بقلم: علي حسين
انشغلت صحف فرنسا امس بخبر الحكم على الرئيس الفرنسي الاسبق نيكولا ساركوزي بالسجن ثلاث سنوات، بتهمة استغلال النفوذ، وقبل عشرة اعوام تم الحكم على الرئيس جاك شيراك بالسجن لمدة عامين، ولم تكتف المحكمة بالسجن، بل انها اصدرت قرارا بحرمان ساركوزي من حقوقه المدنية، مما يجعله غير مؤهل لأي انتخابات.
استغلال النفوذ تهمة مضحكة في بلاد الرافدين، فماذا تعني ان يستغل المسؤول وظيفته، ويستثمر النائب مكانته في صفقات وعمولات؟
في بلاد الرافدين نسمع عن الاستغلال في كل مفاصل الدولة، ونعرف جيدا أن "حيتان" ما بعد 2003 لم يتركوا مجالاً دون أن يستغلوا نفوذهم فيه، هم وأقاربهم وأحبابهم، بل ذهب الخيال بالمؤسسة الديمقراطية العراقية ان وضعت النائب مثنى السامرائي رئيسا للجنة النزاهة البرلمانية ! هل هناك كوميديا اكثر من هذه ؟.
منذ أن قرر "المناضل" احمد الجبوري الملقب بأبو مازن فتح بورصة المناصب داخل قبة البرلمان، ونوابنا الأفاضل السابقون منهم واللاحقون، مصرون على تحويل قاعة البرلمان إلى سوق تعرض به أصناف الوظائف، المطلوب فقط الدفع بالدولار ثم تجلس على كرسي الوظيفة.
هكذا تحولت الديمقراطية في العراق من ممارسة حضارية تستند على القانون، ووسيلة لخدمة الناس إلى مزايدات لتكتب في النهاية شهادة وفاة للعراق الجديد وتخرجه من التاريخ المتحضر لتضعه في قاع التخلف والمحسوبية.
وأتمنى وأنت تتابع معي ما يجري في بلاد الرافدين، ان تعرف ان الصحافة في فرنسا اعتبرت الحكم على ساركوزي لحظة فارقة في تاريخ العدالة.
والآن، هل جنابك مُصرّ على معرفة الفرق بين ديمقراطيتنا "العظيمة" وديمقراطية فرنسا العرجاء؟.. هل تريد أن تعرف الفرق بين ساركوزي ومسؤولينا الأشاوس، اذا عليك ان تحفظ هذه العبارة جيدا: المنع من ممارسة العمل السياسي.. فانت وانا نعيش في ظل عملية ديمقراطية سمحت لمن نهب وسرق وقتل على الهوية ان يظل صاحب الصوت الاعلى !.. اما في باريس فقد تصدرت صورة ساركوزي رهن الاعتقال الصفحات الأولى.. فالخطأ هناك لا حماية له.. كما أن القانون ليس رجلا، ولا مزاجاً شخصياً.
في الديمقراطيات الحقيقية يتجاوز الاعلام حدود المحرمات السياسية، وعندما يخطأ السياسي او المسؤول تصبح كل افعاله تحت رحمة الصحف والفضائيات.
وقبيل خروج ساركوزي من قصر الإليزيه وبعده صدرت عشرات المقالات والكتب عن قضاياه الشخصية. وقبله بدأت الصحافة تدخل إلى أسرار جاك شيراك لكي تنبش فيها. ودمرت الصحافة الفرنسية مستقبل الرئيس جيسكار ديستان السياسي.. فيما نحن لا نزال نصر ان نغلق ابواب الحقيقة امام الناس ونطارد الصفي إذا تجرأ وكشف المستور.
أقرأ ايضاً
- منع وقوع الطلاق خارج المحكمة
- العراق، بين غزة وبيروت وحكمة السيستاني
- هل يستحق المحكوم ظلما تعويضًا في القانون العراقي؟