مشروع قانون التجنيد الإلزامي، أعيد من البرلمان إلى الحكومة، لكنه بقي طي النسيان ولم يتم فتحه مجددا، وعلى الرغم من دعم النواب لهذا المشروع وتأكيدهم على أهميته، إلا أن هناك اعتراضات عدة أبرزها النقص في البنية التحتية، وفيما استبعدوا تمريره خلال هذه الدورة النيابية، شخص ضباط سابقون النقاط الإيجابية لهذا المشروع، رغم إشادتهم بنظام العقود الذي اتبعته وزارة الداخلية مؤقتا.
ويقول عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، ياسر اسكندر، إن “تشريع قانون التجنيد الإلزامي مهم، لكن الخلافات كانت حول 6 نقاط فيه، وهي التي دفعت بإعادته للحكومة مرة أخرى”.
ويضيف اسكندر، أن “القانون من المستبعد أن يمرر في هذه الدورة النيابية، لأسباب عدة أبرزها أن الأمر يحتاج إلى تدقيق لكل بنوده من أجل أن يمضي، إذا ما وصل لمجلس النواب”، مبينا أن “نموذج العقود الأمنية الذي اعتمدته وزارة الداخلية قد يشكل بديلا عن التجنيد الإلزامي، لانها اختارت من له رغبة في الانخراط في المؤسسات الأمنية ولفترة زمنية محددة”.
وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، سحب أواخر 2022، مشروع قانون التجنيد الإلزامي من البرلمان وأعاده للحكومة، إلى جانب قانون أخرى، وذلك بعد الجدل الذي أُير بشأنه.
يذكر أن مستشار الأمن القومي، قاسم الأعرجي، قد اقترح إجراء استطلاع للرأي العام حول المضي في تشريع قانون خدمة العلم أو عدمه، بسبب الجدل بشأنه.
وقد طرح مشروع هذا القانون على طاولة البرلمان بقوة، خلال الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي، ولم يمرر أيضا بسب باعتراض بعض القوى السياسية، وخاصة كتل الإطار التنسيقي.
من جانبه، يبين عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، وعد القدو، أن “قانون التجنيد الإلزامي مهم، لكن وفق مسارات ممنهجة تأخذ بنظر الاعتبار أن الأعداد ستصل إلى عشرات الآلاف كل سنة، وأهمية توفير المعسكرات واللجان الإدارية والدعم اللوجستي، أي اننا أمام ملف كبير جدا”.
ويؤكد القدو، أن “العقود الامنية التي اعتمدت مؤخرا، قد تكون بديلا عن القانون، لكن في كل الأحوال نحن بانتظار إعادته من قبل الحكومة مرة اخرى، لكن نستبعد أن يمرر في هذه الدورة”.
وتوقفت خدمة العلم “التجنيد الإلزامي” منذ عام 2003، بعد إسقاط النظام السابق، حيث كانت تفرض على كل شاب يبلغ الـ18، وتكون فترة خدمته حسب شهادته الدراسية.
يشار الى أن الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر، كان قد حل الجيش العراقي السابق، وأقر إعادة إنشاء جيش جديد يعتمد على التطوع وليس التجنيد الإلزامي.
إلى ذلك، يبين العميد المتقاعد محمد التميمي، أن “الحاكم المدني للعراق بول بريمر أرتكب خطأ فادحا في حل الجيش العراقي، لكن الخطأ الافدح هو إلغاء التجنيد الإلزامي والمضي في مبدأ التطويع”.
ويتساءل التميمي، “هل تعرف نخب العراق ما هو متوسط عمر المقاتل الآن في القطعات، وهل يدركون خطورة أن نصل إلى مرحلة نجد نسبة كبيرة من المنتسبين والمقاتلين في سن تجاوز 30-40 سنة”، مضيفا أن “العقود الأخيرة في وزارة الداخلية تجربة ناجحة ويجب أن تعتمد ذاتها لمدة 3 سنوات والسعي إلى تحديد مبدأ التطويع والانتقال إلى العقود المؤقتة، أي التجنيد لمن يرغب وليس للجميع رغم أني أدعم التجنيد الإلزامي للجميع، لكن صعب تحقيقه”.
يشار الى أنه منذ حل الجيش العراقي بعد عام 2003، طرحت العديد من القوى السياسية بالاضافة الى عسكريين سابقين، ضرورة إعادة التجنيد الإلزامي، وخاصة بعد تشكيل اول حكومة منتخبة، كما كان الحزب الإسلامي أعلن في العام الماضي عن تأييده لقانون التجنيد الإلزامي، معتبرا أن من مصلحة البلاد عودة التجنيد لأجل تعزيز الوحدة الوطنية وتخفيف العبء على الدولة.
وامتدادا لما تقدم به التميمي، يؤيد العقيد المتقاعد إحسان العلي، أن “تطبيق التجنيد يحتاج إلى عمل يستمر لسنوات من خلال بناء قاعدة إدارية ومعسكرات تدريب قادرة على استيعاب من 50-70 ألف جندي على الأقل كل عام وربما أكثر، وهذا سينهي الكثير من الملفات السلبية في المؤسسة الأمنية”.
ويلفت العلي، إلى أن “التجنيد الإلزامي سيقتل الطائفية من خلال تعايش الجنود وانتقالهم إلى بيئة مختلفة ليكونوا على معرفة بالحقائق”، مبينا: “لقد خدمت 23 سنة في المؤسسة العسكرية، وزرت خلالها 13 محافظة عراقية بسبب التنقلات وتجمعني صداقات مع كل القوميات والأطياف تقريبا بحكم التعايش الذي جعلني أعرف الحقائق اكثر”.
ويشير إلى أن “أمريكا سعت إلى منع التجنيد الإلزامي في العراق، لإبعاد إستراتيجية تهدف لها، وهي خلق أجيال متباعدة عن بعضها مع زرعة حالة عدم الثقة، وهذا ما تفعله القوى السياسية مع أي نزاع مصالح، لأنها الأرض الرخوة التي من خلالها تعزز وجودها من خلال زرع الخوف في النفوس”.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟