“المعاملة بالمثل”، هذا ما يتجه برلمانيون وأعضاء في مجلس نينوى لإقراره تجاه إقليم كردستان “امتعاضا” من فرض سلطات الإقليم قيودا على الوافدين إلى مدنها سواء من نينوى أو غيرها من المحافظات العراقية، حيث تفرض على الداخلين إلى حدود الإقليم إجراء كشف أمني وإصدار بطاقة دخول خاصة لشهر واحد، كما أنها تشترط على المقيمين فيها من غير الكرد، الحصول على موافقة أمنية وهو ما يسمى بـ”الإقامة”.
ووفقا لطلب من النائب عن نينوى عبد الرحيم الشمري، موجه إلى رئاسة مجلس المحافظة لإقرار تشريع يعامل إقليم كردستان بالمثل، وجاء فيه “استنادا للدستور العراقي المادة (44/ أولا) التي تنص على أن للعراقي حرية التنقل والسفر والسكن داخل وخارج العراق، فإن الإقامة التي تفرض على سكان نينوى من قبل سلطات إقليم كردستان عند دخولهم الإقليم تعد تجاوزا على القوانين والأعراف كافة”.
وطالب الشمري، بـ”فرض إقامة على سكان محافظات إقليم كردستان وإلزام حكومة نينوى المحلية بتطبيق ذلك انطلاقا من مبدأ المعاملة بالمثل”، مبينا أنه “ليس بالضد من سكان إقليم كردستان، بيد أن الطلب يأتي نصرة لكرامة أبناء نينوى”.
وبهذا الصدد، يقول مصدر مطلع، إن “محافظ نينوى عبد القادر الدخيل، باعتباره رئيس اللجنة الأمنية العليا في المحافظة، رفض موضوع الإقامة لمواطني الإقليم قبل دخولهم إلى نينوى، ما أدى إلى خلاف داخل مجلس المحافظة”.
ويضيف المصدر، أن “أغلب أعضاء المجلس يرفضون هذا الأمر، خاصة وأن الغالبية منهم يسكنون في أربيل ودهوك ولديهم علاقات واستثمارات وعمل داخل الإقليم ولا يريدون فتح جبهة خلافات مع كردستان”.
واتخذت السلطات الكردية بعد العام 2003 إجراءات غير معمول بها في عموم العراق تجاه المواطنين من وسط وجنوب وغرب وشمال البلاد عند توجههم إلى الإقليم، حيث ما إن يصلوا إلى أول نقطة أمنية في حدود الإقليم حتى يتم إجراء تدقيق أمني لهم، ومن ثم إصدار بطاقة هي أشبه بالموافقة على الدخول لكردستان والتجول فيه ومدتها شهرا واحدا، وفي حال كان المواطن يرغب بالإقامة الدائمة هناك فعليه مراجعة مديرية الآسايش -مديرية الأمن- لتدقيقه أمنيا مجددا وبعد إجراءات أخرى يتم منحه الإقامة.
من جانبه، يؤكد مسؤول فرع الحزب الديمقراطي الكردستاني السابق في نينوى، عصمت رجب، أنه “لا توجد إقامة أثناء دخول المواطنين من نينوى إلى مدن الإقليم، وما موجود هو بطاقة معلومات أمنية يتم عملها داخل السيطرات، وهذه البطاقة تزكي المواطن الداخل إلى الإقليم ويستطيع التنقل لغرض السياحة وقضاء عمله”.
ويبين رجب، أن “هذه البطاقة تطبق على جميع المواطنين من أبناء المحافظات العراقية الذين يدخلون إلى الإقليم، ويتم عملها بسهولة تامة دون تأخير أو مضايقات”.
ويشير إلى أن “الجميع يعلم ما تعرضت له نينوى من سيطرة لتنظيم داعش، وبالتالي المخاوف الأمنية ما تزال موجودة ولا يستطيع أحد إنكارها، وهناك محاذير من دخول عدد من المطلوبين وهذا هدف بطاقة المعلومات، لكن ما يريده بعض النواب هو تأجيج الصراع السياسي وعمل مشاكل نحن في غنى عنها لأسباب سياسية بحتة”.
وجراء الخلافات التي اندلعت بين الحزبين الحاكمين، الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، في الإقليم بالسنوات الأخيرة، أصبحت السلطات في أربيل ودهوك، تحت سيطرة الحزب الديمقراطي، والمناطق التابعة لهما لا تعترف بالبطاقة الأمنية الصادرة من سلطات السليمانية تحت سيطرة الاتحاد الوطني- وفي المقابل السليمانية كذلك لا تعترف بالبطاقة الأمنية الصادرة من أربيل ودهوك، مما يستوجب على المواطن الذي يريد التنقل بين المحافظات الثلاث إصدار بطاقة جديدة كلما دخل إحداها.
بدوره، يرى النائب عن محافظة نينوى شيروان الدوبراني، أن “الضجة التي أثيرت مؤخرا عن بطاقة الضمان الأمني في سيطرات إقليم كردستان، هي لدواع شخصية، وقد اعتدنا على تصريحات النائب عبد الرحيم الشمري، مع قرب كل انتخابات أو مناسبة لإثارة الرأي العام”.
ويلفت الدوبراني، إلى أن “هذه البطاقة هي ضمانة للمواطن القادم إلى الإقليم ليتنقل بحرية أينما شاء، والنائب الشمري، فاته أن المواطن يهان في السيطرات والدوائر والمؤسسات والسايلوات للتدقيق الأمني أو إنجاز معاملة وهم من أبناء نينوى”.
ويتابع أن “المواطنين من أبناء المناطق المشمولة بالمادة 140 من الدستور وخاصة من الكرد يتعرضون للمضايقات والتأخير في سيطرات الجيش العراقي أو الحشد الشعبي أثناء دخولهم إلى مدينة الموصل”.
يشار إلى أن العديد من المواطنين في محافظة نينوى أبدوا تأييدهم لمعاملة إقليم كردستان بالمثل، وإصدار بطاقة أمنية أو إقامة للمواطنين الكرد الراغبين بالدخول إلى المحافظة.
من جانبه، يشدد المواطن يونس فاضل (41 عاما) وهو من أهالي مدينة الموصل، على ضرورة أن “تعامل السلطات في محافظة نينوى مواطني الإقليم، الراغبين بالدخول للمحافظة بمثل ما تعامل السلطات الكردية مواطني نينوى عند توجههم إلى الإقليم”.
ويوضح فاضل، “من غير المعقول بعد أكثر من سبع سنوات على تحرير نينوى من سيطرة داعش، ما تزال الأجهزة الأمنية في إقليم كردستان تنظر لنا كإرهابيين أو مشتبه بهم”.
ويردف “هناك الآلاف ممن دخلوا الإقليم وبالتالي معلوماتهم أصبحت لدى السيطرات الأمنية وليس من المنطقي عمل إقامة جديدة أثناء دخولهم كردستان، وهذا الأمر فيه إهانة لكون أبناء الإقليم يدخلون للإقليم ويحصلون على العمل والوقود ويمارسون حياتهم دون مضايقات”.
ويشتكي الآلاف من العراقيين من موضوع تأخير السيطرات الأمنية لدخولهم إلى مدن الإقليم، وطالبوا بإلغاء الإقامة، كونها تخالف الدستور باعتبار كردستان جزء من العراق.
من جهته، يشرح عضو مجلس محافظة نينوى محمد عارف، أن “هذا الطلب ليس الغرض منه أننا ضد التدقيق الأمني، ولكن عمل الإقامة هو أمر غير منطقي ويتعارض مع الدستور، ويجب إيقاف العمل به، كون نينوى الآن مستقرة وتحررت من جميع أشكال الإرهاب”.
ويردف عارف، “مثلما اعترض نواب الحزب الديمقراطي على موضوع الإقامة الذي طالب به عدد من نواب من نينوى، فعليهم أن يعترضوا أيضا على فرض عمل الإقامة لسكان نينوى أثناء دخولهم في كردستان والمضايقات والتأخير الذي يتعرضون له”.
وكان العديد من النواب والمسؤولين المحليين في محافظات وسط وجنوب العراق قد طالبوا في أوقات سابقة السلطات في إقليم كردستان بمعاملة العراقيين من دون تمييز على أساس العرق، واعتبروا أنه مثل ما المواطن الكردي يتجول في جميع مدن العراق بكل حرية من دون إيقافه في السيطرات لتدقيق موقفه الأمني ولا تتم مطالبته بمراجعة المؤسسات الأمنية عند إقامته في أي مدينة عراقية.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- بينهم عروس تستعد ليوم زفافها :قصف وحشي في بعلبك يخلف (19) شهيدا منهم (14) طفلا وأمرأة
- بغداد تتهم وأربيل ترد.. هل تعود أزمة الرواتب بإقليم كردستان للواجهة؟
- قصف تركي متواصل على السليمانية.. ما حقيقة الاتفاق السري بين "اليكتي" وأنقرة؟