جهود كبيرة من اربع سنوات حولت الصحراء الى خضراء واتسعت مساحات الزراعة من الف دونم الى اربع الاف دونم، لتدعم السلة الغذائية للعائلة العراقية في وقت اشتدت فيه الصعوبات الاقتصادية على الناس جراء ارتفاع أسعار الدولار والمواد الغذائية، وزادت من مساحة الحزام الأخضر والأراضي الخضراء وحسنت البيئة ووفرت فرص عمل لعائلات فلاحية ضربها الجفاف وتركت الزراعة، وتخطط لنقل تلك التجربة الى صحراء محافظة المثنى لإنعاشها، تلك هي صفحة واحدة من صفحات المشاريع العملاقة التي تنفذها العتبة الحسينية المقدسة لإحياء الأرض وخدمة الانسان.
آبار ومرشات
وقال رئيس قسم التنمية الزراعية في العتبة الحسينية المقدسة المهندس قحطان عوز لوكالة نون الخبرية، ان "مشروع مدينة سيد الشهداء (عليه السلام) الزراعية المختص بزراعة المحاصيل الاستراتيجية مثل الحنطة والشعير الذي ينفذه قسم التنمية الزراعية التابع للعتبة الحسينية المقدسة، بدأت مرحلته الأولى بزراعة مساحة الف دونم في العام (2018 ـ 2019) في قضاء عين التمر ووصلنا الآن الى زراعة (4000) دونم أي بمساحة عشرة ملايين متر مربع، وهذه الأراضي التي زرعناها هي أراضي صحراوية ومصدر اروائها يعتمد على الآبار باستخدام التقنية الحديثة بسبب شحة المياه التي يعاني منها العراق ما دفع المزارعون ومشاريعهم الزراعية الى الاعتماد على تقنيات الري الحديثة المتمثلة بالمرشات المحورية ووفرنا تلك التقنيات الحديثة من مناشئ عالمية رصينة مثل منظومات (الزيميتك) الأميركي والخريف السعودي والبور النمساوي التي تتميز بانها تعتمد على أعماق الآبار من عمق (100 ــ 120) متر وتعتمد على مضخات الغواطس من أنواع هندية وايطالية ومناشيء أخرى وطواقم قدرتها من (50 ــ 70) حصان وحسب قدرة المرشات المحورية التي تتراوح بين (80 ــ 120) دونم موزعة بين (4 ـ 5) أبراج تحتاج الى ايدي عاملة قليلة وتقلل كلفة الإنتاج وتمنع هدر بالمياه، وفيها منظومات سيطرة (برودكشن وكير بوكس) وحماية تلقائية لأنها تتوقف عن العمل اوتوماتيكيا في حال حصول اي خلل لتحافظ على الزرع والمرشات من الاذى، وتمكنا من تغطية ارواء الاف الدوانم بشكل يومي وكامل وحسب المخطط الزراعي".
البداية والتمويل الذاتي
وأضاف عوز، ان "البداية كانت بزراعة الف دونم وكانت الأرض غير منبسطة ووعرة جدا ولا تصلح للزراعة واشبه بالصحراء وادخلنا اسطول من الآليات التي قامت بعمليات التعديل والتسوية والحراثة وبذلت جهود جبارة في تهيئتها لزراعة محاصيل الحنطة والشعير، وتمكنا من تحويلها الى واحات خضراء بتخطيط سليم وإدارة ناجحة وتقنيات حديثة ووصلنا الى زراعة أربعة الاف دونم وبتمويل ذاتي من قسم التنمية الزراعية في العتبة الحسينية المقدسة ولم نقترض الا مرة واحدة بقرض مبلغه مليار و150 مليون دينار نقوم منذ سنوات بتسديده بدفعات حسب توقيتات مثبتة مع الجهة المانحة، والآن وصلت قيمة المشروع الى (12) مليار دينار عراقي بتمويل ذاتي والقرض تناقص مبلغه بالتسديد المستمر"، معللا أسباب نجاح العمل بالاعتماد على "ارقى الأصناف من البذور المزروعة من مناشيء عالمية مثل أصناف (الوفيه الفرنسي والنزار التركي والنواة والجيهان والصباح) التي تتميز بتحملها للملوحة العالية وانتاجيتها الغزيرة والعالية ولا تنفض سنابلها في العواصف الترابية حبوبها قبل عمليات الحصاد، ونتأمل في هذا الموسم انتاج وفير وعالي، لاسيما بعد توفر العامل المساعد المتمثل بغزارة الامطار التي سقطت في هذا الموسم وتسببت بانتعاش المزروعات لان المحاصيل الزراعية الاستراتيجية لا يكون انتاجها وفيرا دون الامطار، لذلك تشاهدون الان نوع المزروع ودفع المزروعات وعملية (التفسيل) بالمحاصيل تبشر نتائجها بخير وبموسم وفير".
الخطوة المقبلة
وكشف ان "القسم متوجه وحسب توجيه المتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي الى التوسع بشكل اكبر والاتجاه الى صحراء محافظة المثنى بعد تخصيص الأراضي اللازمة للزراعة هناك وتستغل بشكل واسع لننقل التجربة الناجحة الى هناك وانشاء مزارع حنطة وشعير وتطوير الثروة الحيوانية عبر انشاء محطات الابقار، وهو مشروع خطط له بإتقان وبخطوات مدروسة ويجري العمل بوتائر كبيرة وحددت المنظومات المطلوبة والآبار المراد توفيرها وباقي الأمور الداخلة في الزراعة، وسيباشر بالعمل بعد تخصيص الأراضي الصالحة للزراعة والهدف من إقامة تلك المشاريع لتأمين السلة الغذائية لمحافظة كربلاء المقدسة وباقي المحافظات، في وقت يشهد فيه البلد أوضاع اقتصادية صعبة ومتذبذبة يقع تأثيرها بالكامل على العائلة العراقية التي تستطيع الاستغناء عن كثير من الاحتياجات الا رغيف الخبز لأنه محصول استراتيجي يوزع في البطاقة التموينية وتحتاجه العائلة يوميا ويدخل كأعلاف للثروة الحيوانية بعد ان ادخلنا هذا الموسم زراعة الحنطة العلفية على مساحة (120) دونم من صنف الادميرال الذي يحتوي على نسبة بروتين تصل الى (15) بالمئة وانتاجيته عالية جدا يصل انتاج الدونم الواحد منه من ( 2،5 ــ 3) أطنان وسيتوسع انتاجه مستقبلا ليرفد معمل الاعلاف".
تضاهي الاسترالية
واعلن عوز انه "بالرغم من ان التربة البكر الرملية تتعرض الى العواصف الترابية وقلة الامطار التي تتحكم بقلة او زيادة الإنتاج وهي فقيرة لا تحتوي على عناصر غذائية مساعدة مثل الحديد الذي يزيد الإنتاج ما يدفعنا الى زيادة الجرعة السمادية من مادة (الداب) المكونة من نسبة (18) بالمئة نيتروجين و(46) بالمئة من الفسفور مع اليوريا إضافة الى المنشطات السائلة تمكنت مدينة سيد الشهداء (عليه السلام) الزراعية من انتاج نوع من الحنطة وحسب التحليل المختبري في سايلوا كربلاء ظهر الوزن النوعي للحبة المراد به كمية الطحين الموجودة في كل حبه بمقدار (85) بالمئة وهي بركات سيد الشهداء ووصفها مسؤولو السايلوا بانها تضاهي الحنطة الاسترالية، وسوقنا في السنة الاولى بحدود (1500) طن وارتفع الى (2500) طن وهذا الموسم نتأمل وفرة كبيرة لان تحديد الكمية مسبقا يعد صعبا لان الامر متعلق بالظروف الجوية وعوامل اخرى، واذا حقق الدونم الواحد طنا من الحنطة فهو امر جيد وممكن ان نصل الى أربعة الاف طن في هذا الموسم، وخططنا المستقبلية الموضوعة نسعى فيها الى تجاوز مساحة (20) الف دونم زراعة بتقنيات الري الحديثة خلال السنوات الثلاثة او الأربعة المقبلة في حال خصصت أراضي جيدة للزراعة للعتبة الحسينية المقدسة".
فرص عمل
ولفت الى ان "عملية زراعة المحاصيل الاستراتيجية تحتاج الى متابعة دؤوبة وميدانية لذلك تتواجد ملاكاتنا الهندسية والفنية يوميا في الأرض وتكشف عن المرشات والسقي والاسمدة ووصع الزرع ومراقبته ونموه او اصاباته او حاجته للمبيدات، ونسعى الى ان نوصل مشاريع العتبة الحسينية المقدسة الى مرحلة المشاريع النموذجية ذات الإنتاجية العالية التي تكون عونا وسندا للسلة الغذائية والمؤسسات الحكومية المعنية، واعتمدنا على مجموعة من العائلات الفلاحية المختصة بزراعة المحاصيل الاستراتيجية التي تملك خبرات كبيرة بهذا المجال وفق قاعدة ربط الاجر بالانتاج، وهي تعمل على مدار اليوم لمتابعة المنظومات والزرع والبذار والحراثة والتعديل والتسوية والحراسة لذلك تجد العتبة الحسينية المقدسة وفرت لعشرات العائلات من محافظات شتى مثل القادسية وبابل والانبار وواسط فرصة عمل بعد ان منعتهم شحة المياه في محافظاتهم من زراعة أراضيهم ووفرت لهم كل التسهيلات والدعم لنجاح العمل".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير ــ عمار الخالدي ــ علي فتح الله
أقرأ ايضاً
- 400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- "بحر النجف" يحتضر.. قلة الأمطار وغياب الآبار التدفقية يحاصرانه (صور)