لم ينته مسلسل الحوادث المرورية في العراق، إذ يسجل ارتفاعا متزايدا بشكل يومي حتى بلغت الحوادث أرقاما خيالية في العامين الماضيين لتتجاوز الوفيات فيها الآلاف.
وأظهرت الإحصائيات المعلنة من قبل الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط، والتي شملت 15 محافظة، أن عام 2021 شهد 10 آلاف و659 حادثا، أدت إلى 2828 حالة وفاة و11 ألفا و230 إصابة، فيما تصاعدت بنحو 8 بالمئة في العام 2022، الذي سجل 11 ألفا و523 حادثا، تسببت بوفاة 3021 شخصا وإصابة 12 ألفا و677 شخصا، أي بمعدل 960 حادثا في الشهر، بواقع 32 حادثا و8 وفيات و35 جريحا يوميا.
ويقول مدير إعلام مديرية مرور ذي قار، المقدم مؤيد حميد، إن "الحوادث تنقسم إلى قسمين، الأول عند الطرق السريعة والتي ينتج أغلبها عن طريق السرعة الفائقة أو استخدام الهاتف المحمول الذي يشتت انتباه السائق، فضلا عن شعور السائق بالنعاس، والقسم الثاني هي الحوادث الداخلية في المدن، وتكون إما بسبب السير عكس الاتجاه أو الاستدارة الخاطئة وعدم الالتزام بالإشارة المرورية".
ويكمل حميد حديثه، بأن "رداءة الطرق وعدم متانة المركبات أيضا سبب آخر في الحوادث، لذا نجد أن 85 بالمئة من الحوادث تقع على مسؤولية السائق، و10 بالمئة على المركبة والطرق".
وكانت محافظة البصرة الأعلى بين المحافظات في الحوادث المرورية، رغم أنها ثالث محافظة في التعداد السكاني، حيث سجلت فيها 1767 حادثا، فيما كانت محافظة ميسان الأقل بواقع 334 حادثا، وتصدرت البصرة بحوادث الاصطدام بتسجيلها 1117 حادثا وتلتها النجف 630 حادث اصطدام ومن ثم بابل 633 وكانت ميسان الأقل بحوادث الاصطدام بواقع 160 حادثا.
هذه الإحصائيات اعتمدتها وزارة التخطيط وفقا لمديرية الإحصاء الجنائي التابع لوزارة الداخلية، والتي أشارت إلى أن ذروة هذه الحوادث كانت في ثلاثة أشهر من السنة هي أيلول الذي سجلت فيه 1165 حادثا وتشرين الأول 1099 حادثا وتشرين الثاني 1081 حادثا، وكان شهر كانون الثاني هو الأقل بواقع 785 حادثا، وعزت أسباب الارتفاع في هذه الأشهر الثلاثة لبدء الدوام الرسمي في المدارس والجامعات ما يزيد الزخم والكثافة المرورية في الطرق.
إلا أن الملفت للنظر، هو أن 55.2 بالمئة من الحوادث المرورية حصلت داخل المدن و44.8 بالمئة كانت في الطرق السريعة الخارجية، وكانت النسبة الأكبر من الحوادث في وقت النهار، إذ بلغت 6668 حادثا ومن بعدها ليلا بواقع 2199 حادثا، أما الأقل هو عند شروق الشمس والغروب، كما أن 79.2 بالمئة من أسباب الحوادث كانت بسبب السائق ويليها بسبب متانة وقوة السيارة بنسبة 8.1 بالمئة ومن ثم رداءة الطرق بنسبة 6.2 بالمئة، ومن بعدها المشاة والركاب وأسباب أخرى كانت بنسبة 6.5 بالمئة.
وبشأن الافتقار للتوعية المرورية وما تسببه من مآسٍ عديدة، توضح الباحثة الاجتماعية شروق الجبوري، أن "التوعية المرورية تجنب المواطنين الكثير من الحوادث، والتي تمثل الخطوة الأولى للوقاية منها، فهذه التوعية جزء مهم في تحقيق الأمن المجتمعي، كما أنها ليست حكرا على إدارات المرور وأجهزة الشرطة، بل هي مسؤولية مشتركة جماعية يشترك بها جميع الأفراد".
وتؤكد أن "التوعية المرورية هي مجموعة من المنظومات والسياسات والخطط ذات البرامج الهادفة، والتي تنتج مضامين ووسائل تتعلق بمختلف جوانب الحياة المرورية والتي تستخدم وسائل اتصالات مختلفة لنشر الرسائل والخطاب التوعوي للمجتمع".
وأشارت بيانات الجهاز المركزي، إلى أن 470 من وفيات الحوادث المرورية هم من الأعمار الشابة العاملة المنحصرة بين 18 إلى 24 سنة، فيما كانت الأعمار المنحصرة بين 54 إلى 59 سنة هي الأقل بواقع 87 وفاة.
وبلغت نسبة الحوادث نتيجة السرعة الشديدة 16 بالمئة من مجموع الحوادث المرورية، أي بواقع 1846 حادثا ويليها عدم الانتباه ومن ثم الاجتياز الخاطئ، وسجلت الحوادث نتيجة الانشغال بالهاتف المحمول 44 حادثا.
وتعد مسألة تطوير طرق العاصمة، بالإضافة إلى الطرق الخارجية، من المسائل القديمة، ودائما ما تتم المطالبة من قبل المواطنين بتنفيذ هذا الأمر من دون جدوى.
ودخلت العراق ملايين السيارات في العقدين الأخيرين، من دون أية توسعة في شبكة الطرق والجسور، ولا أي تحديث بوسائل النقل العام، في ظل قطع مستمر للعديد من الطرق الرئيسة والفرعية، لأسباب مختلفة بينها الأحداث الأمنية والتجاوزات عليها وتحويل بعضها لأماكن وقوف.
من جانبه، يوضح الناشط كاظم العبودي، أن "هناك أسبابا عديدة لحوادث السير التي يذهب ضحيتها مئات الشباب، منها الطرق المتهالكة التي تعاني من الحفر والمطبات والتشققات وبعضها باتجاه واحد، فضلا عن افتقار الطرق للعلامات المرورية وخطوط السير والأرصفة الجانبية".
ويتابع "كما أن أغلب الجسور متهالكة ولا تتم صيانتها بشكل دوري، حتى تآكلت وباتت لا ترى ليلاً"، مبينا أن "هذه الأزمة تتحمل دوائر المرور جزءا كبيرا منها، فدوائر المرور مهملة لواجباتها ومكتفية بالغرامات فقط، ولم تراع الأهم وهو السيطرة على الطرقات ومتابعات العجلات المسرعة أو تسيير دوريات في الطرق السريعة وغيرها الكثير من الأمور".
وكانت وكالة نون الخبرية قد سلطت الضوء على مصير إيرادات دائرة المرور في تقرير مفصل، وفيه أكدت مديرية المرور العامة أن المبالغ التي يتم جمعها تذهب إلى وزارة المالية، لكونها إيرادات رسمية، مشيرة إلى أن مديرية المرور تعمل وفق نظام التمويل المركزي وليس التمويل الذاتي، لذلك لا حصة لها من هذه الأموال.
وبحسب التقرير السابق، فأن إيرادات المرور من المفترض أن ترسلها وزارة المالية إلى وزارة الإعمار والإسكان لتطوير الطرق، لكن هذا الأمر شابته بعض الخروق، وهو ما دفع السوداني مؤخرا إلى التوجيه بتفعيل هذا القرار ووصل الأموال إلى وزارة الإعمار.
جدير بالذكر، أن أغلب المحافظات تضم طرقا غير صالحة للسير، وسميت بـ"طرق الموت" بسبب الحوادث الكثيرة فيها والتي غالبا ما تؤدي إلى وفاة الكثير من الأشخاص، وذلك نتيجة للتخسفات وعدم وجود تخطيط أو حواجز فيها، وخاصة الطرق الدولية الرابطة بين المحافظات أو الأقضية.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- الألغام.. عشرات الآلاف من الضحايا وملف التطهير مازال عصيا
- يونامي تتضامن مع الضحايا والناجين والناجيات من جرائم داعش وتكشف عن وثائق وادوات تساعد العراق لاستكمال عمل اليونيتاد
- كربلاء.. دعوات لتفعيل النقل الجماعي وحل عقد الزحامات المرورية