ابحث في الموقع

الانفجار الكردي المؤجل.. من أشعل فتيل لاجان؟

الانفجار الكردي المؤجل.. من أشعل فتيل لاجان؟
الانفجار الكردي المؤجل.. من أشعل فتيل لاجان؟
شهدت قرية لاجان في قضاء خبات بأربيل توتراً أمنياً غير مسبوق، بعدما تحولت تظاهرة مطلبية إلى اشتباكات مسلحة بين القوات الأمنية التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني ومسلحين من عشيرة الهركي، ما أدى إلى نزوح مئات العوائل وتصاعد الاتهامات المتبادلة بين الأطراف الكردية.

وفيما يؤكد الحزب الديمقراطي أن “جهات داخلية وخارجية” تقف خلف الأحداث وتسعى لضرب استقرار أربيل، يصف سياسيون معارضون ما يجري بأنه “سياسة قمعية” تمارسها السلطة ضد المحتجين. في المقابل، ينفي الاتحاد الوطني الكردستاني أي علاقة له بالأحداث، ويعتبرها “خلافاً داخلياً بين الديمقراطي وأنصاره”، في وقت تحدثت مصادر عن وساطات عشائرية ورسائل من بغداد والأمم المتحدة لاحتواء الأزمة ومنع تفاقمها.

ويقول عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني إدريس شعبان، إن “هناك أطرافاً سياسية وجهات خارجية تسعى بشكل واضح إلى خلق الفوضى في أربيل، بدوافع خاصة بها، وضمن محاولات مستمرة لضرب الحزب الديمقراطي الكردستاني بأي وسيلة ممكنة، وما جرى في منطقة لاجان مؤخراً تم التعامل معه بأعلى درجات الالتزام والمسؤولية من قبل الحزب والحكومة، وبما ينسجم مع القانون والمؤسسات الرسمية في الإقليم”.

ويضيف شعبان أن “الحزب الديمقراطي الكردستاني لا يقبل أبداً بأي تجاوز على القانون أو المساس بالأمن العام، لكن ما جرى هو استغلال إعلامي من قبل بعض القنوات والجهات المغرضة، التي ضخّمت الأحداث وروّجت روايات غير دقيقة لخدمة أجنداتها السياسية”، مبيناً أن “هذه الجهات تحاول تشويه صورة الحزب والتأثير على استقراره في مرحلة حساسة، وهو أمر مرفوض تماماً”.

ويتابع أن “الحكومة في الإقليم ملتزمة بمحاسبة كل من تسبب في الفوضى أو شارك في أعمال الشغب، وفق الإجراءات القانونية السليمة، ولن تتهاون مع أي محاولة لتقويض النظام العام”، وفيما أكد أن “الأطراف التي أثارت القضية هي نفسها التي تحاول التغطية على فشلها السياسي والإداري، بعد أن استخدمت الأسلحة الثقيلة ضد مواطنيها وروّعت الأهالي في مناطق أخرى”، لفت إلى أن “حكومة الإقليم ماضية في تلبية المطالب المشروعة للمتظاهرين ضمن إمكانياتها القانونية والإدارية، بعيداً عن التحريض ومحاولات التسييس التي تقودها بعض الأطراف المنافسة”.

وشهدت قرية لاجان في قضاء خبات بمحافظة أربيل، توترات أمنية كبيرة، على أثر تظاهرة قام بها أهالي القرية مطالبين بالتعيين في مصفى لاناز النفطي. ويوم أمس الاثنين، تطور الوضع إلى صراع مسلح بين الأجهزة الأمنية التابعة للحزب الديمقراطي مع مسلحين من عشيرة الهركي.

وينتمي سكان قرية لاجان إلى عشيرة الهركي، إحدى أكبر العشائر الكردية في العراق، وأغلبهم من المسلحين، ودائما ما تتجدد الأحداث المسلحة، والاشتباكات بين أبناء العشيرة، وبين الأجهزة الأمنية.

وتنقسم عشيرة الهركي إلى قسمين، وتنتشر إلى شطرين، القسم الأول برئاسة خورشيد هركي، والذي ينتمي للحزب الديمقراطي، ويتمتع بإمتيازات كبيرة، ونفوذ مسلح، فيما يقود القسم الآخر، جوهر هركي، والذي ينتمي للاتحاد الوطني الكردستاني، ويعيش في مدينة السليمانية.

من جهته، يجد السياسي الكردي فائق يزيدي، أن “الأحداث الجارية في قضاء خبات تعبّر بوضوح عن النهج القمعي الذي يمارسه الحزب الديمقراطي الكردستاني ضد كل من يعارضه أو يطالب بحقوقه المشروعة، في مواجهة سياسة العائلة الحاكمة التي باتت تتحكم بمفاصل القرار في الإقليم”.

ويصف يزيدي المشهد الحالي بأنه “يمثل نسخة جديدة من حملات الأنفال التي مورست سابقاً ضد الشعب الكردي، بعدما شاهدنا صوراً ومشاهد أعادت إلى الأذهان مأساة الهجرة القسرية في عهد نظام صدام حسين”.

ونزح المئات من أهالي قرية لاجان في قضاء خبات، بسبب استمرار المعارك بين مسلحي العشائر الكردية، والأجهزة الأمنية في أربيل.

ويضيف يزيدي أن “ما يجري حالياً يرقى إلى مستوى الإبادة الاجتماعية والسياسية، إذ يتم قمع المطالب المشروعة لأهالي المنطقة باستخدام القوة، بدلاً من الإصغاء إلى معاناتهم وتلبية حقوقهم الأساسية”، مبيناً أن “إصرار الحزب الديمقراطي على العنف وتجاهل المطالب الشعبية يعكس حالة الفشل في إدارة الأزمات المتراكمة داخل الإقليم، خصوصاً في ظل التدهور الاقتصادي وتراجع الثقة بين المواطن والسلطة”.

ويتابع أن “العشائر الكردية تمثل ركناً أساسياً من النسيج الاجتماعي في كردستان، ويجب التعامل معها بمسؤولية عالية، لأن استمرار نهج القمع سيقود إلى نتائج كارثية تهدد استقرار الإقليم بأكمله”، داعياً في ختام حديثه “الحكومة الاتحادية في بغداد إلى التدخل بشكل عاجل، باعتبار إقليم كردستان جزءاً من الدولة العراقية، وأن من واجبها الدستوري حماية المواطنين في الإقليم من الانتهاكات ومحاسبة المتسببين بما يجري”.

ويأتي سبب اندلاع تظاهرات أهالي قرية لاجان، المطالبة بإغلاق المصفى النفطي، لأنهم تلقوا وعدا بالتعيين قبل الانتخابات، لكن وعودهم لم تنفذ، والمصفى يعود إلى ياسر منصور مسعود بارزاني، ولاناز هي نجلة منصور مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان.

وفي التطورات الميدانية، أعلنت اللجنة الأمنية في أربيل اعتقال ما يسمى بالشخص المحرض على إثارة الفوضى، ويدعى نيجيروان عيسى ميرمسو، بتهمة حيازة الأسلحة واستهداف المؤسسات الاقتصادية، وذلك عقب محاولة هروبه عبر طريق أربيل- كركوك، مؤكدة أن جميع من تسببوا في زعزعة الاستقرار وارتكاب أعمالا تخريبية سيواجهون القانون، وستواصل اللجنة أعمال التحقيق في تفاصيل الجهة التي تقف خلف الأحداث الأخيرة.

وأعلن محافظ أربيل أوميد خوشناو، من جهته، ليلة أمس عن انتهاء الاضطرابات الأخيرة في قضاء خبات وتحديدا في قرية لاجان، وعودة العوائل النازحة.

وبحسب معلومات، فأن عددا من شيوخ ووجهاء عشيرة الهركي اجتمعوا مع قيادة الحزب الديمقراطي، ومع أحد مستشاري رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني.

وتؤكد مصادر خاصة أن “حكومة الإقليم وعدت بتنفيذ مطالب أهالي قرية لاجان، بشرطة تسليم الأسلحة الثقيلة لعشيرة الهركي، والإبقاء على الأسلحة الخفيفة والمتوسطة”.

وتوضح المصادر، أن “حكومة الإقليم تلقت عدة رسائل من الحكومة الاتحادية، ومن القنصلية الأمريكية، ومكتب الأمم المتحدة في العراق، يدعوها لضرورة إيجاد الحل السريع لأحداث خبات”.

واتهمت وزارة الداخلية في حكومة إقليم كردستان أطرافاً داخلية وخارجية، بأنها تسعى لخلق الفوضى، والقيام بأعمال شغب، في إقليم كردستان، وتحديداً بمدينة أربيل.

من جهته، يعلق القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني غياث سورجي، بشأن الاتهامات التي توجه إلى الاتحاد الوطني في الأحداث الأخيرة في قضاء خبات بأن “لا أساس لها من الصحة، وهي محاولات لتضليل الرأي العام”.

ويضيف أن “نحو 90 بالمئة من سكان قرية لاجان، التي شهدت الاضطرابات الأخيرة، هم من مؤيدي الحزب الديمقراطي الكردستاني وصوّتوا له في الانتخابات الماضية، كما أن أغلبهم من منتسبي الأجهزة الأمنية التابعة له، من البيشمركة والآسايش، ما يعني أن ما جرى هو خلاف داخلي بين الحزب وأنصاره”.

ويتابع سورجي أن “توجيه أصابع الاتهام إلى الاتحاد الوطني أمر معيب وغير منطقي، لأن حزبه لم يكن له أي دور أو مصلحة في ما حدث”، مشدداً على أن “المرحلة الحالية تتطلب الابتعاد عن التصعيد الإعلامي والسياسي، والتوجه نحو الإسراع بتشكيل حكومة الإقليم الجديدة لإدارة الأزمات المتراكمة بروح من المسؤولية”.

ويجد أن “الأحداث الأخيرة تؤكد ضرورة معالجة المشكلات بالحكمة وضبط النفس، لا باستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين الذين خرجوا للمطالبة بحقوقهم المشروعة”، داعياً “السلطات في الإقليم إلى اعتماد الحوار بدلاً من العنف، واحتواء الأزمة بما يحفظ الأمن ويصون كرامة المواطنين”.



المصدر: العالم الجديد
التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!