- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
أثر المال المجاني على نمط الاستهلاك والطلب
حجم النص
بقلم: صلاح حزام
هناك حكاية تقول ان هنري فورد مخترع نظام انتاج السيارة الحديثة ورائد انتاج السيارات ومؤسس شركة فورد للسيارات، كان يقدم ربع دولار للشخص الذي يلمع حذاءه عندما يصل الى مكتبه كل صباح. وذات يوم قال له صباغ الاحذية الفقير: ياسيدي انك تدفع لي ربع دولار عندما المع حذاءك في حين ان ولدك يدفع لي دولار كامل ؟
اجابه فورد المليونير الكبير قائلاً: انا ابن فلاح فقير وجمعت ثروتي بجهود مضنية ولا ارغب في تبديدها، اما ابني فانه ابن هنري فورد الغني، والذي يتمتع بثروة لم يبذل جهداً في تكوينها لذلك هو لايكترث بدفع دولار كامل من اجل تلميع حذاءه.
الحكمة من وراء ايراد تلك القصة هي ان المال والثروة المجانية او التي تأتي دون عناء، سوف تقود صاحبها الى التبذير والانفاق على المظاهر والمشتريات غير الضرورية.
في العراق الجديد هنالك امكانيات كبيرة متاحة للإثراء السريع ودون عناء .. مثلاً:
سرقة المال العام
الاستيلاء على الاراضي العامة وبيعها
مقاولات وهمية
رشوة
استغلال المنصب
بيع الوظائف
تجارة المخدرات
تجارة السلاح
التهريب بكل اشكاله
الاستيلاء على الايرادات الحكومية كالجمارك والضرائب
تزوير الوثائق لقاء المال
الابتزاز
الخطف وأخذ الفدية
الفصل العشائري بدون مبرر
الخ... من الامكانيات الكبيرة للإثراء.
كل مايحتاج اليه الفرد او الجماعة لكي يصبح ثرياً عن طريق هذه الوسائل ، هو :
بعض الجرأة والكثير من انعدام الشرف والضمير !!
انعدام الشرف بمعناه الشخصي الضيق وانعدام الشرف الوظيفي (باعتبار ان كل وظيفة لها ميثاق شرف واخلاق مهنية تضبط سلوك الموظف)، وانعدام الشرف الوطني.
لكن يبدو ان هناك اعداداً كبيرة من الذين فقدوا شرفهم واصبحوا اثرياء عن طريق هذه الامكانيات التي توفرت لهم.
ولأن المال مجاني ومتدفق باستمرار، اصبح إنفاق هؤلاء بلا معنى ويشكل استفزازاً للفقراء ولمحدودي الدخل وللناس الشرفاء.
انفاقهم على اطفالهم وكلابهم وقططهم وعشيقاتهم لايصدق.
الاموال التي يخسرونها على موائد القمار والبيوت والشقق خارج البلد والترف التافه والسخيف الذي يعيشون فيه غير معقول.
يشهد الاقتصاد انماطاً غريبة وجديدة من الطلب والاستهلاك لاتتناسب مع مرتبة البلد التنموية.
انها مظاهر المال المجاني والذي يجعل هؤلاء من عديمي الشرف مستعدون لخوض بحر من الدماء دفاعاً عن مكاسبهم الآثمة والمحرمة.
أقرأ ايضاً
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- الآثار المترتبة على العنف الاسري