والسليمانية، واستمريت لمدة (3) سنوات اراجع به الأطباء حتى بلغ الرابعة والنصف من عمره، وكذلك لم نرى أي تطور إيجابي في حالته".

نصيحة طبيب

بعدما عجزت عائلة الطفل "علي" من إيجاد حل او علاج لابنها عادت الى طبيب في محافظة الانبار فأسدى لهم نصيحة واخذوا بها فكانت بدايات الفرج لشفاء ولدهم تقول عنها والدته "نصحنا طبيب في الانبار ان نراجع اكاديمية السبطين في محافظة كربلاء المقدسة واصفا إياها بأنها مؤسسة عالمية في علاج أطفال التوحد، وبالفعل حزمت أمري وجئت به في نهاية العام (2023) وهي المرة الأولى التي ازور بها محافظة كربلاء المقدسة، واقولها بتجرد وصراحة وجدنا قمة الاحترام للأطفال وذويهم، وقد احتضنونا واستطيع ان اسميهم ملوك الإنسانية وخاصة مديرة الاكاديمية الدكتورة "شذى العوادي"، التي استقبلت ولدي في العيادة الاستشارية وقدمت لنا الكثير من المساعدات وشخصت حالته على الفور بأنه مصاب بـ"طيف التوحد" ويحتاج ان يدخل الى الاكاديمية وخضع لمدة عام كامل الى جلسات علاج فردية يومية، وكنت أسكن هنا في كربلاء المقدسة لمدة شهرين او ثلاثة واعود الى عائلتي في محافظة الانبار ثم اعود به للعلاج"، مشددة بالقول ان "ولدي بدأت عليه علامات الاستجابة للعلاج والتدريب منذ الأسبوع الأول لانتظامه بالدوام في الاكاديمية ولاحظت الفرق الذي طرأ عليه بسرعة، بعد ان جئت به وكأنه (صم بكم لا يستجيب لشيء)، فلا يلبي الأوامر وانا متيقنة انه ذكي ويفهم ما اريد منه".

بوادر العلاج

وتستمر "ام علي" في سرد قصة ولدها وعلاجه قائلة" في الأسبوع الأول بدأ يستجيب ويجيبني عندما أساله عن اسمه قائلا "انا علي حسين"، وكم عمرك "اربع سنوات" وكان هذا عمره حينها، وصار يفرق بين الأشياء ويقول هذه "وردة" وهذا "باب"، وقد التفت له من كان حولي عندما خضع للتدريب وهو امر ادخل السرور الى قلبي، ومنها صار عندي أمل وإصرار ان استمر بعلاجه في هذه الاكاديمية لأوصله الى اعلى درجات العلاج والتدريب"، لا سيما اني "وجدت مدربات ومعلمات يمتلكن من المهنية والإنسانية والرقي اعلى المراتب، حتى وصل الامر اني اشعر انه تعلق واحب المدربة اكثر مما يحبني لما يبذلنه من جهود جبارة في علاج الأطفال وتدريبهم ويعطين الرعاية والحنان بما لا يوصف، ومنذ نهاية العام (2023) أي قبل حوالي سنتين وهو يتدرب هنا في الاكاديمية، واستطيع القول ان نسبة تعافيه ارتفعت خلال هذه المدة من (20) بالمئة الى (90) بالمئة، وصار ينطق ويكون الجملة ويتطور في تعامله نحو الاحسن حتى بت اشعر به طفل واعي وسوي، حتى وصل الامر ان بعض الأمهات عندما يشاهدن تصرفاته يخبرنني انه سليم ولا يحتاج الى علاج، واصبح تعامله مع العائلة واخوته بشكل طبيعي بل اصبح مدربا يطبق كل ما يتعلمه من مدربته على افراد العائلة، ولم يقتصر العلاج على تدريب ولدي بل دربوني أيضا على كيفية التعامل معه ويعطوني المهام الواجب تنفيذها بشكل يومي وربطوا حلقتي الاكاديمية والبيت في العلاج بتواصل مستمر عبر الحضور او الاتصال الهاتفي"، وشددت بالقول انا "انصح جميع العائلات التي لديها مثل حالة ولدي ان تأتي به الى هنا لعلاجه بل انا شعرت اني فعلا احتاج الى هذا التدريب في كيفية التعامل مع اطفالي".  

منذ سنتين

لتكتمل صورة علاج ابن الانبار الطفل "علي" ادلت مدير اكاديمية السبطين الدكتور "شذى محمـد العوادي" برأيها لوكالة نون الخبرية قائلة ان "الطفل "علي" جاءت به امه الى الاكاديمية قبل سنتين عند طريق توصية من الدكتور "عمر" من محافظة الانبار وهو طبيب تخصص دقيق امراض عصبية للأطفال وهو زميل لنا وعلى معرفة بما يقدم عندنا من خدمات علاجية موثوقة، ونظرا لانهم يسكنون في محافظة بعيدة عن كربلاء والام عندها أطفال آخرون يحتاجون رعايتها وضعنا لولدها برتوكول تدريبي ببرنامج مكثف، وقدم لها أهالي كربلاء المقدسة العون في توفير السكن المجاني لها، وباشرنا بإجراء الجلسات اليومية لولدها حسب مدة بقائها في كربلاء لشهر او عشرون يوما، واعطائها التعليمات الخاصة بكيفية التصرف معه في البيت، حتى لا ينقطع الطفل عن البرنامج التدريبي الذي يخضع له، حيث شخصت حالته بأن لديه اضطراب طيف التوحد، ثم طلبت الام ان تحضر كل شهرين على ان يكون دوام ولدها يومي في الاكاديمية، واستجبنا لطلبها وبدأت تشاهد التحسن الذي طرأ على حالة ولدها وصار عندها حافز وإصرار على استمرار علاجه وتدريبه، وصارت تأتي لتبقى اشهر عدة في كربلاء لديمومة تدريب ولدها، وهو امر يسمح لنا بإدخال الطفل "علي" دوام كامل في الاكاديمية، حيث باشرنا بعلاج التوحد لأول وهلة ثم التدريب على النطق والتواصل وغيرها من المهام، وحتى عندما تذهب الى عائلتها في الانبار يبقى المعالجون على تواصل معها عبر "كروب" على تطبيق "الواتساب" ليزودوها بالتعليمات، وتحسنت حالته بشكل كبير ولافت للنظر"، مبينة ان" الطفل "علي" هو واحد من (12) طفل من محافظة الانبار تلقوا العلاج في الاكاديمية إضافة الى طفلين من محافظة صلاح الدين و(8) أطفال من محافظة ديالى وطفلين من محافظة كركوك، ناهيك عن اعداد كبيرة جدا أخرى من محافظات شتى".


قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير: عمار الخالدي
كرار الاسدي

كرار الاسدي

كاتب في وكالة نون الخبرية

التعليقات

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!