مع تحول العراق من معبر للمخدرات إلى مستهلك خلال العقدين الماضيين، فإن تجارة وتعاطي المخدرات في البلاد وصلت إلى آفاق غير مسبوقة، إذ أصبح العراق اليوم مركزاً وسوقاً رائجة تنشط فيها شبكات واسعة من العصابات المتخصصة وبعضها مدعوم من جهات متنفذة ما يصعب ملاحقتها، كما أن أنواعا من المخدرات باتت تصنع داخل البلاد وفقاً لجهات رسمية.
وبالرغم من الإجراءات الحكومية للحد من هذه الآفة التي تنهش جسد المجتمع العراقي، إلا أن وزارة الداخلية كشفت، اليوم الاثنين، عن أرقام "مهولة وصادمة" حول الكميات التي تم ضبطها من المخدرات خلال شهر واحد، الأمر الذي ينذر بفشل الحكومة في معركتها ضد المخدرات.
إذ قال وزير الداخلية عبد الأمير الشمري في إحصائية تلقتها وكالة نون الخبرية، حول الكميات التي تم ضبطها من المخدرات واعتقال المتورطين بترويجها وتعاطيها خلال شباط الماضي، إنه "تم ضبط 390 كيلوغراماً من المواد المخدرة خلال الشهر الماضي، وتسعة أطنان من المؤثرات العقلية، كما تم القبض على 1431 متهماً بالمتاجرة والتعاطي من بينهم تجار دوليون بينهم 16 عراقياً وستة أجانب".
وأضاف أنه "تم ضبط 124 قطعة سلاح و141 عجلة، فضلاً عن قتل اثنين من المطلوبين، وخلال هذه الواجبات كانت خسائر القوات الأمنية ضحية واحدة وثلاثة مصابين اثنان منهم ضباط".
وفي السياق، تابع انه "ألقت قوة من الفوج الرابع التابع للواء الرابع فرقة الرد السريع في وزارة الداخلية، القبض على أحد المتهمين بتجارة المخدرات في منطقة (المدثرة) بمحافظة ميسان، وضبطت بحوزته 1535 غراماً من مادة الكريستال".
وتعد هذه الإحصاءات مقلقة بالنسبة للمعنيين في الجهات الرسمية وغير الرسمية، لأنها تعني بأن هنالك أضعافاً من الكميات قد تم تمريرها بالفعل، وأن آلافاً من الناشطين في مجال الاتجار بالمخدرات وتهريبها وتصنيعها طلقاء بالفعل، في حين باتت السجون العراقية ومراكز التوقيف تمتلأ في غالبها بمتاجرين ومتعاطين.
ولايكاد يمر يوم دون أن تعلن فيه وزارة الداخلية أو فروعها في المحافظات العراقية الأخرى إضافة الى أقليم كردستان، عن القبض على متهمين بتجارة المخدرات وتعاطيها حتى بلغت نسبة المحكومين والموقوفين في السجون ومراكز التوقيف العراقية بقضايا المخدرات نحو 60% نسبة الى باقي القضايا، حسب رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، حازم الرديني.
وأكثر أنواع المخدرات رواجا كما يؤكد مسؤولون أمنيون، هي مادة (الكريستال) التي يتراوح سعر الغرام الواحد منها بين 15 إلى 25 ألف دينار عراقي (11,5 إلى 19 دولار)، والـ(كيبتاغون) التي يصل سعر الحبة الواحدة منها إلى نحو دولارين، وغالبية متعاطيها هم من فئة الشباب بين 18 إلى 30 سنة.
وكان مجلس النواب العراقي قد شرع قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017، ضم 51 مادة، اثر دخول العراق في معاهدات دولية عديدة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، ومع الإرتفاع الكبير في أنشطة العصابات الإجرامية المتخصصة بتهريب وترويج المخدرات في مختلف أنحاء البلاد، وحتى زراعة بعض انوعها.
المادة الثالثة منه، نصت على تأسيس هيئة تابعة لوزارة الصحة باسم الهيئة الوطنية العليا لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية، مهمتها وضع سياسة عامة لإستيراد أي نوع من المخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف الكيمياوية وتصديرها.
وأيضاً وضع استراتيجية وطنية لمكافحة الإتجار غير المشروع بالمخدرات وسوء استعمال المؤثرات العقلية والسلائف الكيميائية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحتها وفقاً للمنهج العلمي والإصلاحي والعلاجي للمدمنين.
وفرض القانون عقوبات تراوحت بين الحبس البسيط وصولا إلى الإعدام، بحق المروجين والمتاجرين والمتعاطين ومهربي المخدرات، وخصصت المادة 39 لمعالجة المدمنين، في مؤسسة صحية خاصة والزمتهم بمراجعة العيادات النفسية.
أما في أقليم كردستان الذي يخضع لإدارة شبه مستقلة، فقد أصدر البرلمان هناك، القانون رقم (1) لسنة 2020 قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في إقليم كردستان العراق، وضم 50 مادة، فرض كذلك عقوبات تراوحت بين الحبس والاعدام بحق المتاجرين والمروجين والمتعاطين للمخدرات.
أقرأ ايضاً
- عمليات بغداد: المناطق التي تنتهي فيها عملية التعداد السكاني سيرفع عنها الحظر
- تفكيك شبكة "خاصة" لتجارة وترويج المخدرات جنوبي العراق
- غارات إسرائيلية عنيفة استهدفت ضاحية بيروت فجراً (فيديو)