- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
عن التعداد السكاني التنموي مرّةً أخرى
بقلم: د. عماد عبد اللطيف سالم
يعتقدُ كثيرونَ (وهم على حقٍّ في قناعتهم هذه، وتدعمهم في ترسيخ قناعاتهم شواهد كثيرة)، بأنّ سعي "الطبقة" السياسية الحاكمة في العراق، لإجراء هذا التعداد (في هذا الوقتِ بالذات)، هو محاولة منها للتضليل، والتدليس، ومصادرة المطلوب، وتجاهل للأولويات الإقتصادية والإجتماعية الرئيسة، عبر طرح مثل هذه "الديكورات البائسة".
وهناك تأكيد على "أنّ الاستقرار... هو نقطة الشروع الحقيقية نحو التنمية".
وفي غياب هذا الإستقرار (السياسي والإقتصادي والمجتمعي)، فإنّ هذه "الأشياء" التي تحاول هذه "الفئة" تسويقها، إنّما تندرِج في ظل لعبة "الارجوحة"، بهدف إبقاء العراق في تلك الارجوحة، تتقاذفه مصالح تجار الحروب، و"قادة" المغامرات الإستعراضية، بهدف الإستمرار بالتحكّم بمصيره.. وأنّ هذه "الترتيبات" والقرارات، والإجراءات لاقيمة لها بالمطلق، ولن تكون لها قيمةٌ أبداً.
إنّ "مزاجي" التشاؤمي، و "موقفي" الخاص (كما تعرفون) يميلُ عادةً إلى مثل هذه الطروحات.. وأنا أيضاً لديّ أسبابي الشخصية والمعرفية التي تجعلني أكثرُ تقبُلاً لطروحاتٍ كهذه.
غير أن مخاوفي، هي كمخاوف الكثيرين منكم، من أن تحقيق الإستقرار في العراق قد يكون صعب المنال، أو صعب التحقيق، أو قد لا يتحقّق أبداً.. وبالتالي فأنا لا أودّ التفريط بفرصة كهذه، تُعَد بمثابة خطوة في الإتّجاه الصحيح.
لقد قَلَّت هذه الخطوات، وتضاءلت، بل وأنعدمت.. وطيلة عشرين عاماً لم نشهد خطوةً "إقتصادية" أو "تنموية" واحدة في الإتّجاه الصحيح.
لذا، فأنا لا أريدُ في هذه الحال، الإستمرار في كتابة المراثي، والنحيب على الأطلال، لعلّ وعسى، سنجِدُ أخيراً بصيصاً من الأمل، أو خيطاً من الضوء في نهاية هذا "السواد" العظيم.
عندما تُتاحُ لنا فرصةٌ كهذه، فليس بوسعنا (مُختصّين وأناساً عاديين) إلاّ أن ندعمها بكلّ الوسائل الممكنة، ولا يجبُ أن نلتَفِت لـ "النوايا" التي تقف وراءها، سيّئةً كانت أم طيبة.. فالدول والإقتصادات لا تُبنى بنوايا كهذه.
الكثير من أطراف هذا "النظام السياسي"، بطبيعة تكوينه و"مكونّاته" ذاتها، وقف دائماً، بل وقاوم بشراسة إجراء تعدادٍ عامٍ للسكان كهذا.
علينا أن نقبلَ، وندعمَ، الدعوة الحاليّة لإجراء تعداد سكاني "تنموي"، لكي نلتَفَّ على المبررات المذهبية والعرقية والمناطقية التي تتعكّزُ عليها الكثير من الأطراف السياسية الحاكمة، لمنعِ تنفيذِ تعدادٍ كهذا.
إن إطلاق صفة "تنموي" على هذا التعداد، إنّما يُراد بها تجاوز الكثير من الإنقسامات على أسس عرقية أو طائفية أو مناطقية.
سيتم التركيز في هذا التعداد على "المؤشرات" التنموية.
لقد أنجز الجهاز المركزي للإحصاء في العراق بعد عام 2003، الكثير من "المسوحات"، وفي جميع المجالات، بهدف الحصول على "مؤشرّات" كهذه.
ومهما كانت "دقّة" و"قيمة" هذه المؤشرّات، فإنّها لن تكون بديلاً كافياً، أو موثوقاً، عن "المخرجات" الإحصائية الناتجة عن تعدادٍ"شاملٍ" كهذا.
هذا هو كلُّ شيءٍ الآن.
الباقي هو مجرّد "بديهيات" نعرفها جميعاً.
سلاماً .. وأمناً .. ومحبة.
أقرأ ايضاً
- وقفه مع التعداد السكاني
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- الآثار المترتبة على العنف الاسري