يواجه العراق أزمة اقتصادية خطيرة، قد تدفع الحكومة إلى الاقتراض مجددا أو السحب من الفائض المالي المتحقق سابقاً بعد أن أعدّت الموازنة بأعلى من السعر الفعلي للنفط العراقي، في ظل الانخفاض المستمر بالأسعار العالمية.
حيث تباينت الآراء بشأن تداعيات انخفاض أسعار النفط دون الـ70 دولاراً للبرميل على الاقتصاد العراقي ورواتب الموظفين.
وتعتمد الحكومة العراقية، على ارتفاع أسعار النفط فوق الـ70 دولاراً للبرميل من أجل تغطية العجز الفعلي في الموازنة، والذي يبلغ 64 تريليون دينار، بالوقت الذي تراجعت أسعار النفط إلى أقل من 70 دولارا للبرميل، في ظل توقعات متشائمة حول مستقبل النفط واسعاره.
إذ قال عضو المالية النيابية، مصطفى الكرعاوي في تصريح صحافي، إن “الموازنة مبينة بنسبة 90% على الإيرادات النفطية، وكلما تغير سعر النفط سيكون هناك تأثير مباشر على الموازنة، وبالتالي كلما انخفضت أسعار النفط العالمية سيكون هناك عجز في نسبة الإنجاز للموازنة”.
وأضاف أن “الرواتب لن تتأثر لأن سقف الرواتب أقل بكثير من هذا السقف المعمول به في الموازنة، ولكن تتأثر الموازنة الاستثمارية بكل مباشر، وكذلك الموازنة التشغيلية للقضايا السلعية والخدمية بحسب الأولويات التي وضعتها الحكومة، وكذلك الحركة الاقتصادية بشكل عام في البلاد، أما الرواتب فهي آخر ما سوف يتأثر”.
والاسبوع الماضي، سجل خام البصرة الثقيل والمتوسط خسائر أسبوعية كبيرة، حيث تراجعت أسعارهما بنسبة 7.90% و7.60% على التوالي.
وأغلق خام البصرة الثقيل على 68.76 دولارًا بارتفاع 40 سنتًا، بينما أغلق خام البصرة المتوسط على 71.76 دولارًا بارتفاع مماثل، فيما شهدت أسعار النفط العالمية خسائر أسبوعية حادة، مع تراجع خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 7.9% وخام برنت بنسبة تتجاوز 7.6%، وذلك وسط ترقب لموقف أوبك+.
من جهة أخرى، قال الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، اليوم السبت، في تدوينة له على مواقع التواصل، إن “انخفاض أسعار النفط الى 70 دولار مع انخفاض الصادرات العراقية النفطية الى 3.3 مليون برميل يوميا سيؤدي الى تراجع الإيرادات النفطية الشهرية الى 9 ترليونات دينار يذهب منها ترليون دينار لتغطية نفقات شركات التراخيص النفطية ويبقى 8 ترليونات دينار وهي تكفي فقط لتمويل الرواتب بأشكالها المختلفة التي تبلغ 7.5 ترليون دينار شهريا، فيما سيخصص نصف ترليون دينار لتمويل مفردات البطاقة التموينية”.
وأضاف: “اما باقي النفقات التشغيلية والاستثمارية فيجري تمويلها من الإيرادات غير النفطية الشحيحة ومن الاقتراض الداخلي والاقتراض الخارجي”.
وأوضح أن “الضرائب والرسوم سترتفع وتتعاظم الديون ويبدأ المسار التنازلي للاحتياطات الأجنبية في البنك المركزي العراقي لأنه حائط الصد الأول والأخير في ضوء غياب أي صندوق سيادي في العراق”.
وأكد أن “وزارة المالية ستعاني حتى في تمويل الرواتب خلال الشهرين القادمين ولذلك من المتوقع ان تتأخر الرواتب وقد يجري تخفيضها إذا بقي سعر البرميل في خانة السبعينات لمدة 6 شهور”.
وكانت وزارة المالية أكدت في 10 حزيران الماضي، أن حجم الإيرادات في الموازنة الاتحادية خلال أربعة أشهر تجاوزت 42 تريليون دينار، مؤكدة بقاء مساهمة النفط في الموازنة بنحو 89%.
وبحسب جداول المالية فإن إيرادات النفط بلغت 38 تريليوناً وثلاثة مليارات و728 مليوناً و183 ألف دينار، وهي تشكل 89% من الموازنة العامة، في حين بلغت الإيرادات غير النفطية أربعة تريليونات و698 ملياراً و785 مليوناً و9 آلاف دينار.
ورفعت شركة بي.إم.آي للأبحاث التابعة لفيتش سولويشنز توقعاتها لعجز ميزانية العراق في 2024 من 3.3% إلى 7% ما يرجع في الأساس إلى ضعف آفاق الإيرادات النفطية التي تمثل 93% من إجمالي الإيرادات الحكومية.
وكان المستشار المالي والاقتصادي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، أكد في تصريح سابق، أن “هناك هيمنة تاريخية للريع النفطي في مكونات موارد الموازنة العامة السنوية في البلاد، إذ مازالت عوائد النفط تشكّل قرابة 91 بالمئة من إجمالي الإيرادات الفعلية السنوية في الموازنات الحكومية لقاء 19 بالمئة للإيرادات غير النفطية، والسبب يعود إلى غلبة الاقتصاد الأحادي النفطي في تكوين الناتج المحلي الإجمالي للعراق الذي يتراوح بين 50- 45 بالمئة من الناتج الإجمالي السنوي، في حين نجد أن تأثيرات إنفاق العوائد النفطية على دورة الحياة الاقتصادية تمتد إلى أكثر من 85 بالمئة من فاعلية النشاط الاقتصادي الكلي؛ الأهلي والعام في العراق”.
وأتم مجلس النواب العراقي، في 3 حزيران الماضي، التصويت على جداول قانون الموازنة العامة الاتحادية رقم 2024 والتي بلغت 228 ترليون دينار، بعدما حصدت موازنة العام الماضي 199 تريليون دينار، فيما وصفها مختصين بالـ”مجازفة” من الحكومة باقتصاد البلاد ووضعها المالي، لاسيما في حالة انهيار أسعار النفط، الذي تعتمد عليه كليا، كما حدث في أعوام سابقة.
ويعتمد العراق بنسبة كبيرة على بيع النفط الخام في تأمين إيراداته السنوية ودفع الرواتب وبقية المستحقات الأخرى، فيما يواجه قطاع الزراعة الذي كان يمثل أحد روافد الإيرادات في السابق، تدهورا كبيرا، ومنذ عام 2022، برزت أزمة الجفاف بشكل جلي في العراق، فبعد أن تم تقليص المساحات الزراعية إلى 50 بالمئة في العام الماضي، تفاقمت الأزمة مؤخرا عبر فقدان أغلب المحافظات مساحاتها الزراعية، وأبرزها ديالى وبابل، حيث أعلن مسؤولون فيها عن انعدام الأراضي الزراعية بشكل شبه كامل، بسبب شح المياه.
المالية العراقية: تمويل الرواتب يتم وفق السيولة المتوفرة
وأكد وزارة المالية العراقية، أن تمويل الرواتب الشهرية للموظفين والعاملين في القطاع العام يتم وفق السيولة النقدية المتوفرة لديها.
جاء ذلك ردا على كتاب موجه من عضو مجلس النواب العراقي ضياء الحسناوي بشأن استفساره عن موضوع تأخير الرواتب.
وقالت وزير المالية طيف سامي في رد على ذلك الاستفسار والمُذيَّل بتوقيعها، إنه "لا يوجد تأخر في صرف الرواتب لدوائر الدولة كافة، وحسب مواعيد الصرف".
وأضافت أنه "يتمّ التمويل وفق السيولة النقدية المتوفرة".
أقرأ ايضاً
- رغم المشاكل..العراق وتركيا يتفقان على زيادة التبادل التجاري
- النفط العراقي ينتعش ويتجاوز حاجز الـ70 دولارا
- مع اغلاق البورصة.. انخفاض طفيف بأسعار الدولار