يتجه العراق بخطوات متسارعة نحو تعزيز إنتاجه من الطاقة المتجددة، عبر إنشاء حقول واسعة للطاقة الشمسية تعد من بين أكبر المشاريع الاستراتيجية في المنطقة، بهدف تنويع مصادر الكهرباء وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري والغاز المستورد.
ويؤكد خبراء اقتصاديون أن هذا التوجه يمثل حلاً مزدوجاً يُسهم في إنتاج الكهرباء من جهة، واستغلال الأراضي المغطاة بالألواح الشمسية لأغراض الزراعة وتربية الحيوانات من جهة أخرى، إلى جانب دعم توجهات الحكومة لتشجيع المؤسسات الحكومية والمباني الخدمية التي تعمل نهاراً على اعتماد منظومات الطاقة الشمسية في أسطحها وكراجاتها لتخفيف الأحمال عن الشبكة الوطنية.
الخبير الاقتصادي الدكتور عدنان بهية أوضح في حديثه لـصحيفة الصباح الرسمية وتابعته وكالة نون أن مشروع التوسع في الطاقة الشمسية يمثل خطوة إصلاحية واقتصادية في آن واحد، إذ يتيح للمنازل والمؤسسات إنتاج حاجتها من الكهرباء بشكل مستقل، داعياً إلى تفعيل مبادرة القروض الميسّرة للمواطنين لشراء منظومات الطاقة الشمسية، وتمكينهم من تنفيذ مشاريع صغيرة تُسهم في تقليل الضغط على الشبكة العامة.
وأشاد بهية بتوجه وزارتي النفط والكهرباء نحو التوسع في استثمار الغاز المصاحب للنفط الذي تُحرق منه حالياً نحو 33 بالمئة من الكميات المنتجة، مشيراً إلى أن تحويل هذا الغاز إلى مصدر نظيف لتوليد الكهرباء سيقلل من الهدر ويحقق مكاسب بيئية واقتصادية كبيرة. كما دعا إلى تشجيع المستثمرين في القطاع العقاري على إنشاء مجمعات سكنية تعتمد منظومات كهرباء ذاتية من الطاقة الشمسية، بما يضمن استدامة الإمدادات ويخفف من فاتورة الطاقة المستوردة.
وأشار بهية إلى أهمية إيجاد بدائل غازية داخلية جديدة ومنافذ استيراد متعددة لتجاوز التعقيدات الحالية، مبيناً أن التوسع في الطاقة الشمسية يمثل الحلَّ الأسرع والأكثر كفاءة لتحقيق أمن الطاقة وتقليل الكلف المالية التي تتحملها الدولة.
من جانبها، أكدت عميد كلية اقتصاديات الأعمال في جامعة النهرين الدكتورة نغم حسين أن التحول العالمي نحو الطاقة المتجددة يتطلب استثمارات ضخمة تصل إلى نحو أربعة تريليونات دولار سنوياً حتى عام 2030، لتحقيق هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وأوضحت حسين أن هذه الاستثمارات ليست عبئاً بقدر ما هي استثمار طويل الأمد يحقق عوائد اقتصادية وبيئية كبيرة، إذ تُقدّر الأمم المتحدة أن التحول إلى الطاقة النظيفة قد يوفر للاقتصاد العالمي ما يصل إلى 42 تريليون دولار سنوياً بحلول عام 2030، فضلاً عن تقليل معدلات التلوث وأضرار التغير المناخي.
وبيّنت أن وكالة الطاقة الدولية تتوقع زيادة القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة عالمياً بمقدار الثلث خلال السنوات القليلة المقبلة، مؤكدة أن هذه السياسات ستُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر التوسع في مصادر نظيفة ومستدامة، في وقت بات فيه تغير المناخ التحدي البيئي الأكبر الذي يهدد الأمن الغذائي والموارد الطبيعية في العالم.
ويُجمع الخبراء على أن العراق يمتلك مؤهلات طبيعية كبيرة لتطوير مشاريع الطاقة الشمسية، من بينها ساعات السطوع العالية والمواقع الجغرافية المناسبة، ما يجعله قادراً على التحول إلى مركز إقليمي للطاقة النظيفة إذا ما تم استثمار هذا المورد بالشكل الأمثل وربطه بخطط التنمية الاقتصادية
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!