بقلم: عبدالمنعم الأعسم
بكل بساطة، وفيما الناس استسلمت (هكذا يبدو) الى لعبة التمنيات والتواكل على الصدف والتعويل على عودة العقول الى الرؤوس، والتضرع لدى شفاعات المصلحين ليكون النهابون قد شبعوا، وتابوا توبة نصوحا، وإذْ تتجه الانظار الى نقطة حساسة في الافق تتشابك فيها التسريبات بالتلميحات بالسكاكين، ويظهر على المسرح رجالٌ جددٌ بياقات بيضاء، ويشاميغ منشاة، وعبارات منقّعة بالعسل المغشوش، وبمعسول الوعود، وحيث تركض السيقان المدربة على التسلق الى ابواب المقامات الصاعدة، والتي ستصعد، فتزدحم هناك بانتظار فتات العهد الجديد، وبينما تتعمر الدواوين بالسهرات واعمدة الدخان وفناجين القهوة التي لا تكفّ عن الدوران، وبالاخبار العاجلة عن مقاعد وزارية ارتفعت اسعارها فوق مناسيب الحساب بالملايين من الدولارات.
أقول.. فيما تهدأ جبهات الطوائف والخنادق والعشائر، ويهرع سفراء الدول الى مكاتب اصحاب الحظوظ، وتنشط خطوط الاتصال الدولية عابرة البحار والمحاذير، فان ثمة اشياء كثيرة تجري بسلاسة لافتة، لم يكن لها ان تجري في الظروف التي سبقت تكليف ممثل “الاطار التنسيقي” السيد السوداني بتشكيل حكومة محاصصة لا شائبة “مستقلة” فيها، فقد عرفنا، مثلا، ان للسلاح المنلفت مفهوم جديد، لم نكن نعرفه في السابق، وهو -كما شرعوا يقولون- سلاح عصابات الجريمة المنظمة أو سلاح “بعض” العشائر، او سلاح صبية يقلدون افلام الاكشن، وكفى الله المؤمنين شر القتال.
اما سلاح المليشيات، والفصائل غير التابعة للقيادة العامة للقوات المسلحة، وتلك التي تحت خدمة (وبإمرة) سياسيين وموالين لدول اخرى، واما الراجمات والمدافع والدبابات التي تستعرض بالشوارع، في العاصمة والمحافظات من دون علم الحكومة، واما المواقع الآلية المتحركة، المحمية، والمدللة، والتي تغير منها المسيرات على سفارات الدول والمطارات واحياء منتخبة في اقليم كردستان.. فهي، جميعا، ليست سلاحا منفلتا، ولا خطر له على سيادة وأمن وسمعة وجبين البلاد، فان العراق حسب اصحاب هذا السلاح “غير المنفلت” دولة ابتليت باعداء ومتآمرين ومطبعين وابناء سفارات وانه بغيرِ هذا الجنس من السلاح لا يستتب الامن، ولا تستقيم امور الشرعية، سيما ان الاغلبية البرلمانية صارت من حصة اصحاب المحاصصة.
المشكلة لا تتعلق بوجهة نظر حيال نوع من السلاح، والحاجة اليه، ولا في اختصاص هذا السلاح ضمن منظومة الدفاع والتسلح العامة، ولا في الجدل بصدد مصادر توريد هذا السلاح الى الجماعات المدنية المعنية وتغطية ميزانية التسليح والمرتبات والمعسكرات، بل في هوية وتابعية الافراد الذين يحملون السلاح خارج إطار الدولة، في وقت (تعالوا نخاف) الغيت الدولة وبقي الإطار.
استدراك:
“مَتى يَستَقيم الظل وَالعود أَعوج”؟.
الشاعر البرعي اليماني