رعد العراقي
يخطأ من يظن أن خسارة القوة الجوية أمام نادي الشباب السعودي بأربعة أهداف نظيفة وخروجه من مرحلة التصفيات الأوليّة المؤهّلة لنهائيّات بطولة الأندية العربية كانت عطفاً على الفارق الفني بين الفريقين فقط ، بل هو بتوصيف أدقّ خسارة كتبت وبإرادة مُسبقة تنقصها الحِكمة بالتصرّف وتدفعها أهواء المُجازفة بسُمعة النادي ومُمثّل الوطن والاعتداد بالرأي من دون استشارة أو تفكّر بمصير ما تؤول اليه الأمور كنتيجة وما تتبعها من آثار قد تطيح بعرش أحّد الأندية العريقة في ما هو قادم من مُنافسات.
لا أعلم كيف انساقت إرادة الهيئة الإداريّة للصقور وراء ضغوط رابطة المُشجّعين وتنازلت بسهولة عن خدمات مدرّبها قحطان جثير بعد الخسارة المستحقّة أمام نادي الكهرباء الفريق الذي فرض احترامه، وبات رقماً صعباً لا يُعيب أي نادٍ تعرّضه للخسارة أمامهُ، ما تبعه من أحداث كانت الجماهير أحّد أسباب ما جرى حين دفعت باللاعبين للانسياق وراء انفعالها، وحاولت الاعتداء على حكم المباراة ، وتسبّبت في تعرّض النادي الى عقوبات قاسية أحدثت ثورة غضب لا مبرّر لها بيّنت عُمق أزمة الثقة وصواب الرأي في التصرّف بالأزمات ، وتقبّل الخسارة حتى وإن كانت غير مستحقّة أو بأخطاء تحكيميّة كانت ولا زالت هي جزء من لعبة اسمها كرة القدم!
أين كانت مصلحة النادي وهو لا تفصله عن مهمّة خارجيّة لا تتجاوز موعدها بضعة أيام حين إرتضت الهيئة الإدارية عزل المدرب قحطان جثير بالتسوية معه ورمي كلّ رواسب ما حدث من أخطاء في حضن المدرّب ولجنة الانضباط ، ثم التحصّن بإرضاء وكسب ودّ رابطة المشجّعين وكأنها أزاحت ثُقل المسؤوليّة عن كاهلها للخروج من الأزمة حتى ، وإن كانت على حساب الخروج بخسارة مُذلّة!
قد يكون من المُفيد المُقارنة بين موقِف الهيئة الإدارية لنادي الزوراء حين واجهت ذات الضغط من رابطة مشجّعيها المُطالبة بإقالة أيوب أوديشو وتلحقهُ هي الأخرى خارج أسوار النادي برغم عدم وجود استحقاق خارجي للنوارس ، إلا أن إدارة فلاح حسن تمسّكتْ بمدرّبها ورفضت كُلّ الضغوط وفقاً لرؤية فنيّة سليمة ذهبت نحو المُعالجة من دون التخلّي عن رُكن الاستقرار ، ومنح الثقة للكادر التدريبي برغم بعض النتائج غير المُلبية للطموح ، والأمر ينسحب كذلك الى إدارتي ناديي الشرطة والطلبة حيث ذهبتا نحو إجراء تغيير بالكوادر التدريبيّة في الوقت المناسب بهدوء برغم أن روابط المُشجّعين لها لم تكن تدفع باتجاه التغيير! بينما ذهبت إدارة نادي القوة الجوية نحو تغيير الكادر التدريبي برغم نتائج الفريق الجيّدة سواء في منافسات الدوري وحتى في نتيجة مباراة الذهاب أمام نادي الشباب السعودي التي انتهت بالتعادل الإيجابي!
باختصار.. حين نوجّه حديثنا الى الأندية الجماهيرية وإن كانت بقسوة وبدافع الحرص فإننا نتمسّك بحقّ لنا على أندية لها تاريخ وعُمق جماهيري هو من أسبغ عليها ذلك اللقب ، وعليه لابد أن يكون عملها مبني على الأسس المتينة ، وتتصرّف وفقاً لنهج احترافي يستندُ الى الثقة بالنفس وقوّة الإرادة والاستقلاليّة بالرأي دون الانجرار وراء أهواء وعواطف الجماهير التي لا تدرك أنفار منها أو مئات عواقب التدخّل بقرارات فنيّة ، والأهم أن يكون موقفها دائماً مع حِفظ هيبة القانون في التصدّي لكُلّ ما يُسيء للكرة العراقية ، وتتّجه نحو التمسّك بالوسائل الرسميّة في الاعتراض على أي قرار تحت مبدأ "القانون فوق الجميع".