بعد اتفاقية إدارة المياه مع تركيا، التي تنازلت فيها حكومة السوداني عن إدارة مياه العراق ومشاريعها في أنهاره لتديرها تركيا مقابل جزء كبير من عائدات نفطه، وبشروط مذلة وخطيرة، منها وجوب أن يصدر العراق معظم نفوطه عبر تركيا وليس عبر موانئ البصرة، جاءت الأخبار لترسم لنا ملامح كارثة جديدة وافقت عليها حكومة السوداني.
يقول الخبر أن الحكومة العراقية وقعت من حيث المبدأ عقود “مشاركة في الإنتاج” مع شركة إكسون موبيل الأميركية والتي كانت قد انسحبت من المشروع بدعوى قلة أرباحها بموجب عقود الخدمة. وعقود المشاركة في الإنتاج كان قد رفضها العراق منذ اكتشاف النفط فيه وحتى خلال حكم المحاصصة الطائفية منذ سنة 2005، باستثناء المناطق التي يسيطر عليها ويديرها حزبا آل بارزاني وآل طالباني.
لتوضيح الفرق بين هذين النوعين من العقود أقول: إن عقود المشاركة في الإنتاج تعني ان يتعاقد العراق مع شركات أجنبية للعمل في إنتاج النفط مع الدولة العراقية ويكون للشركات نصف العائدات والنصف الآخر للعراق. أما عقد الخدمة فتعني أن يتعاقد العراق مع شركات اجنبية للقيام بمهمات وأعمال محددة كالمسح أو الحفر أو الاستخراج… مقابل ثمن محدد وفق السوق العالمية وفي هذه الحالة تعود الأرباح كلها إلى العراق ومنها يسدد ثمن عقود الخدمات المقدمة وهي قد لا تتجاوز 10 إلى 15 بالمئة من العائدات.
لنكون على بينة من كارثة عقود الإنتاج التي جربها البارزاني يخبرنا الخبير النفطي العراقي نبيل المرسومي نقلا عن “تقارير شركة ديلويت العالمية المكلفة بتدقيق حسابات نفط كردستان أن الشركات الأجنبية حصلت على 56٪ من عائدات النفط لتغطية نفقات الانتاج والنقل والتسويق وأرباح الشركات الأجنبية، ولم يحصل الإقليم سوى على 44٪ فقط من العائدات النفطية!
هذه الحسبة سوف تتكرر جنوباً بعد موافقة حكومة السوداني على عقود مشاركة في الإنتاج مع شركة إكسون موبيل مبدئيا وسيخسر العراق أكثر من نصف عائداته ولا يخفى على اللبيب دوافع هذا التفريط وأهمها دافع الحصول على موافقة ترامب ولاية ثانية للسوداني وجماعته!
يفاوض السوداني أكسون موبيل الأميركية على “تقاسم الأرباح” وهو الاسم الجديد السري لعقود المشاركة في الإنتاج في حقل مجنون في الجنوب على بعد 60 كيلومترا من البصرة، وهو أحد أكبر حقول النفط في العالم، إذ يُقدّر احتياطيه بنحو 38 مليار برميل! وهذا يعني تفريطا هائلا بالثروة النفطية العراقية يقوده رئيس مجلس الوزراء والمتهالك على ولاية ثانية محمد شياع السوداني.
وبعد أن كافح الخبراء العراقيون الوطنيون والكوادر المخلصة للعراق على قلتهم في وزارة النفط طويلا ضد عقود المشاركة في إنتاج النفط التي تجعل الشركات الأجنبية شريكا في الأرباح، ونجحوا حتى الآن في منعها واعتماد طريقة عقود الخدمات – باستثناء حقول النفط في مناطق نفوذ البارزاني كما قلنا، هاهي حكومة محمد السوداني تتفاوض مع عملاق النفط الأميركي أكسون موبيل وتوافق على “تقاسم الأرباح” وقد استنتج الخبير النفطي نبيل المرسومي من هذا الخبر أن أي حكومة عراقية قادمة سيُفرض عليها إحالة كل حقول الجهد الوطني (أي التي تديرها شركة النفط الوطنية العراقية – نفط الجنوب) المنتجة للنفط الى الاستثمار من قبل الشركات الامريكية وبصيغة عقود المشاركة بالإنتاج!
الشركة الأميركية إكسون موبيل كانت قد انسحبت من عقود نفطية مع العراق بسبب قلة أرباحها، ويبدو أن حكومة السوداني تريد إرضاء الجانب الأميركي وتجديد ولاية محمد السوداني فبادرت الى مفاوضات جديدة وتوقيع عقود مع أكسون موبيل وعقدت معها عقود جديدة.
أكد الخبير النفطي العراقي الناطق باسم وزارة النفـــــط السابق، عاصم جهاد، قال صراحة إن اتفاق المبادئ الأخير بين العراق وشركة “إكسون موبيل”، يتجاوز البعد الاقتصادي ليخدم أهداف العراق في تحقيق توازن سياسي واقتصادي في علاقاته النفطية مع واشنطن، خاصة في ظل التنافس الأميركي الصيني والمتغيرات الإقليمية والدولية.
وأضاف: “ويجري حاليا بحث الانتقال من صيغة عقود الخدمة الفنية التقليدية (المعتمدة منذ 2009) إلى صيغ أكثر توازنا، مثل عقود المشاركة في الأرباح أو الشراكة في الإدارة”.
أي أن حكومة السوداني تخلت عن عقود الخدمات ووقعت على عقود مخالفة للدستور العراقي الذي ينص على أن النفط العراقي ملك للشعب العراقي وجعلت من الشركات الأجنبية الأميركية شريكا لهذا الشعب في ثروته يتقاسم معه الأرباح!
الخلاصة ..
حكومة السوداني وقعت ولأول مرة عقدا استثماريا مع شركة أكسون موبيل الأميركية من نوع عقود المشاركة في الإنتاج والأرباح وليس عقد خدمات كما كان العراق يفعل منذ اكتشاف النفط في العراق.
الهدف هو إرضاء الجانب الأميركي حيث كانت شركة أكسون موبيل قد تخلت عن عقدها السابق وغادرت العراق نظرا لقلة الأرباح كما قالت فحاول السوداني إرضاءها وإرضاء ترامب عساه يفلح في اقتناص الولاية الثانية! فهل سنشهد قريبا هيمنة الشركات الأمريكية على النفط العراقي كما تساءل المرسومي في آخر منشور له على صفحته.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!