قبل عشر سنوات من الآن شهدت 14 محافظة عراقية عملية انتخابات لمجالسها في عام (2013) ولم يكن في الحسبان آنذاك أن تغيب مشاهد العملية الانتخابية المحلية عن الساحة طوال هذه المدة، وتأجلت الانتخابات في محافظة كركوك، كما لم تجر في محافظات إقليم كردستان.
عضو مجلس النواب السابق رياض غريب يقول في حديثه لوكالة نون الخبرية: "من المفترض ان تكون مجالس المحافظات خدمية تقدم خدمات للناس، لكن مشكلة المال السياسي الذي يجلب أعضاء مجالس المحافظات ليس بالمستوى المطلوب، وإنفاقهم مبالغ مالية كبيرة قبل الانتخابات، يدفعهم لتعويضها والاهتمام بالجانب السلبي، وترك مسألة الخدمات، وهناك إيجابية واحدة ومهمة لمجالس المحافظات هي مراقبة أداء المحافظ حتى لا ينفرد، كون اغلب المحافظين يسود عملهم الفساد وعدم الأداء الصحيح في المشاريع ولديهم مشكلات فنية كثيرة سوف تظهر للعلن عن قريب في المشاريع المنجزة مثل التبليط والتخسفات لخلافها المواصفات ويشوب أغلبها الفساد".
ويؤكد غريب، أن "مجالس المحافظات دستورية لا يمكن إلغاءها، وعندما تم تجميد عملها في المرحلة الماضية كان هناك تحسن في أداء بعض المحافظات، ونحتاج لتغييرات دستورية لتتحول هذه المجالس أشبه بالمجالس البلدية بدون رواتب تستقطب أشخاص أصحاب خبرة وتجربة وقدرات عالية فنية تقوم بدورها، وليس التقديم من أجل الراتب"، ويبين ان "مجالس المحافظات لو تعمل بطريقة صحيحة كدول العالم تؤدي دورها الرقابي على المحافظين وتعطي خبرتها بالإضافة إلى متابعة أداء عمل الدوائر ومراقبة المشاريع ونوعية العمل، لكان نتاجها جيد".
ويرى، أن "الحل الأمثل يكمن في انتخاب المحافظ من قبل الناس أو يعين من قبل رئيس الوزراء أو وزارة الداخلية وغيرها من الوزارات، لكن الدستور حدد انتخاب المحافظ يتم من خلال مجالس المحافظات ومجالس المحافظة تنتخب من قبل الناس لتمارس دورها الرقابي".
ويشير إلى، أنه "من المفترض على أعضاء مجلس النواب اخذ دورهم الحقيقي لمتابعة عمل المحافظ، لكن بعض المحافظين الذين يخالفون القانون يحجبون المعلومات الموجودة في إحالة المشاريع".
الانتخابات ستزور بطريقة مبتذلة
من جهته، يرجح المراقب للشأن السياسي على الربيعي "تزوير الانتخابات بطريقة مبتذلة وبشكل اكبر من انتخابات عام (2018)، وأتوقع أن تغيير قانون الانتخابات حالياً سيصب بمصلحة الأحزاب الكبيرة المتصدرة للمشهد من خلال امتلاكها المال والسلاح، ولان القانون كنسبة وتناسب (1.7) المقدمات لتطبيقه في الواقع العراقي حالياً هي غير موجودة، مثلاً قانون الأحزاب وتمويلها (من أين لك هذا؟) غير مطبق ولو طبق لكانت المعادلة مختلفة، بالإضافة إلى قوانين وتفاصيل أخرى".
ويتوقع الربيعي خلال حديثه لوكالة نون الخبرية، أن "نسبة اجراء الانتخابات المحلية (50%) ما لم يحدث طارئ جديد، وتصاعد وتيرة المشكلة في غزة وفتح أبواب صراع اكبر على عدة محاور، والظروف الغامضة في ظل غياب تدخل التيار الصدري، ومن الممكن النظر إلى إمكانية تأجيل الانتخابات قد تكون بعامل طارئ غير محسوب حاليا ألا وهو الوضع في كركوك، ففي حالة رغبة أحد الأطراف بتأجيل الانتخابات، فانتخابات كركوك حالياً عليها علامة استفهام وممكن استغلالها، لكن في ظل الوضع الحالي وإذا كان ظرف يوم الانتخابات مثل الآن أتوقع ستجري في موعدها المحدد".
وجود مجالس المحافظات من عدمه واحد !
ويرى الربيعي أن "وجود المجالس المحلية من عدمها لم يؤثر على واقع المحافظات، لأن المعادلة بالأساس غير خاضعة لمصلحة إحقاق عامة للشعب، المحافظين والمجالس لم يكن وجودهم من اجل التنافس على تقديم خدمة، إنما لغاية التنافس على كسب المغانم، وفي المحصلة النهائية المحافظ في ظل مجالس المحافظات كان لا يعمل وبعد تجميد عمل المجالس كذلك، وعذره السابق وجود المجلس، أما اليوم أصبح يتحجج بأمور أخرى من ضمنها التمويل والقوانين والبيروقراطية".
ويقول الربيعي، إن "فكرة مجالس المحافظات أن تكون موجودة ومن خلالها يتم اختيار محافظ ورئيس مجلس هي فكرة رائعة جداً وفي اغلب دول العالم الديمقراطية التي تتمتع بديمقراطية حقيقية وشفافية ودولة مؤسسات، تطبيقها يؤدي إلى استقرار وتقدم وازدهار، لكن في العراق الحالي وجود المجالس من عدمه لا يفرق، وكل ما في الأمر أن الابتزاز الآن بدل أن يكون بين المجلس والمحافظ أصبح مباشر بين المحافظ والأحزاب ذات التأثير".
غياب مجلس المحافظة انعكس ايجاباً على كربلاء
الباحث في الشأن السياسي الدكتور غالب الدعمي، بيّن خلال حديثه، لوكالة نون الخبرية، أن "وجود مجالس المحافظات من الناحية القانونية دستوري، إلا انه ليس بالضرورة أن تطبق كل أجزاء الدستور لاسيما فيما يتعلق بالمؤسسات، فهناك مجلس اتحادي دستوري لكن مجلس النواب يرفض تشريع قانونه، فبمعنى أن مجالس المحافظات ليست ضرورية في الوقت الحالي، وانعكس عدم وجودها ايجاباً على عمل المحافظات، وخير مثال بعض المحافظات نهضت نهوض كبير ومنها كربلاء".
ومن المؤمل أن تجرى الانتخابات المحلية في 18 كانون الأول المقبل، وستكون هذه أول انتخابات محلية تجرى في العراق منذ نيسان 2013، وتتولى مجالس المحافظات المُنتخبة مهمة اختيار المحافظ ومسؤولي المحافظة التنفيذيين.
تقرير: ابراهيم الحبيب
أقرأ ايضاً
- 400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟