بقلم: علي حسين
يغالبني الضحك وأنا أقلب صفحات كتاب يتضمن إرشادات عن كيفية استغلال الوقت كتبه كاتب أمريكي ربما لم يزر بغداد هذه الأيام، وهي تشهد انعقاد جلسات مجلس النواب، ومطالبة "فخامة" محمد الحلبوسي من السادة النواب بالحفاظ على سيادة العراق، ليدرك هذا الكاتب "الإمبريالي" أن الوقت في بلاد الرافدين بلا لون ولا طعم ولا رائحة.
إسمحوا لي أن أقرأ لكم بعض نصائحه عن الطريقة التي ستقضي بها وقتك وتتلخص، فيما يقول الكاتب، بأن لا تدع الآخرين يقررون بالنيابة عنك.. تنتابي ضحكة سوداء، إذا كان الآخرون يقررون بالنيابة عنا ويغيرون القوانين ويتدخلون في كل شيء، فكيف لنا أن نتحكم في أوقاتنا التي ضاعت بين خطب العلامة إبراهيم الجعفري وطلة عالية نصيف وفلسفة جمال الكربولي في الحكم الرشيد؟.
أعود للمؤلف الأمريكي الذي يخبرنا بأن اليوم 24 ساعة، والساعة 60 دقيقة، والدقيقة 60 ثانية، يعني اليوم فيه 86400 ثانية بالتمام والكمال ومع ذلك لا يكفي، حسب رأيه، لا يكفي ماذا؟.. ونحن نشعر بأن حياتنا ضائعة نلهث خلفها لدرجة انقطاع أنفاسنا.
تخرج في الصباح للذهاب إلى مكان العمل، فتجد أن بغداد قد تحولت إلى غابة من السيطرات، وتسأل فيأتيك الجواب بأن السادة النواب يجتمعون لتحويل العراق إلى بلاد تنافس اليابان وتتفوق على الإمارات وتسخر من سنغافورة. وانهم قطعوا الجسور خوفا من ان يتطفل عليهم هذا الشعب الجاحد.
ماذا ستقول أيها القارئ العزيز وأنت تقرأ مثل هذه الكتب ؟، بالتأكيد البعض سيتهمني بالبطر، بل وبخيانة المبادئ، وسيكتب؛ هل من المعقول أن تستشهد بكاتب امبريالي ولدينا اهم موسوعة في الحكم كتبها "العلامة" ابراهيم الجعفري ؟، ماذا نفعل ياسادة ونحن نجد أنفسنا بعد سنوات من الخراب أسرى بيد مجموعة من المغامرين والفاشلين؟. تسعى الحكومات "الكافرة" إلى أن تضع مواطنيها في مكان لائق، فيما تصر أحزابنا "المؤمنة"، على السير بنا إلى مجتمع الغابة وثقافة القطيع.
والآن أتريد أن تسأل: هل كثير علينا أن يخرج أحد النواب، ليقول إننا نخاف من مواجهة هذا وهل من حقنا أن نعرف أنحن رهينة أمزجة بعض الذين يتخذون من السياسة مهنة للتربّح والتجارة؟.
أعود للكتاب أقرأ في كتابه "اتخذ قراراً وقم بالعمل على ضوء هذا القرار"، حاضر يا أستاذ.. سأغلق الكتاب وأستعد لتنفيذ وصيتك، طبعاً يمكن للبعض منا أن لا يستجيب لوصايا المؤلف خصوصاً إذا كانت في انتظاره على الطريق سيطرة تقول له "انت من ياعمام ؟".
بغداد بلا سيطرات، هذا اقصى ما نُفرح به هذا الشعب، انسوا ان البرلمان الذي يُصرف عليه مليارات الدنانير لم يقدم انجازا واحدا طوال سبعة عشر عاما.