- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
قرداحي وحساسيات الساحة العراقية
حجم النص
بقلم:سالم مشكور
الحملة الحالية ضد الإعلامي جورج قرداحي هي الثانية.
عام 2021 وبعد توليه حقيبة وزارة الاعلام اللبنانية، بدأت حملة إعلامية وسياسية ضده، بحجة انتقاده لاستمرار الحرب في اليمن لمجرد أنه قالها إنها تحولت إلى حرب عبثية، كانت ذريعة فقط، السبب الحقيقي هو أنه جاهر بموقف مناهض للحرب على سوريا، وهو ما استفز الدول الضالعة فيها باعتراف رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الأسبق.
في العراق واجهته مؤخرا حملة تشويه وهجوم.
الموضوع لا علاقة له بانتقاد نظام أو حرب، انما بسبب مديحه واشادته برئيس الحكومة السيد محمد شياع السوداني.
يمكن القول إنه هو من حفّز هذه الحملة ضده.
استفز مديحه البعض فتوفرت فرصة لآخرين للانضمام اليها لأسباب أخرى قد لا يبتعد بعضها عن دوافع الحملة الأولى ضده، وكأن أصحاب تلك الحملة قرروا مطاردته أينما ذهب.
مشكلة قرداحي أنه ليس سياسياً، ولا يجيد تقدير الموقف خلال اطلاق مواقفه أو مشاعره.
ولهذا لم نره في برنامج سياسي تلفزيوني.
عند التحضير لإطلاق قناة العربية أواخر عام 2002، كان يفترض أن يقدم فيها قرداحي برنامجا سياسيا واسعا يتضمن تقارير ومقابلات وأخبارا، وبعد عدة حلقات تجريبية لم تخرج إلى الجو، تم الغاء البرنامج ليعود قرداحي بعدها إلى برنامج «من سيربح المليون».
في بغداد أطلق قرداحي العنان لعواطفه في شأن عراقي دون أن يعي حساسيات الساحة العراقية وصراع القوى والمناكفات بينها، ومزاجية الشارع العراقي.
تصرف وكأنه يقابل مسؤولاً خليجياً.
ربما يكون موقفه الذي عبر عنه بإشادة، من ملاحظته للهدوء الذي يشهده العراقي داخليا ومع الخارج، أو سمع عن خطوات إيجابية من أصدقاء عراقيين له، وكان بإمكانه التعبير عن موقفه في لقائه الشخصي مع السوداني، وليس على منبر كان دوره فيه هو المحاور المهني الذي يجب أن يتجرد من كل موقف.
كال المديح والاشادة في بلد ينظر أغلب أهله إلى هكذا تصرف على أنه تملّق وتقرّب، خصوصا إذا كان هذا التصرف يصدر عن غير عراقي.
ذاكرة العراقيين مثقلة بمشاهد الصحافيين والأدباء العرب، الذين كانوا يكيلون المديح لرأس النظام السابق لقاء أموال وبيوت وكوبونات نفط، بينما كان العراقيون يتضورون جوعاً.
السبب الآخر هو أن شدة قصور وتقصير الحكومات السابقة، وعدم اقتراب أدائها من طموح الناس ضيّق من فرص النظرة الإيجابية للحكومة مما يجعل أي مديح لها محل استنكار، ورسّخ خصلة عراقية تاريخية بعدم الرضا عن أي حاكم.
بعض من شارك في الحملة على قرداحي استفزه اعتماد اعلامي لبناني في حوار عراقي داخلي، مفسرين ذلك بعقدة دونية أزاء الآخرين والزهد بالطاقات المهنية العراقية.
وجهة نظر هؤلاء لا تخلو من صحّة مع تفصيلات لا مجال لذكرها هنا.
السياسة أيضا كانت لها حصة في الحملة ضد قرداحي، فكثير من المهاجمين له هم من معارضي الإطار الشيعي، ممن يزعجهم أي حديث عن أداء جيد للحكومة الحالية التي يملك أغلبيتها، والمحسوبة على ذات المحور الاقليمي الذي يؤيده قرداحي، والذي حرّك الحملة السابقة ضده.
عوامل عديدة تضافرت وساهم هو في توفير ظروفها، وراء الحملة العراقية على الإعلامي اللبناني جورج قرداحي، لم تكن لتحدث لو فهم تعقيدات الساحة العراقية وحساسياتها.
أقرأ ايضاً
- اهمية ربط خطوط سكك الحديد العراقية مع دول المنطقة
- حماية الاموال العراقية قبل الانهيار
- نصيحتي الى الحكومة العراقية ومجلس النواب بشأن أنبوب النفط الى العقبة ثم مصر