- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
المعرفة العراقية بين الأهمال والأغتراب
بقلم: د. عبد المطلب محمد عبد الرضا
لقد أشار موقع الأمم المتحدة في نيسان عام 2018 إلى أن المناهج التي عفا عليها الزمن وأساليب التدريس والبنية التحتية الضعيفة تعيق كلها العملية التعليمية في كافة المراحل الدراسية في العراق. كما ذكر البنك الدولي في بيان صحفي له بتاريخ أيار هذا العام بأن أكثر من (90%) من الطلاب العراقيين يعجزون عن فهم ما يقومون بقراءته ولم يتمكن (41%) من طلاب الصف الثالث الابتدائي من حل مسألة طرح حسابية واحدة بشكل صحيح. يضاف الى ذلك قلة الدعم المقدم للمعلم والأستاذ وضعف التجهيزات المدرسية والعلمية وتآكل البنى التحتية واكتضاض الصفوف بالطلبة وانتشار وكثرة التعليم الأهلي لجميع المراحل الدراسية من التمهيدي وحتى شهادة البكلوريوس من دون رصانة علمية معترف بها حتى اضطرت نقابة الصيادلة وأطباء الأسنان لرفض انتماء خريجي الكليات الأهلية لها حسب ما ذكر موقع اذاعة صوت العراق ليوم 20/9/2022.
ان تطور الأمم ورقيها يعتمد على العلم والمعرفة وركناهما الاساسيين وهما المعلم والاستاذ والنظام التعليمي بجميع مراحله فأن ضاع هذان الركنان ضاعت الأمة وفقدت بوصلة اتجاهها وتخبطت في مسيرتها وقراراتها. لقد بعث الله عز وجل نبينا الأكرم محمد (ص) معلما وهاديا للأمة لارشادها الى الصراط المستقيم الذي يفتح لها أبواب السعادة والعزة والكرامة وكانت أول كلمة نزلت من القرآن الكريم على قلب النبي المصطفى (ص) هي كلمة (أقرأ ..... ) لأن القراءة مفتاح المعرفة وطريق الهداية وجسر العبورالى التطور والازدهار فهي تفتح الذهن والقلب والعقل على عجائب خلق الله عز وجل وعلى اسرار الطبيعة ومكنوناتها وغرائب الامور وحلولها وتدفع الأنسان للسير على طريق العلم والسؤدد والخير.
كما ان احدى مقومات النهوض في أي امة من الأمم هي وجود طبقة مخلصة واعية من المفكرين والفنيين والباحثين في مجالات مختلفة تمتلك ركائز المعرفة ومقومات النهوض يعطى لها المكانة التي تليق بها في المجتمع الذي يعيشون فيه والموقع الرئيسي للقيام بدورها الاساسي في النهوض بالأمة وتطويرها ورقيها ويوفر لها جميع المستلزمات الضرورية لأداء هذا الدور الخطير والمهم. ان من أهم شروط تكوين هذه الطبقة الواعية هو التعليم الكفوء والرصين الحاصل على الدعم والأحترام حتى يمكنه بناء جيل المستقبل الذي تقع عليه مسئولية بناء الوطن والدفاع عنه وتكوين نواة مسلحة بالعلم والمعرفة ومستعدة للبناء والاعمار والتطوير.
ورغم هذه الأهمية الكبيرة للنظام التعليمي فأنه في تراجع وتخلف مستمر في العراق لأسباب عديدة في طليعتها الفساد المدمر الذي ينخر في جسد المؤسسات الحكومية من جهة وضعف العملية التعليمية برمتها من جهة ثانية ومن جهة ثالثة الى وضع الكفاءات العراقية بين خيارين لا ثالث لهما وهما اما الأهمال أو الأغتراب بالرغم من كونهم ثروة وطنية مهمة لا ينبغي التفريط بها. فقد وضعت الكفاءات العراقية على الهامش وهي القادرة على البذل والعطاء والبناء فلم يسمح لها بالمشاركة الفعلية في تغيير الواقع المرير وبناء الوطن وازدهاره كما حرموا من سماع أصواتهم وابداء آرائهم وابعدوا عن مواقع القرار وان لم يرضوا بهذا الوضع فما عليهم الا الرحيل والغربة والبحث عن مكان آخر يأويهم ويستفاد من خبراتهم ويثمن معرفتهم. فهنالك الآلاف من العقول العراقية في العديد من بلدان المهجر اثبتوا كفاءتهم ومعرفتهم ووصلوا الى أعلى المناصب الحكومية في عدد من الدول الأوروبية وشيدوا المباني الرائعة وحاربوا الأمراض وعلموا الآخرين وساعدوا الدول على النهوض والتطور.
فأن شاءت الأمة ان تنهض من كبوتها فلا بد لها من دعم وتقوية وتعزيز النظام التعليمي بجميع مراحله والأهتمام بالطاقات العلمية العراقية سواء الموجودة في داخل العراق أو المقيمة في خارجه وجذبها ورعايتها وأحتضانها وتوفير جميع المستلزمات الضرورية لقيامها بدورها للمشاركة في اعداد أجيال المستقبل وبناء عراق قوي عزيز مزدهر والمساهمة في رفد الحضارة الانسانية بالعلم والمعرفة. ان الأمة المريضة والجاهلة هي وحدها التي تقتل طموح وإبداع كفاءاتها العلمية وتتخلص من العقول الأكثر علما ومعرفة وخبرة وتسهل صعود الفاشلين والفاسدين.
أقرأ ايضاً
- اهمية ربط خطوط سكك الحديد العراقية مع دول المنطقة
- حماية الاموال العراقية قبل الانهيار
- نصيحتي الى الحكومة العراقية ومجلس النواب بشأن أنبوب النفط الى العقبة ثم مصر