واجه قرار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بمنع الاستعراض العسكري لفصائله، ترحيب الأوساط السياسية، لاسيما وأنه يأتي بالتزامن مع تحركات أمريكية على الحدود العراقية السورية، ومع اقتراب الزيارة الأربعينية، إذ رأى مراقبون أن القرار يأتي للنأي بتياره عن أي "إشكالية" قد تحدث وسط هذه الأجواء، في حين، اعتبرها الإطار التنسيقي خطوة مهمة وتحولا في سيرة التيار المليئة بالاستعراضات المسلحة.
ويقول الباحث في الشأن الأمني والسياسي سرمد البياتي، إن "توجيه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، يأتي في ظل الشائعات حول التحركات الأمريكية، فهو متعلق إلى حد ما بهذه الشائعات، وله علاقة بقضية الصراع السياسي المحتدم".
ويبين البياتي، أن "الصدر يريد أن ينأى بنفسه وتياره عن أي إشكاليات ربما قد تحصل خلال زيارة الأربعين المليونية، ولذا جاء هذا القرار من باب الاحتياط، وهو قرار جيد، حتى لا يتهم التيار الصدري بأيٍّ من التهم في حالة إثارة أي قضية خلال الأيام المقبلة".
ويضيف الباحث في الشأن الأمني والسياسي، أن "زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، اتخذ هذا الإجراء من أجل أن لا يكون الصدريون طرفا بأي نزاع في الساحة خلال الأيام المقبلة، خلال زيارة الأربعين المليونية أو غيرها، وربما اتخذ الصدر هذا القرار، بناءً على معلومات وردت له، بخصوص أمر معين".
وكان الصدر قرّر، السبت الماضي، منع أي استعراض عسكري لفصائله المسلحة "سرايا السلام" من دون الرجوع إليه في ذلك، وشدد في توجيه خاص إلى السرايا على منع أي استعراض عسكري مسلح منعاً باتاً، "إلا بعد مراجعتنا"، مشيراً إلى ضرورة سن قانون عقوبة على كل من يخرق ذلك القانون والقرار، فيما دعا الصدر مسؤول السرايا تحسين الحميدواي إلى تعميم هذا القرار، واتخاذ اللازم بأسرع وقت ممكن.
يذكر أن التيار الصدري، انسحب في حزيران من العام الماضي، من العملية السياسية في البلاد، بعدما أعلن الصدر عن ذلك خلال اجتماعه في النجف بنواب الكتلة الصدرية الذين قدموا قبل أيام استقالتهم من البرلمان بعد 8 أشهر على إجراء الانتخابات التشريعية لم يتمكنوا خلالها من تشكيل حكومة.
من جانبه، يجد المحلل السياسي المقرب من التيار الصدري، محمد علي الحكيم، أن "بيان الصدر الأخير بوقف أي استعراض عسكري لسرايا السلام التابع له، ينطوي على رسائل سياسية لكل الأطراف العراقية بضرورة الحد من عسكرة المجتمع، واحترام الدولة مهما كانت ضعيفة أو فاشلة، حيث لا يمكن الخروج باستعراض عسكري لكل جهة تملك السلاح وتزرع الرعب في قلوب المواطنين".
ويلفت الحكيم، إلى أن "الصدر لا يريد أن يكون سببا لأي شوشرة في الوقت الحاضر وأي استعراض عسكري، فالأمريكان والحكومة العراقية في الوقت الحاضر مشغولون بالميليشيات والأطراف الخارجة عن القانون والسلاح المنفلت، والصدر لا يريد أن يحشر نفسه بالأمر، ويريد أن يكون بعيدا عن كل التوترات"، مشيرا إلى أن "الصدر بعد انسحابه من الحكومة والبرلمان وكسر جرة الفشل برأس الإطار، يريد بتجميد الاستعراض العسكري لسرايا السلام، إرسال رسائل بأن كل ما يجري في الشارع سببه الأطراف الأخرى، وهي المسؤولة عن كل ما يجري من سلاح منفلت واستعراض للجماعات المسلحة".
ويستبعد أي رسائل للجانب الأمريكي، لأن "الصدر يتعامل ضمن إطار الدستور والقانون، وما دامت هناك اتفاقية إطار استراتيجي، فينبغي احترام الاتفاقيات الدولية بين العراق والأطراف الأخرى".
ويتابع، أن "الصدر مع بناء دولة بعيدة عن الفئوية والحزبية والطائفية، يستظل الجميع تحتها، وتراعي الدستور والقانون بعيدا عن استعراض العضلات لكل فصيل مسلح لم يتبع أوامر القائد العام للقوات المسلحة".
ويأتي قرار الصدر في ظل تحركات عسكرية أمريكية على الحدود العراقية السورية وصفت بأنها "مشبوهة"، على الرغم من أن البنتاغون نفى ما تداولته وسائل إعلام ومواقع التواصل حول وجود تحركات عسكرية لقواتها في البلاد، وذكر متحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية: لم يحدث أي تحرك من هذا القبيل في الأيام القليلة الماضية، سواء داخل العراق أو في اتجاهه.
ويذهب، المحلل السياسي المقرب من التيار الصدري عصام حسين، إلى أن "زعيم التيار مقتدى الصدر يرفض نشر السلاح في الشارع أو عمل أي استعراض عسكري، فهذا يعطي انطباعا للشعب العراقي بانعدام الأمن، والصدر دائما ما يريد الحفاظ على أمن المواطن وقوة الدولة".
ويهاجم حسين، القوى المناوئة قائلا، إن "الصدر ليس مثل الآخرين، فهم يستخدمون المليشيات المسلحة لتنفيذ أجنداتهم السياسية، وهذا الأمر ثبت من خلال معارضتهم للتحالف الثلاثي، وكيف استخدم السلاح والصواريخ، بل حتى وصل بهم الأمر إلى استهداف رئيس الوزراء في وقتها (الكاظمي)، لذا فالصدر يختلف عن قادة المليشيات الموجودين حاليا في السلطة".
ويضيف المقرب من التيار الصدري، أن "الصدر حريص على سمعة الصدريين وعلى عدم استثمار أي استعراض عسكري، سياسياً بالضد من التيار الصدري، من خلال الترويج بأن التيار الصدري يريد أن تكون هناك فوضى في محافظات الوسط والجنوب".
ويخلص إلى أن "توجيه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، هو رسالة لكل دول العالم بأن التيار صاحب مشروع سياسي ولا يستخدم السلاح من أجل إثبات وجوده، وهذا القرار يهدف إلى تعزيز الأمن المجتمعي وإعطاء مجال للحكومة في فرض الأمن في كل المحافظات وإبعاد يد المليشيات عن رقاب المواطنين".
وغالباً ما تنظم الفصائل المسلحة استعراضات عسكرية، مع أي حدث في العراق، وكثيرا ما تُفهم تلك الاستعراضات كتهديد للحكومات والضغط عليها لتنفيذ رغباتها، إذ بلغت تلك الاستعراضات ذروتها في زمن رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي.
في المقابل، يقول القيادي البارز في الإطار التنسيقي حسن فدعم، إن "القرار الأخير لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، كان قرارا إيجابيا، وينم عن المسؤولية تجاه العراق، وإن كان هذا السلوك الخاطئ موجودا طيلة الـ20 سنة الماضية".
ويبين فدعم، أن "سلوك الاستعراضات العسكرية والمظاهر المسلحة في كل محافظات العراق، كان يثير اشمئزاز الشعب العراقي"، لافتا إلى أن "هناك قوة سياسية اشتركت بالعملية السياسية منذ سنة 2003 وحتى الآن، لكنها لم تتظاهر ليوم واحد ولم تظهر بمظهر عسكري ولو لمرة واحدة، كونها تؤمن بالسلمية والتداول السلمي للسلطة، ولذا نتمنى أن يكون قرار الصدر الأخير هو شعور بالمسؤولية وشعور بالخطأ السابق".
ويضيف القيادي البارز في الإطار التنسيقي، "لا نريد تفسير هذا القرار بتفسيرات سلبية، وربطه بالقضايا التي يروج لها البعثيون والمنحرفون في مواقع التواصل الاجتماعي بشأن التحركات الامريكية في العراق من أجل الإطاحة بالنظام السياسي في البلاد".
وختم فدعم بالقول "نتمنى أن تلتزم الجهات المعنية بقرار الصدر، ونتمنى أن يكون هناك قرار مستدام، فالمظاهر المسلحة لا تليق بالجهات السياسية، ومن يعمل بالسياسة عليه التخلي عن السلاح، ونتمنى من جميع الفصائل والجهات أن لا تستعرض أبدا بالسلاح، فهي تستعرض على شعبها وهذا لا يلق بها، ولذا قرار الصدر كان شجاعا، ونتمنى أن يستمر".
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- نذر نفسه لمساعدة الناس: ام " الشهيد احمد" ..ولدي توسل بالحسين لنيل الشهادة ممزقا فكان له ما اراد
- اسكنوا اعداد اضافية وقدموا خدمات :اصحاب فناق سوريون يثمنون مبادرات العتبة الحسينية ويتعاونون معها
- نينوى تخسر 40% من أراضيها الزراعية بسبب الاستثمار الجائر والتوسع العمراني