بقلم: رعد العراقي
تتشرّف البلدان بانتداب سُفراء لها في مختلف دول العالم، يحملون بين جوانحهم مسؤوليّة إظهار الوجه المُشرق والمتطوّر لبلدانهم من خلال انعكاس رزانة شخصيّاتهم، ودبلوماسيّة تصرّفاتهم، وغزارة معلوماتهم، وإلمامهم بكلّ خفايا واجباتهم.. وأخيرا رُقيّ ثقافاتهم.
قد تكون مُفردة "السفير" الصفة الوحيدة التي تجمع بين مَن يمارسها كعمل وظيفي حقيقي ممثلاً لوزارة الخارجيّة، وبين من يحملها اصطلاحاً كتشريف يُكلّف به استناداً إلى مكانتهِ الاجتماعيّة وتأثيره في الوسط الذي يعمل به يمكن أن يكون له دور مؤثّر في تمثيل البلد خارجيّاً.
بالتأكيد إن مهمّة اختيار السفراء للعمل في سفارات دول العالم تخضع الى ضوابط وشروط مُحدّدة بالغة الحساسيّة، وتصاحبها موافقات من جهات رسميّة حكوميّة هي من تصادق على صحّة الاختيار قبل أن يخضع الشخص الى دورات متخصّصة تتيح له الوصول الى مراحل في أداء مهامّهم على مستوى متقدّم.
المشكلة الحقيقيّة تكمن في منح لقب "السفير" لشخصيّات من أوساط مختلفة، كالفن والثقافة والرياضة وغيرها، وفقاً لاجتهادات شخصيّة أو استبيانات لمواقع التواصل الاجتماعي لا تستند لمعيار ضوابط وشروط محدّدة، ولا تخضع لموافقات حكوميّة رسميّة في إجراء ربّما ينعكس سلباً على سُمعة البلد ونظرة المجتمعات الأخرى إذا ما ثبت أن منح الصفة لم يكن دقيقاً والخيار ليس صائباً!
المسألة لا تتعلّق بالشخوص أو أحقيّة البعض منهم في التصدّي لتلك المهمّة، وإنما تذهب رؤيتنا إلى تنامي استسهال عمليّة (تمثيل البلد) تحت أي عنوان مثلما تهاوت قيمة (منح جوازات السفر الدبلوماسيّة) التي أصبحت حديث الشارع عندما تحوّلت إلى (تكريم) غير مدروس، وفي بعض الأحيان (اجتهاد شخصي) لا يخضع لأي قوانين تحافظ على قيمة وحساسيّة تلك الوثيقة.
الساحة الرياضيّة حالها كحال بقيّة مفاصل المؤسّسات بدأت تتأثر بفوضى التوصيف ونالت أيضاً حصّتها من جوازات السفر الدبلوماسيّة.. في وقت أثيرت بها تساؤلات عن مغزى ذلك الإجراء، في حين أن هناك اسماء وعناوين كبيرة لها مكانتها وثقلها في الصحافة الآسيوية أو اللجان الرياضيّة الأخرى كانت ولا زالت تعاني من تأمين حضورها في الاجتماعات أو الملتقيات الخارجيّة برغم استحقاقها الفعلي أن تحمل لقب السفير وواجهة تمتلك الجواز الدبلوماسي لتسهيل مهامها.
السؤال الأهم.. من يتحمّل مسؤولية فشل مهام السفراء الممثلين لمختلف التوصيفات حين لا تتناسب كفاءتهم الحقيقيّة مع حجم المهمّة، وتنعكس بالسلب على سُمعة البلد! والأمر ينسحب أيضاً على من يحمل الجواز الدبلوماسي.
باختصار.. نحتاج إلى تنظيم ودراسة متأنيّة تشرّع من خلالها ضوابط وشروط في تحديد كفاءة الشخوص بمنحهم صفات التمثيل الخارجي أو حملهم وثيقة دبلوماسيّة من خلال لجان متخصّصة لأي مفصل طالما ان الجميع يتفق على أن ذلك التمثيل لا يتعلّق بفرد وشخصه بقدر ما هو يمثل صورة وسمعة بلد بأكمله، ومن حقنا أن نطلع ونقتنع بأسباب أي اختيار بدلاً من قبول ما تفرضهُ مواقع التواصل الاجتماعي وفزعات التصويت العشوائي الذي لا يفرّق بين المُثقف والمستثقف !