أكد رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي، الاثنين، أن زيارة البابا فرنسيس إلى العراق تمثل نقطة مضيئة جسدت جوهر الشعب العراقي الحضاري، مبينا أن رسالة زيارته العراق وصلت إلى العالم.
وقال الكاظمي، في كلمة وجهها إلى الشعب العراقي، إن "زيارة البابا كانت نقطة مضيئة جسدت جوهر الشعب العراقي الصادق المحب لقيم العدالة"، مبيناً أن "رسالة البابا وهو يجول في مدن العراق وصلت إلى العالم".
وأضاف، أن "الشعب العراقي عانى الكثير وسال الدم على ارضه حتى ارتوت، وعاثت في بلادنا غربان السلاح والفساد والإرهاب والكراهية"، لافتاً إلى أن "العراق أمام فرصة حقيقية لاستعادة دوره التاريخي في المنطقة والعالم".
وأوضح، ان "الحكومة متمسكة بإرادة الشعب العراقي في تحقيق الأمن والسلام والإعمار والازدهار لهذه البلاد، رغم العقبات والتحديات التي نواجهها".
وأكمل، رئيس الوزراء: "على أساس المسؤولية وبعد أجواء التسامح التي عززتها زيارة البابا نطرح اليوم الدعوة الى حوار وطني ليكون معبراً لتحقيق تطلعات الشعب"، مبيناً: "اننا ندعو جميع المختلفين من قوى سياسية وفعاليات شبابية واحتجاجية، ومعارضي الحكومة الى طاولت الحوار المسؤول امام الشعب والتاريخ".
ودعا الكاظمي في كلمته، "القوى والأحزاب السياسية الابتعاد عن لغة الخطاب المتشنج والتسقيط السياسي والتهيئة لانجاح الانتخابات المبكرة، ومنح شعبنا فرصة الامل والثقة بالدولة والنظام الديمقراطي".
وخاطب رئيس الوزراء الشباب قائلاً: "أدرك حجم معاناتكم وطموحاتكم والحيف الذي لحق بكم ولكن علينا ان نصبر ونتوحد من اجل العراق والمستقبل الذي يليق بالاجيال المقبلة".
وتابع، أن "الحكومة الحالية تحتاج إلى الوقت الكافي لحماية العراق وترتيب البيت الوطني"، مؤكداً أن "توتير الأوضاع ليس من مصلحة البلد، ويجب منح الحكومة الوقت الكافي للبناء على ما حققت خلال الفترة الماضية وتأمين الانتخابات على أسس نزيهة".
وتابع الكاظمي: "أدعو المعارضين لحكومتي إلى حوار صريح ومفتوح على أساس مصلحة البلد وسيادته وأمنه ودعم الدولة والقانون".
وأشار إلى أن "الحوار الاستراتيجي الذي بدأته الحكومة في ترتيبات التعاون مع التحالف الدولي قائم على إيجاد البيئة والتوقيتات لإخراج جميع القوات الأجنبية المقاتلة من أرض العراق ضمن اليات فنية زمنية متفق عليها مع الحفاظ على افضل العلاقات مع دول التحالف".
وفي ادناه النص الكامل لكلمة رئيس مجلس الوزراء:
بـسم الله الرحمن الرحيم
شعبنا الكريم العزيز...
بكلّ حفاوة وتقدير يودّع شعب العراق اليوم، قداسة البابا فرنسيس، بمثل ما استقبله من محبة وكرم وأصالة إنسانية.
لقد مثّلت هذه الزيارة العزيزة الكريمة، بكل ما حفلت به من مظاهر ترحيب ومن إجماع وطني على إنجاح مقاصدها النبيلة ، نقطةً مضيئةً جسّدت جوهر شعبنا المُحب الصّادق الحضاري المؤمن بقيم العدالة والسلام .
وصلت رسالة قداسةِ البابا الى كلّ أنحاء العالم، وهو يجول بقلبٍ مفعم بروح الأمل في مدن العراق الحبيبة،
ووصلت رسالة شعبنا الى كلّ شعوب الأرض لتقول :
نحن شعب العراق .. شعب التأريخ والحضارة، لقد عانينا الكثير من الحروب .. وسال الدم على أرضنا حتى ارتوت .. ونشـر الموت طوال عقود ظلاله السود في منازلنا .. وعاثت في ربوعنا غربان السلاح والفساد والإرهاب والكراهية ..
لكن مَعدننا الأصيل لم يصدأ، لأن روح الحياة وحبّ السلام والتمسك بالقيم الإنسانية لم يصدأ ..
ليس في نفوسنا سوى المعاني الإنسانية الكبيرة ..
لقد عشنا سوية طوال أكثر من ستة آلاف سنة مضت وما زلنا معاً ..
نمسك بيد بعضنا بتعدد أدياننا ومذاهبنا وقومياتنا كما تماسكت أيادي سماحة السيد السيستاني وقداسة البابا ..
العراق رسالة الإنسانية والسلام، والعراق تاج التسامح، .. وبغداد مدينة السلام ومنبر الحركة الفكرية.
شعبنا الحبيب العزيز ..
إن العراق أمام فرصة حقيقية لاستعادة دوره التأريخي في المنطقة والعالم رغم كلّ العقبات والتحديات،
وإننا كحكومة، متمسكون بإرادة شعبنا في تحقيق الأمن والسلام والإعمار والازدهار .
وعلى أساس هذه المسؤولية التأريخية، وفي أجواء المحبة والتسامح التي عززتها زيارة قداسة البابا لأرض العراق، أرض الرافدين ، نطرح اليوم الدعوة الى (حوار وطني)، لتكون معبراً لتحقيق تطلعات شعبنا .
إننا ندعو جميع المختلفين من قوى سياسية وفعاليات شعبية وشبابية احتجاجية، ومعارضي الحكومة إلى طاولة الحوار المسؤول أمام شعبنا وأمام التأريخ، ندعو قوانا وأحزابنا السياسية الى تغليب مصلحة الوطن والابتعاد عن لغة الخطاب المتشنج والتسقيط السياسي، وإلى التهيئة لإنجاح الانتخابات المبكرة، ومنح شعبنا فرصة الأمل والثقة بالدولة وبالنظام الديمقراطي..
شبابنا العراقي، شبابنا في كلّ مكان..
أدرك حجم معاناتكم وطموحاتكم والحيف الذي لحق بكم، ولكن علينا أن نصبر وأن نتوحد، من أجل العراق ومن أجل الوطن ومن أجل المستقبل الذي يليق بأجيالنا، ولهذا فالحكومة تحتاج الوقت الكافي لحماية العراق وترتيب بيتنا العراقي الوطني..
إن توتير الأوضاع ليس من مصلحة البلد، ويجب منح الوقت الكافي للحكومة للبناء على ماحققت خلال الفترة الماضية، وتأمين الانتخابات على أسس رصينة ونزيهة.
إخوتي ..أعزائي من المعارضين.. أدعوكم وبكلّ صدق، إلى حوار مفتوح وصريح مع الحكومة على أساس مصلحة البلد وأمنه وسيادته، وعلى قاعدة حفظ أمن العراق ودعم الدولة وسيادة القانون.
إن الحوار الإستراتيجي الذي بدأته الحكومة حول ترتيبات التعاون مع التحالف الدولي قائم في الأساس على إيجاد البيئة والتوقيتات لإخراج كلّ القوات المقاتلة من أرض العراق، ضمن آليات فنية زمنية متفق عليها مع الحفاظ على أفضل العلاقات مع دول التحالف، وبما يضمن سيادة العراق وأمنه..
كما أدعو الى حوار وطني حقيقي عميق، وعلى كلّ المستويات الرسمية والحزبية والشعبية، للتوصل إلى إطار الاتفاق النهائي للعلاقة بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان بما يحفظ وحدة الأراضي العراقية، ويعالج المشكلات المتراكمة جذريا.
لقد عكفت الحكومة منذ تشكيلها على ترميم علاقات العراق الخارجية والتأسيس لاستعادة العراق موقعه الطبيعي ووزنه الإقليمي دولياً، وحققنا خطوات متقدمة في هذا المجال وكانت زيارة قداسة البابا تعزيزاً لهذه الخطوات، فقد نجحنا في أن يكون العراق معبراً للتفاهم والتواصل بين العديد من دول المنطقة، وهناك استعداد دولي لدعم العراق في مشروع الإصلاح الاقتصادي، بعد أن نجحنا في عبور الأزمة الاقتصادية.
وعلى ذلك .. ندعو كلّ أشقاء العراق وجيرانه وأصدقاءه إلى ترسيخ قيم السلم والتعاون بين دول المنطقة وإبعاد شبح الحروب والخلافات والصراعات التي لن تخدم شعوبنا ذات التأريخ المشترك.
ويؤكد العراق اليوم استعداده الكامل للعب دور فعّال في تكريس التهدئة وفتح أبواب الحوار لحل أزمات المنطقة، وأن يكون الجميع شركاء في التنمية لا محوراً للخلاف والصراعات.
لقد أصرّ العراق على رفضه أن يكون ساحة للصـراعات الخارجية ، ومنطق التعاون والأخوة هو الوحيد المقبول بالنسبة لشعبنا وللعراق.
شعبنا الكريم ..
أقدم باسمكم شكري وتقديري إلى كلّ من ساهم في إنجاح الزيارة التأريخية لقداسة البابا الى أرض العراق ..
من مؤسسات حكومية وفعاليات شعبية وقوى سياسية .
وأشكر باسمكم جميعًا قداسة البابا الذي أحبّ العراق وشعب العراق ، ولمس طيبة وعمق وأصالة هذا الشعب العظيم القوي بتنوعه .
نشكر قداستكم على كلّ كلمة إنصاف بحق شعبنا ، وكل دعوة للحوار والتسامح والسلام ألقيتها في ربوع العراق الحبيب ، وكلّ تفاعل وجداني مع التحديات التي يواجهها هذا الشعب .
أهلي على امتداد الوطن
أنتم العراق ، على موطئ أقدامكم عاشت الحضارات الإنسانية، وتلاقت ونشـرت المحبة والفكر والعلم، أنتم سومر وبابل وأكد وآشور، أنتم امتداد الماضي بالحاضر بالمستقبل
أنتم عراق الأنبياء والأئمة والأولياء والعلماء والمبدعين .. وأنتم الأمل المتجدد وأنتم صنّاع الحياة ..
عاش العراق ... عاش العراق.
أقرأ ايضاً
- السوداني من لندن: قانون الاستثمار العراقي هو الأفضل في المنطقة
- السوداني من لندن: العراق يدعم الاستقرار والتهدئة بالمنطقة عبر علاقاته مع ايران وامريكا
- مجلس الأعمال العراقي البريطاني (IBBC) يعقد ندوة حوارية في لندن