
في الوقت الذي تشير فيه تقارير صحفية، إلى وجود مولدات كهربائية وهمية مسجلة رسميا ضمن قوائم وزارة النفط، وتتلقى حصصا منتظمة من وقود “الكاز” المجاني مدعومة من جهات متنفذة، دون أن يكون لها أي وجود فعلي على الأرض، حدد مجلس محافظة بغداد، تسعيرة الأمبير للشهر الجاري، الأمر الذي وصفه أصحاب بعض المولدات بـ”البعيد عن الواقع” والمجحف بحقهم.
وقال أبو نور، صاحب مولدة أهلية في منطقة شارع فلسطين، وسط العاصمة بغداد، إن “هناك إجحافا بحق اصحاب المولدات الأهلية من قبل الحكومة، حيث إنها تعلم جيدا أن نصف طوابير الكاز المجاني تذهب لأصحاب مولدات وهمية (على الورق فقط) وما يستحصل منه يتم بيعه في السوق السوداء بثلاثة أضعاف المبلغ”.
وأضاف، أن “الأرقام الساخنة التي وضعتها المحافظة بشأن تحديد سعر الأمبير سوف يتسبب بتركنا للمهنة، لأن الكثير منا لم يحصل على وقود مجاني، وأسعار الكاز في السوق السوداء غالية جدا”.
إلى ذلك، وجه محافظ بغداد، رؤساء الوحدات الإدارية بتكثيف الجهود الميدانية لمتابعة مدى التزام أصحاب المولدات الأهلية والحكومية بتسعيرة الأمبير لشهر تموز، مؤكدا على “أهمية الحزم وعدم التهاون مع المخالفين”.
وأشار إلى “ضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية الفورية بحق أي جهة تتجاوز التسعيرة المقررة، لا سيما مع ارتفاع درجات الحرارة، وتوزيع الوقود مجانا، إلى جانب توجيهات مجلس القضاء الأعلى، مبينا أنه “بحسب قرار مجلس محافظة بغداد، فقد تم اعتماد التسعيرة التالية للأمبير لشهر تموز: 10,000 دينار للأمبير الواحد للمولدات الحاصلة على حصة وقودية، و 13,000 دينار للأمبير الواحد للمولدات غير المشمولة بالوقود المجاني”.
وتابع البيان “سيكون التشغيل وفق نظام ذهبي فقط، ولمدة 24 ساعة يوميا، لضمان استمرارية التيار الكهربائي للمواطنين”، داعيا المواطنين إلى “الإبلاغ عن أي مخالفة أو تجاوز عبر الخط الساخن: 5635”.
وكانت تقارير صحفية، كشفت أمس الثلاثاء الماضي، عن فضيحة تتعلق بوجود مولدات كهربائية وهمية مسجلة رسميا ضمن قوائم وزارة النفط (الشركة العامة لتوزيع المنتجات النفطية)، وتتلقى حصصا منتظمة من وقود “الكاز” المجاني والمدعوم في وقت لاحق، من دون أن يكون لها أي وجود فعلي على الأرض، مبينة أن “هذه المولدات، التي لا تتجاوز كونها أسماء على الورق، تحوّلت إلى بوابة للتربح غير المشروع، إذ يتم بيع الوقود المخصص لها في السوق السوداء بأسعار مضاعفة، بتواطؤ من بعض موظفي الدولة وتسهيلات إدارية مشبوهة”.
وأشارت التقارير إلى أن “هذه الشبكات لا تعمل لوحدها، بل هي مرتبطة بجهات محلية متنفذة، تستغل نفوذها لتوقيع المستندات الرسمية والتلاعب في سجلات التوزيع، ما يؤدي إلى حرمان المولدات الأهلية العاملة فعلا من حصصها المشروعة”.
وقرر مجلس الوزراء، في 11 آيار الماضي، تجهيز المولدات الأهلية بوقود “الكاز” بشكل مجاني، خلال الشهور الثلاثة المقبلة؛ حزيران، وتموز، وآب، على أن لا تقل ساعات تجهيز الكهرباء من المولدات الأهلية عن 12 ساعة في اليوم، وبالتناوب مع الكهرباء الوطنية.
جاء ذلك، بالتزامن مع تصريحات عضو مجلس محافظة بغداد، علا التميمي، في حينها، عن “شبكات مشبوهة” مؤلفة من مدير ناحية، ومختار، وبعض من منتسبي الأجهزة الأمنية، بالتعاون مع أصحاب المولدات، لإطفاء وتشغيل الكهرباء في كثير من المناطق.
ويستمر بعض أصحاب المولدات في بغداد بفرض تسعيرات باهظة، وصلت خلال الشهر الماضي إلى 20 ألف دينار للأمبير الواحد، فيما لم ترتفع ساعات التجهيز بالمنظومة الوطنية عن 15 ساعة في أفضل المناطق، كالمجمعات السكنية الحديثة، ومناطق مركزي الكرخ والرصافة، بينما وصلت في بعض مناطق أطراف العاصمة إلى أقل من 6 ساعات تجهيز في اليوم، بواقع ساعة تشغيل واحدة مقابل5 ساعات إطفاء، ولم تنج من هذا التراجع سوى المناطق التي تعتمد على نظام الخصخصة، التي حافظت على كهرباء مستمرة على مدار 24 ساعة.
ومنذ آذار الماضي، والعراق مستمر بتدارك الانعكاسات السلبية، لسريان قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الخاص بإنهاء الإعفاءات التي منحتها واشنطن لبغداد، المتعلقة باستيراد الغاز والطاقة الكهربائية من إيران، من خلال عدد من الخطوات، من بينها إنشاء منصة عائمة في البحر.
وخلال الأشهر الماضية تعاني معظم مناطق العراق من أزمة شح في مادة الكاز، بسبب استهلاك كميات كبيرة من قبل وزارة الكهرباء، إثر توقف استيراد الغاز من الدول المستوردة لتشغيل محطات الكهرباء، فضلا عن توقف shutdown مصفى كربلاء والذي من المفترض ان لا يتوقف أو يخضع الى صيانة إلا بعد 4 سنوات، وهذا ما يثبته العقد مع الشركة الكورية، بحسب التصريحات الرسمية.
ويعتمد العراق منذ سنوات طويلة، على استيراد الكهرباء والغاز من إيران، وخاصة في ذروة فصل الصيف، ويعتمد بهذا على الإعفاءات الأمريكية المستمرة، والتي تصدر أكثر من مرة خلال كل عام.
ولجأ العراقيون إلى المولدات الكهربائية منذ نحو ثلاثة عقود لتأمين ساعات أضافية من الكهرباء، كبديل وحيد لسد العجز المتزايد في التجهيز، بعد تدمير البنى التحتية وشبكات الطاقة إثر حرب الخليج الثانية، ومع تقادم عمر المحطات الكهرو-مائية فضلا عن التزايد السكاني والتوسع في استخدام الأجهزة الكهربائية وعلى رأسها المكيفات.
وفشلت الحكومات المتعاقبة، في معالجة المشكلة، رغم إنشاء محطات انتاجية جديدة، واستمر العجز نتيجة تضاعف الاستهلاك وفشل بعض المشاريع وتردي شبكات النقل، ما يضطر السكان وأصحاب الأعمال الى استخدام المولدات الأهلية لسد النقص.
وتعد أزمة الكهرباء، واحدة من أبرز الأزمات التي شهدتها البلاد منذ الغزو الأميركي عام 2003، ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة من تجاوزها، على الرغم من إنفاق نحو 41 مليار دولار في هذا القطاع، وفقا لتقارير رسمية، وأكثر من ذلك، بناء على تقارير غير رسمية.
المصدر: العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- حشود الزائرين وقفت باكية.. فنانون حسينيون يجسدون خروج السبايا من كربلاء الى الكوفة قرب الحرم الحسيني
- جاؤوا من مدينة حيدر آباد.. زائرون من الهند ينصبون موكب خدمة حسينية في كربلاء
- يخدم فيها (40) افريقيا واسيويا... هيئة عاشوراء تقدم (200) الف وجبة طعام مميزة للزائرين في كربلاء