- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الرسالة المحمدية تتألق في القضية الحسينية
بقلم: حسن كاظم الفتال
هلموا بنا لتقتبس سراج الحسين عليه السلام الأبلج الساطع ومن وهجه سبيلا ونقتفي امتداد نوره لنهتدي بهداه ونبلغ الصراط به الأقوم ومنه إلى الفلج .
حين تتأجج بنا الحسرات فليس إلا اعتناقُ نور الحسين عليه السلام يخمد حرها ويحيلها بردا وسلاما .
فإنه صلوات الله عليه إشراقةٌ ربانيةٌ أنعم الله بها على خلقه .
وجاد به رسول الله صلى الله عليه وآله أعظم قربانٍ لديمومة مسيرة رسالته وإحيائها .
هل فينا من لا يدرك أن الإمام الحسين صلوات الله عليه ما هو إلا معجزةٌ سماوية كونية لا نظير لها ؟ حتى إن ازدحمت العوالم بالمعجزات وتواترت الكرامات . إنما هو الكرامة التي مَنَّ الله سبحانه وتعالى بها على المقربين من كرمه ولطفه وعطفه ممن خلق والمعنيين بندائه: ألست بربكم والمجيبين بلى.
حيث أن الله جل جلاله خلق الكون وخلق الأشياء وخلق الإنسان فعلمه البيان انما قبل ذلك خلق أنوارا ليجعلهم بشرا منذرين مبشرين وحين أوجد الكون صاروا علة وجوده وأنشأ لهم سماءً مبنية وأرضا مدحية وجعلهم أقطابا وأركانا وأسيادا على الكون كله .
وهم أنوار أزهرت وراحت تتلألأ فتنير ببريقها الكوامن قبل أن تنير الآفاق سراً قبل العلن .
الامام الحسين صلوات الله عليه مصحف مشهود مقدس تنزلت آياته قبل فجر ابتداع الكون قبل أن يقال للكون كن فيكون .فصار للحق مدخلَ صدق ومخرج صدق . وبواطن وجوهر آياته متساوق مع تجليات بواطن جوهرية منطوق مفهوم لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها. هذا المصحف آياته لا تتلى الا من قبل ذوي الفطرة السليمة واصحاب البصيرة الحادة ولا تُرتلُ الا بالبصيرة وكلما كانت البصيرة حادة كان فَهْمُ الآيات واقتباسها واستيعابها أشد وأقوى وأعظم وأكثر انماءً للروح .
لذا فإن الله سبحانه وتعالى أذِن لرسوله صلى الله عليه وآله أن يتهجد به بنافلة هيبة وقدس وجلالة ووقار ليضمن له التنعم بالسرمدية والخلود . ولتصان رسالة محمد صلى الله عليه وآله وتُحَصَن وتَكسب ديمومة ابدية .
ديمومة وبقاء وابدية الرسالة ضمان كل ذلك استوجب تقديم قربان شريطة أن يكون لا أغلى ولا أنفس ولا أعز منه .
قربان أرادته السماء وقبلته ليحفظ شرائعها ويضمن ديمومة مسارها وتطبيق أحكامها.
فهل ثمة أغلى وأنفس وأعز على نفس رسول الله صلى الله عليه وآله إلا الحسين صلوات الله عليه الذي وصفه بقوله : (حسين مني وأنا من حسين )
الحسين صلوات الله عليه ما هو إلا ترنيمة تهجد بها الأنبياء جميعا وهنئوا بها خيرهم وسيدهم محمدا صلى الله عليه وآله . وثم واسوه وعزوه بفقده .
بحر هداية ربانية انبسطت أمواج رحمته وعطفه لتعوم عليها جلالة شريعة موسى عليه السلام وتمر بسلام وأمان لكنه ينشق ليغرق جبروت فرعون كل زمن وعصر
امتدادية الرسالة الحسينية توثيقا وتطبيقا
الحسين صلوات الله عليه نجم في سماء الزهو والعنفوان والكبرياء إنه كجسد فقد هوى على ثرى كربلاء إنما بقي مبدأً حياً وروحا تتحدى المنون ورسالة إصلاحية إنسانية حية غاية في العظمة لا يدنوها العدم لتعاصرها كل الأجيال بتعاقبها وتقرأها قراءة حية واعية في كل زمن ومكان .
حسين الإباء .هو الحق اليقين وحبل الله المتين وصاحب البلاغ المبين القائل : ( أسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم فمن قبلني بقبول الحق فاللَّه أولى بالحق. ومن رد عليَّ هذا أصبر حتى يقضي اللَّه بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين )) .
هو ليس الا اشراقةَ زهو وعنفوان وكبرياء تستضيء النفوس بعزته حين يدلهم ليل الخنوع والذل والهوان .
وهو الدليل الأبرز والأعم والأوضح إلى صراط الحرية المستقيم .
سبيله العظمة وصهوته الكرامة وتسبيحه الاصلاح ورداؤه الاستقامة ,
لم يكن هو الآمر بالمعروف فحسب بل هو المعروف بعينه أنفاسه المعروف يؤثر صناعة المعروف على صون دمه الزكي من الإراقة والسفك . وحين سال دمه الطاهر المقدس خطَّ على الثرى دينا قيما وشريعة وصراطا مستقيما وحفر أخاديد ليسقط بها المتجبرون
هو قربان أحاطت به التقوى وتزين به الهدى وشعت به الكرامة والقيم السامية حتى حين نثر الغيُ على جلالة رأسه الشريف الأسنة والرماح .
أسرى صلوات الله عليه بِخِيَرةٍ ممن اصطفاهم الحق والاصلاح واتبعوه لنصرة دين الله جل وعلا .
وحين حل ميعادُ عرس الشهادة هبطت الملائكة واصطفت لتزفه إلى الميدان وهي تتهجد بنشيد قدسها : (وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ ) ـ الفجر.
فراح الضلال يطش بالرماح والأسنة والسهام واستبدلت السيوفُ المهجنة القبلاتِ بالطعنات وطعنت كلَّ ركن منه ثم راحت تؤدي صلاتها على نحره فيتجه نحو الله بطمأنينة فتعود الملائكة لتنشد بتبليغها: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30) ) ـ الفجر
ترادفت الملائكة بنزولها أفواجا افواجا وعمدت لأن تصنع له من تراب وادي الطف نمارق تُقَبِل شيبته المقدسة وتستنشق عبقه ليستأنس الوادي بتوسده ويتعطر .
ثم تعاضدت أفواج الملائكة لتحمله وتعرج به إلى السماء لتعود به إلى الجنة وحيث كانت الجنة تتطلع وتترقب عودة منشئها فهي التي خلقت من نوره ليعود لها ويكتمل نورها وتزدان به شبانها بعودة سيد شبابها .
حين هوى من جواده الميمون لم يسقط الى الأرض بل تلقفته القلوب حيث ارتمى ليستقر فيها قبل أن تتلقفه أكف الملائكة وغدت القلوب له حجورا ومستقرا
فأقول : وبيوم صارت كربلاء لك منزلا ** شيدت في كل القلوب منازلا.
أقرأ ايضاً
- تكامل ادوار النهضة الحسينية
- ماهي الدلالة والرسالة في بث مقطع فيديوي للقاء المرجع الاعلى بالشيخ الكربلائي
- النوايا الحسنة للعتبة الحسينية المقدسة