- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
ليس بالتكتك والأكفان تُبنى الأوطان
بقلم: علي حسين
آخر نكتة في قاموس السياسة العراقية: نائب من ائتلاف دولة القانون يحضر الجلسة الأولى للبرلمان وهو يرتدي ملابس بسيطة، معلناً أنه يتضامن مع الفقراء، وأنه لن يرتدي الغالي والنفيس، لماذا ياسيدي لا تريد أن تتمتع بخيرات البرلمان وتصر على أن تصبح مثل أبو حيان التوحيدي تشكو من "الكسيرة اليابسة، والبقيلة الذاوية، والقميص المرقع"؟، يجيبك بأنه ارتدى هذه ملابس للتعبير عن مظلومية الفقراء من أبناء المثنى"، كلام جميل لو أن السيد النائب لم يكن يوماً عضواً في مجلس محافظة المثنى لسنوات ممثلاً لائتلاف دولة القانون الذي في زمنه حصلت المثنى على المرتبة الأولى في عدد الفقراء.
هل انتهت المسألة بهذا المشهد ؟، لا ياسادة، كان لابد من مشاهد مثيرة أخرى، فهناك عربة "التكتك" التي ستبحر ببعض النواب إلى قبة البرلمان، فيما اختار البعض الآخر أن يلبس الكفن تعبيراً عن أننا شعب لا يحب الدنيا ومتعها، وينتظر الشعب بالتاكيد نوع الساعة التي سيرتديها "ابو مازن".. جميل أن يحاول بعض النواب وهم يعبرون بخطواتهم عتبة البرلمان أن يقدموا للشعب مشاهد تبهجه، لكن ياسادة إن شؤون البلاد والعباد لا تدار بالتكتك ولا بالأكفان ولا بالنحيب على اللبن المسكوب ولا بالخطابات والهمسات والاتفاقيات الغامضة.. لا بد من أشياء أخرى مقنعة للناس وهذا ما يجب أن يتوفر في مجلس نواب يرفع شعار الإصلاح والتغيير.
وحري بأهل البرلمان الجديد أن يكون شغلهم الشاغل هو التكفير عن سيئات مجالس البرلمان السابقة التي شهدنا في عصورها تغيُّب القانون والعدل، وهوس الحصول على كل شيء.
العراقيون اليوم وبعد ان قدموا آلاف الشهداء في المعركة ضد الارهاب، وفي ساحات الاحتجاج يريدون أن يدخلوا مثل سائر البشر، عصر الحياة والرفاهية، والخروج من ذلّ الخوف وفقدان الأمن والأمان.. يا أعزائي النواب الناس تريد أن تقرأ أرقام النموّ ومعدّلات التنمية، فقد ملـُّوا من مشاهد الأكفان التي رافقت تاريخ هذه البلاد المظلومة.
للأسف الديمقراطية في العراق تتحول يوما بعد آخر من ممارسة حضارية تستند على القانون، ووسيلة لخدمة الناس إلى حروب ومعارك، راح ضحيتها في اليوم الأول سياسي من وزن ثقيل مثل محمود المشهداني صاحب المقولة الشهيرة: "اللي ما ينطينا مالاتنا نزعل عليه، واللي ينطينا نرضى عليه، ومراح نفكر بأن هذا رئيس وزراء مهني لو مو مهني، يشتغل زين لو ما يشتغل زين، هاي مسألة ما تهمنا، المهم ينطينا (المالات)!".
في خضم الحماسة البرلمانية ينسى البعض أن التصدي للسياسة يعني أن تكون قادراً على صنع موقف والدفاع عنه، يعني أن تؤمن بأنه قد تأتيك ثقة الناس في لحظة لكي تقوم بدور حقيقي.
أقرأ ايضاً
- الأولويّةُ للمواطنِ وليسَت للحاكم
- التاريخ ليس شريفاً للغاية ..
- حادثة "كروكوس سيتي" أليست رسالة دولية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين"