بقلم/ نجلاء عبد علي عمران
أغلب الذين نتعامل معهم بود ومحبة واحترام، ونجدهم مبدعين في مجال عملهم، ونعجب نحن الهاوين بمهارتهم وقدراتهم، ولكن هناك ميزة التذمر فيهم وخلق الإحباط فينا حين نسألهم او نقدم لهم عمل معين لتقيمه.. رغم كل اليأس الذي يسطرونه علينا لا نتقاعس، ولا نتذمر بالعكس نفرح بآرائهم ونصائحهم ونخذ بها لجادة الصواب، ومن كثرة التواصل شعروا بالملل من أعمالنا واندفاعنا نحو المستقبل. وحين نتصل بهم نجدهم باستمرار مشغولين لا يردون على هواتفنا وحين نحصل معهم على اتصال ونتفق على لقاء نراهم بشكل مغاير عما رسمناه في مخيلتنا.. لا موعد ثابت واذا حضر كان متمنناً، وإن فتح بابه لك، ترك ذهنه بعيدًا عنك وكانه لا يراك، أمامك هو روح بلا جسد خاوي من كل شيء.. يتلفظ بجملٍ يُعيدها في تأفف، تارةً بيديه وتارةً بشفاهٍ متلعثمة.. "مشغول"!. يتعذّر بأحمال الدنيا والآخرة الملقاة على عاتقه… ثم يبتسم حين يجدك تقول له أنت مبدع ومجدد وطاقة كبيرة ولك اسمك الذي حفر في عمق التجربة العالمية!. ينطلقون حين تمنحهم بريقًا كاذبًا!. والواقع يقول: أن أكثر الشخصيات نجاحًا في هذا العالم، يُسيرون حياتهم بنظامٍ وحِنكة.. والأعذار والتكبر على الأخرين.. نكتة سخيفة، بل أصحبت أكثر سماجة في عصر التقنية ومن المعيب أن ندعي التيه والتجاهل، وأن التظاهر بالانشغال الدائم، لن يرفع القدر، قيد أنملة.. ولن يزيده إلا سخرية وابتذالًا. وكل ذلك أتي من التكبر والتعاظم على الغير والتعالي عليهم، لما يراه الإنسان في نفسه من التفوّق والتقدّم على الآخرين. وهو غير العجب، لأن العجب هو الإعجاب بالذات، أما التكبّر فهو التعالي على الناس والترفّع عليهم. وهو من أخطر الأمراض الخلقية، وأشدّها فتكاً بالإنسان، وادعاها إلى مقت الناس له وازدرائهم به ونفرتهم منه. وهي من الصفات التي يبغضها كما في قوله تعالى بسورة النحل آية( 23) "إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ" لأنها صفة وخُلق أهل جهنم وذكر تعالى في سورة الزمر آية (60) "أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ". وقد ذمّ الحق تعالى التكبر كثيراً حيث خاطب المتكبر في سورة لقمانآية( 18) " وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ". وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: "فاعتبروا بما كان من فعل الله بإبليس إذ أحبط عمله الطويل وجهده الجهيد وكان قد عبد الله ستّة آلاف سنة لا يُدرى أمن سنيّ الدنيا أم من سنيّ الآخرة عن كبر ساعة واحدة(نهج البلاغة، خطبة 287). وهناك دوافع كثيرة تعود كلها إلى أن الإنسان يتصوّر لنفسه كمالاً معيناً، وبسبب حبه لذاته، ومغالاته في تقييم نفسه، وتثمين مزاياها وفضائلها، والإفراط في الزهو بها، فإنه يرى نفسه الأكمل والأفضل والأعظم والآخرين أدنى منه، فيترفّع عنهم ويقلل من شأنهم. وقد يكون هذا الكمال المتوهّم نابعاً من الأمور الدنيوية كأن يتصوّر نفسه عالماً أو عابداً، ويرى في المقابل الآخرين جاهلين لا يعلمون شيئاً.
أقرأ ايضاً
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- الآثار المترتبة على العنف الاسري
- الضرائب على العقارات ستزيد الركود وتبق الخلل في الاقتصاد