لطالما كان إنشاء الجسور من أولويات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، إلا أن الأمطار الغزيرة الأخيرة والسيول الجارفة التي شهدتها المدن العراقية، قد أعادت الحديث حول غياب سدود الإحصاء في العراق.
إذ دعا السياسي سعد المطلبي، الحكومة الى ثورة على غرار ثورة الطرق والجسور لبناء سدود وخزانات جديدة مع تطوير المشاريع القائمة.
وتجتاح العراق منذ يومين موجة أمطار رعدية غزيرة، تسببت بغرق مساحات شاسعة في المحافظات والمدن، مخلفة وراءها خسائر بشرية ومادية.
وقال المطلبي، إنه “للأسف لازالت عملية تطوير وبناء السدود والخزانات المائية بطيئة في حفظ مياه الأمطار والسيول القادمة من خارج الحدود والتي تعتبر احتياطي كبير يعالج الجفاف”، مبينا ان ”تقارير دولية تؤكد بان العراق اذا ما بقي على حاله فإنه خلال عام 2050 سيصبح بلد لايمكن السكن فيه”.
واضاف ان ”الحكومة والحكومات المقبلة مطالبة بثورة حقيقية في بناء وتطوير السدود الخزانات الطبيعية وايجاد اماكن خزن جديدة خاصة في المناطق الشمالية والغربية ”، داعيا الى ”استنساخ التجربة البريطانية بانشاء اقفال على النهرين وجعلها خزانات اصطناعية في مناطق الوسط والجنوب”.
وتشير التنبؤات إلى أن العراق مقبل على موسم مطري بامتياز خلال العام الحالي، إلا أنها لن تحل أزمة الجفاف في العراق بسبب أن غالبية مياه الأمطار والسيول والإيرادات الواردة من دول المنبع لا يتم الاحتفاظ بها داخل الأراضي العراقية لعدم وجود سدود على امتداد نهري دجلة والفرات والأحواض المائية في المحافظات الوسطى والجنوبية، باستثناء سدة الكوت في محافظة واسط وما هو موجود في شمال وغرب العراق.
وتعرض العراق لموجة جفاف شديدة حولت غالبية مشاريعه المائية والبحيرات، والأهوار التي أدرجت مؤخرا على لائحة التراث العالمي، إلى أراضٍ قاحلة، كما أن الحكومات المتعاقبة استخدمت نسبة كبيرة من الخزين المائي الإستراتيجي لتغطية الحاجة المحلية بالتزامن مع عدم تقاسم الضرر من قبل الدول المتشاطئة وهي تركيا وإيران.
وكان النائب حسن وريوش، أكد في تصريح سابق، أن “مياه السيول في المواسم السابقة التي قدمت من إيران لم يتم استغلالها وتوظيفها بشكل جيد، بل تم توجيهها إلى أهوار ميسان ومن ثم إلى البصرة كما جرى فتح السدة القاطعة بين البصرة وذي قار بشكل عشوائي لإعادة المياه الى أهوار ذي قار، لكن كميات كبيرة من المياه ذهبت هدرا إلى البحر”.
ويرجع عدم قدرة الوزارة على حصاد الماء لأسباب منها “الافتقار لسدود الحصاد، وليست السدود الخزنية، على الرغم من أن الأولى ليست ذات كلف مالية عالية، لكن قلة التخصيصات المالية حالت دون تنفيذ مثل هذه المشاريع، ففي عام 2021 وضمن موازنة قانون الأمن الغذائي خصص للوزارة مبلغ بحدود 100 مليار وهو غير كاف، والتخصيصات المالية الحالية أيضا لا تكفي لإنشاء مثل هذه السدود”.
وكشفت وزارة الموارد المائية، مؤخرا، عن خطط حكومية محكمة لتعزيز الخزين المائي، من خلال تحديد 36 موقعا لإنشاء سدود حصاد المياه، وفيما بينت أن جميع السدود الخزنية مستغلة لاستيعاب كل الإيرادات ومنها الطبيعية المتحققة من خلال السيول والأمطار وذوبان الثلوج، أشارت إلى وجود منظومة خزنية كاملة في هذه السدود تحتوي على فراغ خزني كبير ممكن أن يستوعب الإيرادات المائية التي تحققت خلال الفترة الماضية أو التي من الممكن أن تتحقق الفترة المقبلة.
هذا وحصلت في الكثير من المدن الجنوبية على وجه التحديد، هجرة جماعية للسكان نتيجة لجفاف الأهوار والبحيرات والأنهار الفرعية في جنوب البلاد.
وأعلنت وزارة الموارد المائية في الخامس من آيار مايو الماضي، عن استثمارها لكميات الأمطار التي هطلت في جميع أنحاء البلاد، إذ تم تعزيز الخزين المائي لسدود الموصل، ودوكان، ودربنديخان، وحمرين، والعظيم، وتحويل كميات من المياه التي وردت في نهر الزاب الأعلى إلى السدود الرئيسية وبحيرة الثرثار لتعزيز نهر الفرات بالإطلاقات المائية خلال فترة الصيف.
وأشارت إلى أن السيول الأخيرة القادمة من المنطقة الشرقية تم الاستفادة منها في زيادة الواردات المائية إلى الأهوار، خصوصا هور الحويزة والأهوار الوسطى مما أدى إلى زيادة نسب الإغمار فيها.
ويعود سبب انحسار مياه دجلة والفرات إلى “سياسات دول المنبع” وتحديدا تركيا التي قامت ببناء العديد من مشاريع السدود والاستصلاح الكبرى، دون التنسيق مع العراق الذي يعد دولة مصب، وذلك ما أثر على استحقاقاته التاريخية في النهرين اللذين تراجعت الإيرادات الواصلة لهما إلى أقل من 30 بالمئة من معدلاتها الطبيعية.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- طقس العراق.. أمطار رعدية بدءاً من الغد
- استجواب "ثلاثة وزراء" على طاولة المشهداني.. فهل سيستعيد البرلمان دوره الرقابي؟
- الانتقادات تلاحق أداء وزير الخارجية في المواقف الدولية.. فهل ستتم إقالته؟