بقلم: سعيد البدري
بات الموقف من القضية الفلسطينية هو المقياس الحقيقي لسلامة الضمير وتأكيد الانتماء للامة، قضية فلسطين كاشفة والانحياز لها يعني البقاء على قيد الانسانية وصحوة الضمير، ربما لا يصلح شخص مثلي للفتوى، لكنني حر في ما اعتقد، واعتقادي الجازم يقول، ان ضمير المتصهينين متعفن اكثر من الصهاينة انفسهم، النفاق العروبي وصل مرحلة خطيرة، حيث تسلل لقلوب الكثيرين، وباتوا مؤسسة تفتي وتقلب الحقائق لأجل استرضاء نتنياهو والخرف بايدن وقبل ذلك الخنزير ترامب، في حضيرة الخراف العربية ووقت حضور الكبش الاكبر ارتفعت ثواج المطبعين، فهللت قنوات التلفزة واعلن عن نجاح مؤتمرهم، تحدثوا عن تسويات، تجلب الحظ وترسم لوحات عن مستقبل باهر مزدهر مع شريك قالوا بانه (موثوق)، وسيأتي معه الخير العميم، باختصار كان هذا الميل للصهيونية واضح المعالم ومنذ وقت طويل، المهم في امر مؤتمرهم الصوري ان الوثائق جاهزة للتوقيع، والعهد الجديد يقتضي البصم بالعشرة و(طز بالشعب) فهو منقاد وسيرا على نهج الحجاج من يرفع رأسه فسيهوي معه والسلام.
بمناسبة الحديث عن السلام، برروا وقالوا انه حاجة تمليها ظروف السعي للحل، وقد انطلت الخدعة على بعض الشعوب، التي سعوا لتدجينها وتسييرها لتسبح بحمد سمو الشيخ ودبلوماسية طويل العمر الاحمق، الذي بدى كذلك وابتلع لسانه طيلة ايام المواجهة القائمة، بين معسكر الاحتلال والمقاومين الفلسطينيين، نعم موقف الحكومات العربية المطبعة، اشد المواقف ضعفا واكثرها جبنا وخنوعا، فلا بيانات نارية كالتي يطلقون بوجه بعضهم البعض، ولا قطع علاقات، ولا حتى تهديدات بالتدخل لردع نتنياهو وحكومة حربه المارقة المهزومة، كان البعض يتوقع رد فعل ازاء غزة ولو من باب الفات النظر والاعتراض، وياله من واقع مرير، حين نرى ونشاهد كل ذلك البرود والتجاهل، الكاشف عن خسة ونذالة تلك الحكومات، بوصفها حكومات عار عربية الجنسية لا الانتماء والهوية.
في هذه الوقت من المعركة التي تجاوزت مرحلة الفرز وتحديد الوجهة، ينبغي فهم ان جزئية التشويه وقلب الحقائق لم تعد تنطلي على الشعوب، لانها باتت تفهم الكثير من اسرار التسلل الناعم وشق الصف العربي والاسلامي، فالامر واضح، ويجب ان تقرر هذه الشعوب مع اي جبهة نكون، لا ان نستفهم مع من يجب الوقوف ولمن تجب النصرة، لكيان مجرم، غاصب و عنصري، قاتل دموي !! ام نصطف مع شعب يعاني التمييز والتشريد، القتل، التمييز والحرمان من ابسط حقوقه ومستلزمات عيشه وكرامته !!
مع من نقف ونصطف وننتصر، قولا وفعلا وبأصرار وثبات، "ارى ان الموضوع محسوم ولا يتطلب اكثر من كلمة نصرة، صادقة تحدد الاستحقاق ووجهته"، الموقف السليم يبدأ من غزة تحديدا، و لا ريب ان موقفنا المبدئي يأخذنا حيث يقف شعب فلسطين، الارض والدم والتاريخ والمصير، والحق ايضا، انهم شعبنا واهلنا من ذوي القربى، لا معنى لأنكار اي شيء من ذلك، نعم هم اهلنا شاء من شاء، وأبى من أبى ..
لقد ضربت مقاومة غزة اروع صور البطولة والشجاعة، وثبت خلفها الشعب الفلسطيني مساندا وناصرا، فباتت غزة حالة واحدة مقاومة وشعبا، حيث يقف على ارضها الجميع معلنين الرفض الأبي، بلسان المقتدر الواثق، وقد كانوا قبل ذلك منتظرين فيه لحظات خالدة كهذه بشي من اللهفة، فالمشهد ملحمي بكل ما تعني الكلمة من معنى وهو يروي قصة كفاح شعب ومقاومة، شعب يرفض الاستسلام ومقاومة تنمو وتكبر، مشهد من مشاهد الانتماء للارض (الام) فلسطين التي تجد ابنائها الشرعيين وقد كبروا و باتوا رجالا اشداء، الارض التي كان التمسك بها لعقود مع الدموع ونزيف الدم والصبر، درسا بليغا من دروس الانتماء فحجارتها السلاح الذي بدأت منه المقاومة، واليها تنتمي وتنتهي وتحتضن اجساد المقاومين الذين يدفعون ارواحهم، ويبذلون دمائهم رخيصة قربانا لعزتها.
لقد انتظرت هذه الارض طويلا في ان يكون لابنائها الفلسطينين دور وتمكين، وقد كانت غزة الصمود على موعد مع ساعة الحقيقة، فهاهم مقاوميها يضربون اروع امثلة الشجاعة والثبات، بوصولهم وتلقينهم العدو في الاراضي المحتلة، دروسا في ما يعنيه اصرار شعب، وعزيمة جيل يأبى نسيان هويته، وارضه وبلاده، ضربة (المعلم) القسامية بكل ما اظهرته من تكتيكات ومناورة وحسم، وعبر اساليب مبتكرة مع انطلاقة عملية (طوفان الاقصى) اذهلت العالم وجعلت ما يسمونها حكومة اسرائيل اضحوكة لكل شعوب الارض، مؤكدا لازال امامنا الكثير من الوقت لنشاهد ونوثق تلاشي قوة العدو وسقوط رهاناته وحساباته ايضا، كما ان امامنا ما يجب ان نتعلمه من صبر لنتخيل ما ينتظر المغتصبين، من جولات ردع واذلال، فما ينتظر هولاء الاوغاد من ضربات مؤلم، وهو اشد ألما واقسى مما يتصورون فلا مجال للتراجع والخوف والتردد، لأننا نعيش زمن الاقتدار نعم اننا نعيش زمن المقاومة والنصر والظفر، وزمن الخزي والذل والخنوع لمن غادروا جبهتنا واتجهوا للارتماء بأحضان نتنياهو مختارين، فتعسا لهم ما اختاروا، وهنيئا لنا احتفاءنا بانتصارات المقاومة، وبداية عهد استرداد الكرامة ومعاقبة المحتلين الاوباش، و هنا في قلب كل مسلم غيور شيء من عنفوان وشموخ غزة، نعم هنا في الصدور يرتفع اسم غزة الكرامة، فهي (غزة هاشم) التي انجبت فرسان الشرف، وشهداء الحق الذي يأبى النسيان والضياع.
أقرأ ايضاً
- العراق، بين غزة وبيروت وحكمة السيستاني
- ماهو مصير من ارتكب هذه الجرائم النكراء في غزة ؟؟؟
- موقف السيد السيستاني من سرقة أموال الشعب بعنوان مجهول المالك؟!