- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الرئيس أشرف غني.. وتحالف (الفساد) و (الإرهاب) في أفغانستان
بقلم: الحسين بن كريم - صحفي ليبي
مَن أسقط أفغانستان في يد حركة (طالبان) هو تحالف (الفساد) و (الإرهاب)، الذين جمعهم العداء للرئيس أشرف غني، الذي حارب الفساد ووقف في وجه المسؤولين الفاسدين، حيث أجبر أكثر من 100 جنرال في الجيش، و50 سياسيًّا مخضرمًا، وعددًا كبيرًا من الوزراء والمحافظين، و40 مدعيًا عامًّا، على الاستقالة، لتورطهم في قضايا فساد مالي وإداري.
قبل أن يترشح لانتخابات الرئاسة في 2014 عين الأكاديمي المحترم أشرف غني سنة 2002 وزيرًا للمالية، فاشتهر بالنزاهة الشخصية والصارمة ضد الفساد، مركزًا على محاربة الفقر وترسيخ المواطنة، ويُنسب له تصميم الإصلاحات الأصعب؛ فأطلق موجة إقالات للمتهمين بالفساد رغم تهديدات الانتقام، وإيقاف رواتب العسكريين (الوهميين)، وإصدار عملة جديدة في وقت قياسي، وفي أبريل 2004، أعد برنامج الاستثمار العام الذي وصف بـ(الأكثر شمولًا الذي تقدمه دولة فقيرة للمجتمع الدولي).
اكتشف الرئيس أشرف غني، أن دمج قادة الميليشيات الأفغانية ومقاتليها ومنحهم رتبًا عسكرية كان خطأ استراتيجيًّا، فالولاء لم يكن للدولة، بل كان لقادة الميليشيات، بالإضافة إلى أن الفساد المالي والإداري جعل من قوات الجيش مجرد ديكور، حيث يوجد على الورق 300 ألف جندي، بينما في الحقيقة وعلى الأرض لا يتعدى قوامهم 70 ألف جندي، ولاؤهم لقادة الميليشيات وأمراء الحرب، حيث هدده أمير الحرب محمد فهيم بالقتل بعدما أوقف كشوف رواتب لعشرات الآلاف من المجندين الوهميين، فرد عليه الرئيس أشرف غني بالقول: (لست وحدك.. طابور طويل جدًّا ينتظر قتلي).
الجنرالات، أو بالأحرى قادة الميليشيات، والسياسيون والوزراء والمحافظون الذين أقالهم الرئيس أشرف غني لتورطهم في قضايا فساد مالي وإداري، تحالفوا مع حركة (طالبان) وسلموا لها الولايات والمدن والمناطق التي يسيطرون عليها وفقًا لاتفاقهم مع (طالبان) ضد الرئيس أشرف غني.
لذلك لم يكن عجيبًا أن تشترط حركة (طالبان) في مفاوضات الدوحة تنحي الرئيس أشرف غني عن رئاسة الدولة، فهذا الشرط كان مطلب حلفاء (طالبان) من قادة الميليشيات والسياسيين والوزراء والمحافظين المتورطين في قضايا فساد مالي وإداري.
المفارقة أن حركة (طالبان) وحلفاءها الجدد يعتبرون أن الرئيس أشرف غني (عميل للأميركيين) رغم أن أشرف غني جاء للرئاسة بإرادة الشعب الأفغاني الذي صوت له في صناديق الاقتراع.. بينما تعتبر (طالبان) حليفهم الحالي الرئيس السابق (حامد كرازي) رجلًا وطنيًّا رغم أن من نصبه رئيسًا لأفغانستان هم الأميركيين عقب احتلالهم البلاد...إنه ببساطة تحالف (الفساد) و (الإرهاب)، في أفغانستان.