بقلم: إنتصار الماهود
"دريتي شصار!! غير فلان صار مستشار بوزارتنا، أي أي هذا الي تعرفينه وطلع بالدفرات و دور ثاني من الكلية، مدري منو صعده بهذا المنصب وشراح يسوي؟؟".
بهذه الكلمات صعقتني إحدى الصديقات، بعد أن تم تعيين مستشار جديد في وزارتهم ضمن جيش المستشارين الموجود أصلا.
قاطعت صمتي بسؤالها "أكلج صدك هو المستشار شنو شغلته؟؟ شو كل يوم جايبين النا واحد جديد وبس عدد ينضاف كل شي ما شفنا منهم؟؟".
أجبتها مبتسمة بخبث، حسنا صديقتي، وصلتي حتما للشخص المناسب ليجيبك عن سؤالك الفضولي.
المستشار هو ذلك الشخص الخبير المحترف، الذي يقدم المشورةفي مجال معين، وفي الحضارات القديمة مثل حضارة وادي الرافدين، كان الكهنة يقومون بدور المستشار للملك ويقدمون له النصح والإرشاد لتسيير شؤون المملكة، وفي حضارتنا كانوا يعرفون بإسم (أبكالو) أي حكماء السماء السبعة فهم حسب ما وصلنا من المخطوطات التأريخية، أنهم نصف بشر ونصف آلهة، وكذلك الحضارة الفرعونية، يكون مستشار الملك أو وزيره هو الكاهن الأكبر، وفي العصر الإسلامي كان هنالك مجلس الشورى الذي يتكون من عدة أشخاص يقدمون النصح للخليفة أو الحاكم وتقلص العدد فيما بعد ليختزل بمنصب الوزير الأول او القاضي الأول، وفي الحضارة اليونانية كان الفيلسوف أو المعلم كما يسمونه هو من يقدم النصيحة للحاكم، ولم يظهر مصطلح المستشار (counselor) أو الناصح (advisor) إلا في بريطانيا عام 1066م ويعتبر اللورد وليام كوبر الأول، هو أول من يحمل لقب المستشار في العصر الحديث، وعلى المستشار أن يكون محللا و مستمعا جيدا، كي يستطيع أن يفهم مشاكل العامة، ويقدم النصح المطلوب للحاكم لحل مشاكلهم وخدمتهم، وفي وقتنا يجب ان يحمل شهادات عليا تؤهله لهذا المنصب.
ردت بتهكم على كلامي "عليج ابو فاضل، هذا الملهمد شفهمه بهذا الي حجيتيه الي وهو حتى الماجستير ما كدر ياخذها ؟؟".
تسآلت بيني وبين نفسي، هل تتوفر تلك الشروط في معظم مستشارينا ولا نريد أن نعمم بالطبع فهنالك من هو أهل له ويستحق منصبه، إن السلطة في العراق هرمية، من رأس الدولة وهو رئيس الجمهورية لغاية اصغر دائرة حكومية، لكل من تلك الطبقات في الهرم السلطوي جيش من المستشارين، بعضهم قد أدى خدمات قيمة ومهمة، وبعضهم مجرد أرقام تثقل ميزانية الدولة العامة، لقد بحثت كثيراً عن الأعداد الحقيقية للمستشارين في الرئاسات الثلاث والوزارات، لم أجد أرقاما محددة معتمدة لدراستها وتحليلها، لكن ذكرت أحد التقارير الصحفية أن في عام 2017 إبان حكم رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، بلغ عدد المستشارين 550 مستشارا من ذوي الدرجات الخاصة، بإمتيازاتهم ورواتبهم وحماياتهم، وتم تقليص هذا العدد بصورة كبيرة لسببين:
1. الترهل الكبير في المناصب والدرجات الخاصة.
2. بسبب الازمة المالية التي مر بها البلد بعد الإنخفاض الحاد في أسعار النفط، مما تسبب بعجز في الموازنة العامة.
لا أعلم هل فعلا تم ترشيق عدد المستشارين في ذلك الوقت، أم كان مجرد دعاية إعلامية لإبن عمنا العبادي؟ .
نحن لغاية اليوم نقرأ الكتب الرسمية أو نشاهد الأخبار، التي تتحدث عن تعين "فلان" مستشارا أو "علّان" خبيرا، وفي نفسي اسأل هل نحتاج لهذا العدد الكبير من المستشارين؟ أم نحتاج لقلة خبيرة مخلصة متخصصة والتي تؤدي مهامها على أكمل وجه؟؟.
تلك الرواتب والإمتيازات التي تصرف شهريا، أليس الأولى أن يتم إستغلالها في إنعاش صناعة القطاع الخاص والمشاريع الشبابية المنتجة!!.
على الأقل ستمتص جزء كبير من البطالة، هنالك الكثير من الأفكار الإقتصادية التي تعج برأسي الصغير والتي ستشكل حلولا واقعية تخدم المواطن كثيرا، رغم أنني مجرد "مواطنة بزعانة" ولست مستشار أو خبير إقتصادي، إلا أنني أقرب للمواطن الآن وأكثر فهما لما يريده، لا أعرف هل جرب حضرة المستشار أن يفكر كمواطن عاطل عن العمل، ليعرف كيف يمكن أن يجد حلا ولو لمشكلة مهمة واحدة من كم المشاكل الكثيرة التي يعاني منها البلد؟؟
أنا لا أعرف!! هل تعرفون أنتم؟؟؟
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!