ضمن جهود تبذلها وزارة الكهرباء العراقية لتحسين خدماتها في العراق، تتحرك دوائرها الفنية لإجراء الاختبارات الأولية لنصب العدادات الذكية، التي تهدف إلى السيطرة على المهدورات وتحصيل فواتير الكهرباء من المستخدمين، وفق آليات تمنع التلاعب بالقراءات الاستهلاكية، وتحد من الفساد.
المهندس في قسم المقاييس الذكية في وزارة الكهرباء، محمد عامر، يؤكد لـ"ارفع صوتك": "تم وضع مواصفات فنية معينة في سمات المقياس الذكي لابد من توفرها في التجربة المراد اعتمادها خلال المستقبل القريب".
ويوضح: "ضمن المواصفات التي وضعتها الوزارة، ربط المقاييس (العدادات) بالمحطات ومراقبتها عن بعد وإذا ما كان هنالك تلاعب من قبل المستهلك أو من قبل قارئ المقياس، سيعطي الأخير إشارة بذلك، فضلاً عن إمكانية اعتماد نظام الدفع المسبق لأجور الجباية عبر كارتات (بطاقات) التعبئة".
ويقول عامر إن هناك "عروضاً مقدمة من خمس شركات لتجهيز المقياس الذكي، والوزارة بصدد إجراء التجارب عليها بغرض المحاكاة الواقعية، بعد أن تم اعتماد اثنين منها، تم نصب الأول في محطة رئيسة والآخر في وضع الاستهلاك ويجري مراقبة أدائه وقدرته الفنية في تحقيق المواصفات المطلوبة".
بالنسبة للتحديّات أمام هذا الإجراء، يشير عامر إلى "ربط المقاييس بأنظمة الاتصال اللاسلكية، حيث يتطلب وجود شركات مجهزة قادرة على توفيره بالكفاءة المطلوبة وبأثمان أقل كلفة".
وتتعرض شبكة الكهرباء الوطنية إلى هدر كبير بالطاقة الكهربائية بسبب تقادمها أولاً والتجاوزات التي تتعرض لها من قبل العديد من الأهالي .
يقول ماهر الصعب، وهو مدير محطة حديثة، أن "أحد تقارير وزار الكهرباء للأعوام السابقة أشار إلى أن الهدر في نقل الطاقة الكهربائية وصل نحو 58% من الإنتاج بسبب التجاوزات على الشبكة والتوسعات السكانية، بالإضافة الخسائر الفنية".
"فالطاقة المهدورة تعني أموالاً غير عائدة للدولة وغير مسجلة"، يضيف الصعب لـ"ارفع صوتك".
ويشكل موضوع الطاقة في العراق أحد أكثر الملفات الشائكة والمعقدة التي ظل التعثر فيها قائماً رغم الأموال التي بذلت على ذلك القطاع، وتجاوزت أكثر من 80 مليار دولار خلال العقدين الماضيين، بحسب تقرير لجنة التحقيق في تعاقدات الكهرباء التابعة لمجلس النواب السابق.
وغالباً ما تفشل الشبكة الوطنية في تجاوز الاختبارات خلال مواسم الذروة، خصوصاً فصل الصيف، ما لتكون سبباً رئيساً في اندلاع الكثير من التظاهرات والحركات الاحتجاجية في العراق ما بعد 2003.
وعلى مدار السنوات الماضية، لم تستطع وزارة الكهرباء تحقيق أي تقدم ملموس في مجال الجباية واستحصال الواردات من المستهلكين، رغم محاولات كثيرة.
وتتمثل المشكلة الرئيسة، في توسع حركة العشوائيات والمناطق الزراعية التي تم استخدامها للأغراض السكنية، ما تسبب بتجاوز كبير على الشبكة الكهربائية دون أن يكون لذلك الاستهلاك مردودات مالية لصالح القطاع المجهز لتلك الخدمة.
وفق تصريحات سابقة وإحصائية شبه رسمية، لم تتجاوز نسب الجباية المتحققة في أفضل أحوالها 15%، بما يعادل 700 مليار دينار عراقي، بينما يفترض أن تصل لـ 4-5 تريليون دينار سنوياً.
وينفق العراق سنوياً على تجهيز الطاقة فيما يختص بملف استيراد الغاز المورد بما يصل إلى نحو 10 ترليون دينار، ما يعني أن قطاع الكهرباء هو الثاني في ترتيبات إنفاق الموازنة السنوي، بعد الرواتب الحكومية.
وكان المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء، أحمد موسى أكد أن الوزارة أنهت الدراسة حول موضوع الجباية بعد الاطلاع على تجارب دول الجوار وإقليم كردستان.
وأضاف أن مجلس الوزراء خوّل وزارة الكهرباء للمضيّ بالتعاقد مع شركات استشارية للتحول الذكي بالشبكة الكهربائية، الذي يتضمن العدادات الذكية ونصب منظومات تعمل بالبطاقة، مبيناً أن المشروع سيُطلق في خمس محافظات بشكل تجريبي، ثم يتم تعميمه على بقية المحافظات.