بقلم: عبد المنعم الأعسم
أعيان تحالف الإطار التنسيقي الذي يقود المرحلة والحكومة اختلفوا على جملة من الملفات، ويمكن استباق العرض بالقول انهم اختلفوا، الآن، فوق ما هم مختلفون منذ البداية، ولا فائدة من إعادة تكرار القضايا التي تقف وراء تحالفهم، وعناوين ذلك التحالف، فهي في عداد ما يعرفه الجميع.
والحال، ان اختلاف احزاب وفصائل وزعامات الإطار امر متوقع وطبيعي و(اعتقد انه) غير مرشح للتفاعل خارج السيطرة، لكنه جاء سريعا قبل ان يدخلوا معركة انتخابات المجالس والانتخابات التشريعية المبكرة، هدف التحالف لجهة الامساك بالسلطة وابقائها "حصة" للبيت الولائي بعد ان هددتها انتخابات العام 2021 حين طرح التيار الصدري، الفائز الاكبر فيها، هيكلية جديدة لإدارة المرحلة، غير مرضيّ عنها.
وتشمل الخلافات (ولا غرابة) مناصب عليا في السلطة التنفيذية والحكومات المحلية، ويسمونها استحقاقات (كلمة محاصصة مخاتِلة) كما تشمل سياسات واجراءات تنفيذية هي من اختصاصات الحكومة، وتتعدى الى التزامات كانوا قد وقعوها مع البارتي والحلبوسي وحانت ترجمتها الى الواقع، وتمتد (الخلافات) الى الموقف من الوجود العسكري الامريكي، بين مَن يدعو الى انهاء العمل بالاتفاقية الموقعة مع واشنطن، ومن يريد مراجعتها والاجلاء التدريجي للقوات الامريكية.
والخلافات (إذْ لا تفسد للود قضية) تكشف عن مشكلة من ثلاثة رؤوس (الاول) ما له علاقة بين اطراف الكتلة المتنفذة وبعض الموالين لها من "احزاب الغربية" بطهران، في وقت تتوالى رسائل الاخيرة، يوميا، متضاربةً ومتناقضة وفاقدة للنسق المتعارف عليه، وتفيد المزيد من المعلومات عن تشرذم المواقف الرسمية الايرانية حيال القضية العراقية، انعكاسا للانشقاق السياسي الداخلي، وقد نُقل عن بعض مراكز القوى هناك ملامات (نُشرت مؤخرا في بيروت) موجهة لهذا الطرف العراقي أو ذاك من الموالين، وفي مجملها تؤكد عدم رضى الجانب الايراني على الطريقة التي يدير بها الموالون العراقيون ادارة الصراع السياسي فيما بينهم، وبين القوى الاخرى، وبمواجهة الامريكان، و(الثاني) تخبط الخطاب الاعلامي للاطار التنسيقي عند الحدود الدنيا لـ"وحدة الرأي" حيث ظهر هزيلا فئويا متضاربا، مشغولا بتلميع الزعامات وترويج الطائفية، أخذا بالاعتبار كثرة الفضائيات والمواقع والخدمات التي تموّل مباشرة، وبسخاء، من طهران، فيما هجر الكثير من ممثلي واعلاميي التحالف قنواتهم وصاروا يتحدثون عبر فضائيات وصحف اخرى تطعن في سمعتهم وولائهم للعراق، وتتبنى، الى ذلك، انتقاد السياسات الايرانية الرسمية وتدافع عن حركات الاحتجاج الشعبية المناهضة لحكم ولاية الفقيه، و(ثالثا) الرأس المخفي لمشكلة الخلافات بين اطراف الاطار ويُقرأ في ما يمكن تسميته بسر الاسرار، غير المُفصح عنه بجلاء، وهو الموقف من السخط الشعبي الاحتجاجي الذي يحتشد، يوميا، عند نقطة التماس مع نظام الطائفية، القبلية، الفاسدة، ويتجه بجلاء الى نقطة الانفجار.. الامر الذي لا تلتقطه مجسات اصحاب الحل والربط.. ولن تلتقطه طبعا، حتى يداهمهم في عزّ النوم.. وهم في غيّهم يعمهون.
استدراك:
"يستيقظ الأناني وقد جُرح، حتى الموت، بخدشٍ بسيط".
ألبرتو مورافيا
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- الانتخابات الأمريكية البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الاعظم
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟