مضى عامان بالضبط منذ تكليف محمد شياع السوداني، بتشكيل حكومته، ففي 13 تشرين الأول 2022، كلف رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد، السوداني بتشكيل كابينته الحكومية التي تعهد الأخير بمنح وزرائها 100 يوم لتقييمهم وإجراء تعديل وزاري، إلا أن ذلك لم يحصل على الرغم من مرور نحو عامين.
ويجد مراقبون أن السوداني عاجز عن إجراء تغيير على الرغم من أنه يمتلك النية، وذلك لأن أي تغيير مقيد بموافقة الكتل السياسية والأحزاب التي تعتبر الوزارات “إقطاعية” تبني من خلالها اقتصادياتها، فيما رجحوا أن تستمر هذه الكابينة الوزارية إلى نهاية عهد الحكومة الحالية من دون تغيير.
ويقول المحلل السياسي حيدر الموسوي، إن “فكرة التعديل الوزاري طرحت منذ فترة طويلة جدا وكانت جزءا من الرهان على مدى قوة الحكومة، لكن هذا الأمر يبقى مرتبطا بالقوى السياسية، لأن مرشح كل وزارة هو تابع لطرف سياسي معين”.
ويضيف الموسوي، أن “عددا من الظروف التي مرت بها البلاد، خصوصا الفترة الحالية، التي أجلت أمر التعديل ورحلته إلى فترة أخرى”، لافتا إلى “وجود نوايا حقيقية لتقييم الإدارات العامة في الدولة من الأعلى إلى الأدنى، لكن شريطة أن تكون وفق تفاهمات وتوافقات الكتل السياسية التي رشحت الأسماء”.
ويرى أن “أي استبدال أو تغيير لأي وزير يفترض أن يناقش مع الجهة التي رشحته لتجد بديلا عنه، ومن الممكن أن يحدث هذا التعديل، لكن بنسبة طفيفة وهو ليس الآن، بل على الأقل في نهاية هذا العام”.
وبعد ستة أشهر من تشكيل حكومته، أكد السوداني في نيسان 2023 أنه عازم بعد تجربة وزرائه على إجراء تعديل وزاري قريب، وأعلن أنه “حق دستوري” لن يتنازل عنه، ملمحا إلى أنه سيذهب إلى البرلمان لأجل ذلك، وأن الكتل السياسية التي ترفض التغيير ستكون مسؤولة أمام الشعب، وفق قوله.
وقال السوداني خلال مقابلة بثتها القناة العراقية الرسمية آنذاك، إنه تحدث مع الوزراء بشكل واضح وصريح بشأن تقييم عملهم، وإن الدستور يمنح رئيس الوزراء صلاحية إعفاء الوزير المقصر، مؤكدا تصميمه على إجراء تعديل وزاري وعلى أنه سيختار الوقت المناسب، ولن يتنازل عن صلاحياته الدستورية.
وفي أيار العام الماضي، كشف مصدر مسؤول في مكتب السوداني، إن الأخير “جاد بقضية إجراء تعديل وزاري، وأنه سينفذ بعد إقرار مجلس النواب لقانون الموازنة، فهو حالياً لا يريد أي صدام سياسي مع الكتل والأحزاب بشأن تغيير الوزراء، ما قد يعرقل تمرير قانون الموازنة”، وعلى الرغم من إقرار الموازنة إلا أن التعديل بقي مؤجلاً.
من جهته، يعتقد المحلل السياسي غالب الدعمي، أن “السوداني لم ولن يستطيع تغيير أي وزير، وهذا ما بدا واضحا منذ أن أعلن عن ذلك، لأن قضية توزير الوزراء ليست بيده، وإنما بيد الكتل السياسية والبرلمان، وبعكس ذلك لن يتغيّر شيء”.
ويضيف الدعمي، أن “من المستحيل تغيير أي اسم في الكابينة الوزارية للسوداني، خاصة مع الأزمات المتلاحقة التي تؤجل الكثير من الملفات كأزمة الحرب الدائرة في غزة وانعكاساتها الإقليمية وأزمات داخلية أخرى، لذا ستستمر هذه الكابينة إلى نهاية الحكومة، سوى من يتعرض إلى وعكة صحية من الوزراء أو يغادرنا إلى العالم الآخر”، بحسب تعبيره.
وفي أيلول الماضي، أعاد السوداني، الحديث مجددا، عن التعديل الوزاري الذي وعد به سابقا، لكنه ربط ذلك بانتخاب رئيس جديد للبرلمان، إلا أن مراقبين للشأن السياسي شككوا في قدرته على تحقيق هذا الملف، فضلا عن وجود معوقات سياسية تحول دون تطبيقه.
وكان السوداني، شدد في كلمة له الشهر الماضي، على أهمية حسم استحقاق رئاسة مجلس النواب، مؤكدا انتظار حكومته هذه الخطوة من أجل “إقرار التعديل الوزاري المبني على تقييم أداء الوزراء”.
وكشف مقرب من رئيس الحكومة في 19 أيلول الماضي، أن “تغييرا مرتقبا سيحدث ويشمل خمسة إلى سبعة وزراء أخفقوا أو لم ينسجموا مع البرنامج الحكومي”.
إلى ذلك، يجد الباحث في الشأن السياسي ماهر جودة، أن “الدول ضمن المعايير تمنح أول 100 يوم بعد تشكيل الحكومات، ثم يبدأ تقييم الحكومة مجملا ثم كل وزير على انفراد، ومعرفة ماذا قدم في البرنامج الحكومي، لكن هذا غير حاصل في العراق”.
ويشير جودة إلى أن “السوداني كان جادا بتغيير بعض الوزراء بسبب عدم معالجة بعض الملفات كالفساد أو عدم تطبيق المنهاج الحكومي وغيرها، وهو منذ أول اجتماع لحكومته أعلن ذلك، لكن الحال بقيت على ما هي عليه والأحزاب ثبتت على مرشحيها مع أن الفساد ازداد ومعاناة المواطنين تضاعفت”.
ويخلص إلى أن “الوزير يتعين بناء على رغبة حزبه، وليس للمصلحة العامة، وهذا المفهوم أصبح عرفا، فالوزارة عملية إقطاعية صرفة، يقوم الحزب من خلالها بتفعيل اقتصادياته”، مشيرا إلى أن “أغلب الأحزاب تعتقد أن مال الوزارة لها، وهذا يحدث لأننا لم نشهد حتى الآن وزيرا جرت محاسبته”.
يذكر أن أبرز تعديل وزاري شهدته الحكومات العراقية، هو ما أجراه رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، منتصف العام 2016، وذلك بعد تظاهرات واقتحام للبرلمان من قبل أتباع التيار الصدري، واعتصام زعيمه السيد مقتدى الصدر بخيمة أمام المنطقة الخضراء في حينها.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟
- زيارة بهدف واحد.. ماذا يريد عراقجي من بغداد؟
- تغيير وزاري مرتقب.. ماذا وراء تطبيق "التقاعد" على ذوي الدرجات الخاصة؟