مازالت الاتهامات بتعطيل تسمية رئيس جديد للبرلمان تترامى بين القوى السياسية، ففي وقت تحمل القوى الشيعية نظيرتها السنية مسؤولية تأخير هذا الملف طيلة الأشهر الماضية، ترمي الأخيرة باللائمة على قوى الإطار التنسيقي، مؤكدة أنها تعيش صراعا داخليا، وبعض الأطراف فيها ينوون الإبقاء على الرئيس المؤقت محسن المندلاوي.
وفي الأثناء، أكدت قوى الإطار منح الكتل السنية مهلة أخيرة لاختيار مرشح قبل الذهاب إلى التصويت في غضون الأسبوع الحالي، لكن مراقبا للشأن السياسي يؤكد أن هذه المهلة ليست إلا محاولة للضغط الإعلامي.
ويقول القيادي في الإطار التنسيقي علي الزبيدي، إن “قوى الإطار جادة بحسم ملف انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب العراقي، وتم منح مهلة أخيرة للقوى السياسية السنية لحسم الخلافات فيما بينها خلال هذا الأسبوع”.
ويضيف الزبيدي أن “عدم حسم القوى السياسية السنية خلافاتها سيدفعنا إلى عقد جلسة انتخاب رئيس البرلمان دون انتظار هذه القوى، فهي من تتحمل مسؤولية تأخير هذا الملف طيلة الأشهر الماضية”.
ويتابع أن “الصراع السني – السني مازال سيد الموقف، لذا لا نعتقد أن الخلافات سوف تحل خلال هذه الأيام”، لافتا إلى أن “المشهد الأقرب الآن هو الذهاب نحو عقد جلسة جديدة لانتخاب رئيس البرلمان ويبقى الحسم بيد النواب وأي مرشح يحصل على أعلى الأصوات سيكون هو الرئيس”.
وبقرار رئاسة مجلس النواب، إنهاء عضوية رئيس المجلس محمد الحلبوسي، بشكل رسمي، استنادا إلى قرار المحكمة الاتحادية العليا، في الرابع عشر من تشرين الثاني 2023، يكون قد مرت نحو 8 شهور على خلو مجلس النواب من رئيس أصيل، لكنه يدار من النائب محسن المندلاوي بشكل مؤقت.
يذكر أن مجلس النواب، فشل أكثر من مرة بانتخاب رئيس البرلمان، حيث جرى إدراج الفقرة بجلسات خاصة لانتخاب الرئيس لكن لم تعقد بسبب عدم الاتفاق على مرشح محدد لشغل المنصب.
ويحتاج التصويت على رئيس مجلس النواب، لنصاب النصف زائد واحد، من عدد مقاعد البرلمان، وهو ما لا تمتلكه القوى السنية، حيث يكون العدد 166 نائبا، كما لا يملك حزب تقدم صاحب أغلبية المقاعد السنية، سوى نحو 35 مقعدا.
من جهتها، تؤكد النائب نهال الشمري، أن “الخلافات محتدمة بين القوى السياسية كافة بشأن انتخاب رئيس البرلمان الجديد، ورغم كل الحوارات السياسية والحراك ما بين الكتل والأحزاب مازالت الصراعات مستمرة وقائمة دون أي حلول”.
وتضيف الشمري أن “الإطار التنسيقي يتحمل مسؤولية كبيرة بسبب عدم حسم انتخاب رئيس مجلس النواب، فهو أعطى أكثر من مهلة لكنه مازال مختلفا داخليا”، لافتة إلى أن “بعض أطراف الإطار مع استمرار الأزمة من أجل الإبقاء على محسن المندلاوي”.
وتشير الشمري، إلى أن “استمرار هذا التسويف سيدفعنا إلى جمع تواقيع تمثل أغلبية النواب لعقد جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب خلال نهاية الأسبوع الحالي أو بداية الأسبوع المقبل”.
وكان النائب عن تحالف “العزم” رعد الدهلكي، أكد أن هناك نقاشات مستفيضة بين الكتل السنية الرئيسية حول حسم منصب رئيس مجلس النواب، وستعقد الأسبوع المقبل جلسة خاصة لاختيار من يمثل السنة في هذا المنصب، لافتا إلى أن الكتل الممثلة للمناطق الغربية والشمالية عازمة على حسم هذه القضية، وتنصيب رئيس للمجلس، الذي يمثل استحقاقاً للسنة.
وبموجب العرف السياسي المتبع بعد تغيير النظام السابق عام 2003، فإن منصب رئاسة البرلمان العراقي دائماً ما يسند إلى المكوّن السني، بينما يتولى الكرد منصب رئيس الجمهورية، والشيعة رئاسة الوزراء.
إلى ذلك، يرى المحلل السياسي محمد علي الحكيم، أن “أزمة انتخاب رئيس مجلس النواب أزمة مفتعلة وليست حقيقية، إذ أن هناك أطرافا تتعمد عرقلة حسم هذا الملف لتحقيق مكاسب سياسية وشخصية”.
ويوضح الحكيم أن “مهلة الإطار التنسيقي التي يمنحها بين حين وآخر للقوى السياسية السنية هي محاولة ضغط إعلامية، رغم أن الجميع يدرك جيدا انه لا يمكن حسم هذا الملف في ظل الانقسام داخل البيت الشيعي والبيت السني”.
ويضيف أن “الصراع السياسي بشأن رئاسة مجلس النواب أدى إلى انقسام سياسي كبير في البيت الشيعي أكثر من البيت السني، وهذا سيؤدي إلى زعزعة استقرار الإطار التنسيقي خلال المرحلة المقبلة”.
وكان الإطار التنسيقي عقد اجتماعا الأسبوع الماضي بحضور رئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي، ومثنى السامرائي، زعيم تحالف العزم، إلى جانب سالم العيساوي أحد المرشحين لرئاسة البرلمان، لكن دون نتائج تذكر.
أقرأ ايضاً
- رئاسة المشهداني.. هل تمهد لعودة الزعامات الكلاسيكية؟
- عائلة بارزاني على المحك.. هل تطيح "الرئاسة" بأحد أولاد العم؟
- كيف تسبب التوتر الإقليمي بترحيل أزمة رئيس البرلمان؟