يتعرض أطفال العراق، إلى قصص عنف صادمة تجاوزت كل قيم الإنسانية، ووصلت إلى مستويات خطيرة، حيث أن 4 أطفال من بين خمسة يتعرضون للعنف من قبل ذويهم في ظل عدم وجود أي تشريع قانوني يحد من العنف الأسري ويعمل على حماية الطفل.
وفي هذا الإطار، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، اليوم الإثنين، مقطع فيديوي لأب من محافظة ميسان وهو يضرب ابنه بوحشية -(تعتذر وكالة نون الخبرية عن نشره لما يحتوي من مشاهد مؤسفة)-، الأمر الذي انتشر بسرعة وحصل على تعاطف المدونين، حيث بدأت السلطات الأمنية بملاحقة والد الطفل وأسفرت عن القبض عليه.
وربما يكون هذا الطفل، الذي نال تعذيباً على يد والده، محظوظاً، إذ صورت الحادثة وحصل على تعاطف شعبي، فهناك العشرات من الأطفال يمارس ضدها العنف يومياً من دون محاسبة.
ولم تكن هذه الحادثة هي الأولى التي تظهر تعذيب الأطفال أو تعنيفهم، بل حتى قتلهم، فقد ظهر قبل عدة أشهر، قصصا مأساوية كثيرة، منها أن طفلا توفي على إثر تعذيب من أمه وليس من زوجة أبيه، ففي إحدى القضايا توصلت التحقيقات بعد ورود التقرير الطبي لجثة أحد الأطفال أنه توفي نتيجة تعذيب وليس التعرض إلى حادث كما ادعت والدته، ثم توصلت المحكمة إلى إدانة الأم بالقتل وإحالتها إلى محكمة الجنايات.
ويعود للأذهان، حادثة الطفل موسى، الذي توفي في تموز 2023، بعد تعرضه لتعذيب قاس من قبل زوجة أبيه، شمل استعمال الكهرباء، ومن ثم السكين والملح والخنق، إلى أن فارق الحياة في منطقة الخطيب، التابعة لمدينة الحرية شمالي العاصمة بغداد.
فصورته وهو يرتدي ملابس شتائية في المدرسة على عكس أقرانه، وآثار التعذيب البادية على وجهه ويديه، كانت تخفي قصة تعنيف تمتدّ لفترة طويلة.
ويدفع الأطفال ثمن الأوضاع الاجتماعية والسياسية المعقدة في العراق، والاعتقاد الكارثي بأن التعنيف والضرب أحد أساليب التربية، بحسب مختصين.
وتؤدي حالات العنف ضد الأطفال في كثير من الأحيان إلى زجهم في الشارع للعمل وترك دراستهم، ما يفقدهم براءتهم في سن مبكرة وجعلهم عرضة للتحرش أو الاستغلال، أو ضحية لعمليات الاتجار بالبشر.
وفي هذا الصدد يقول الخبير القانوني علي التميمي، أن “وجود المادة 41 من قانون العقوبات العراقي التي تتيح للآباء والمعلمين حق التأديب في حدود الشرع والقانون، وهو نص فضفاض يساء استخدامه ويجعل أي محكمة مقيدة في مساءلة من ذكروا أعلاه”.
ويضيف أن “هذه الجرائم تخالف اتفاقيات الطفل وميثاق العهد الدولي وحقوق الإنسان ولهذا أصبحت الحاجة ملحة لتشريع قانون الحماية من العنف الأسري كما فعل إقليم كردستان وشرع هذا القانون”.
وأنهى مجلس النواب، في تشرين الثاني 2022، القراءة الأولى لمشروع قانون حماية الطفل، وسط اعتراضات من بعض الكتل السياسية على ما ورد فيه من بنود، إذ تضمن مشروع القانون بعض البنود الخلافية، منها وضع آليات تتيح للطفل تقديم شكوى ضد ذويه، وتخويل وزير العمل والشؤون الاجتماعية اختيار عائلة بديلة لأي طفل تعرض للانتهاك أو فقد أحد والديه، فضلا عن تحميله الموظف بالخدمة العامة، مسؤولية عدم الإبلاغ عن تعرض الطفل للأذى، لكن القانون بسبب الخلاف على بنود طوي إلى هذه اللحظة.
وكان العراق من أوائل الدول العربية التي وقعت على اتفاقية حقوق الطفل والتي أقرت عام 1989 واعترف ببنودها وأصبح عضوا فاعلا فيها، لكن مع تواتر الحكومات العراقية قبل وبعد عام 2003 لم تشرع الدولة العراقية قانونا وطنيا لحماية حقوق الطفل يتواءم مع أحكام الاتفاقية الدولية، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن الدستور العراقي تضمن عددا من الأحكام التي تؤكد على كفالة الدولة لحقوق الطفل والمرأة والأسرة.
وكشفت تقارير سابقة أن نحو 90 بالمئة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين عام و14 عاماً يتعرّضون بشكل أو بآخر للعنف بأساليب مختلفة.
وعام 2019، سجلت 1606 دعاوى عنف ضد الأطفال بحسب بيانات مجلس القضاء الأعلى. أما عام 2021، فشهد 1141 دعوى عنف أسري ضد الأطفال، بينما سجلت خلال النصف الأول من العام الحالي 500 دعوى.
أقرأ ايضاً
- بوتين والسوداني يبحثان استقرار أسعار الطاقة وعدم اتساع الحرب في الشرق الأوسط
- تفكيك شبكة "خاصة" لتجارة وترويج المخدرات جنوبي العراق
- الإعدام لمفجر أبراج الطاقة الكهربائية في العراق