بقلم:عباس الصباغ
التقارب الاستراتيجي بين العراق والصين يذكرنا باتفاقية الاطار الاستراتيجي المبرمة بين العراق وامريكا (2008) والتي بقيت حبرا على ورق من قبل حكومات كلا الطرفين وذلك بسبب تضارب الاهواء والمناخات السياسية رغم الحاجة الماسة اليها لاسيما الجانب الامني منها، وتتحمل الحكومات العراقية المتعاقبة مغبّة اهمالها وسوء التخطيط والادارة من قبلها ، وامريكيا لعدم تفهّم الجانب الامريكي للأهمية الجيوسياسية للعراق فاكتفت الولايات المتحدة بتحالفاتها التاريخية والتقليدية في الشرق الاوسط كالسعودية واسرائيل مفضّلة النأي عن التورط بمشاكل العراق وعن اعادة سيناريوهات الكوارث التي ادخل فيها الرئيس الامريكي الاسبق بوش بلاده والعالم فيها كأفغانستان والصومال . كانت اهمية العراق الجيوستراجية الفائقة اشارةً التقطتها الصين ، والذي لايُلام في انخراطه في هذا المشروع مع التأكيد من قبل الحكومة العراقية الحالية على عدم التورط في سياسة المحاور فالمهم هو خدمة المصالح الحيوية للعراق ، ففضّل الشراكة مع الصين التي استوعبت الخطأ الاستراتيجي الذي وقعت فيه امريكا ومحاولة جعل العراق ميدانا للاصطراعات الجانبية والتي ليس للعراق ناقة ولاجمل كعملية المطار المؤسفة مثلا ، فاضطر العراق الى رعاية مصالحه التي تتناسب مع موقعه الجيبولوتيكي فانخرط في طريق الحرير الذي هو عبارة عن (منظومة طرق) بحرية ـ برية تربط آسيا والشرق الاوسط مع اوربا ، والعراق هو قلب هذا الطريق اعتمادا على العلاقات التاريخية الطيبة التي تربط العراق مع الصين منذ القدم. خلاصة الاتفاقية تقوم الصين باستيراد مليون برميل /يوميا مقابل ايداع عوائد 100 الف برميل / يوميا في حساب مصرفي خاص ليتم تخصيصها للمشاريع والبنى التحتية وبما يعرف بـ (النفط مقابل الاعمار ) كون العراق شريكا تجاريا مهما للصين فهو ثالث اكبر مورد للنفط بعد السعودية وايران. كانت زيارة الرئيس الصيني شي جينغ بينغ بداية لعصر ذهبي جديد من التنمية والتعاون مع الدول العربية ومنها العراق بعد ان عقد ثلاث قمم خليجية تم التاكيد على 1 . تدعيم التنمية 2.الامن الغذائي 3.التنمية الخضراء 4. امن الطاقة 5.الحوار بين الحضارات 6. تأهيل الشباب 7. الامن والاستقرار 9. التصحر، ومن المؤمل ان توفر الصين فرص عمل كثيرة بعد ان بلغ الاستثمار في الدول العربية حوالي 300 مليار دولار ضمن هذا المشروع ، ومن المرتجى ان يخلق قفزات هائلة في الاقتصاد العراقي ويحقق بوادر تنمية مستدامة ويوفر فرصا للعاطلين عن العمل ويخفف من نسب البطالة والفقر، كون العراق يشكل المحطة الرئيسية في هذا المشروع الرابط بين القارات والحضارات والعراق هو قلب هذا المشروع الحيوي والذي يتناسب مع اهميته الجيوسياسية والجيبولوتيكية والجغرافية . فهل ستبقى اتفاقية الاطار الاستراتيجي المبرمة بين العراق وامريكا من ارشيف الماضي وفي عالم متغير ويسير باتجاه تعدد الاقطاب خاصة نحو التنين الاصفر .
أقرأ ايضاً
- القوامة الزوجية.. مراجعة في المفهوم والسياق ومحاولات الإسقاط
- اغتيال الامام علي بن ابي طالب (ع) اول محاولات القضاء على الدين والعدالة
- السلامة اولا