- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
"ترامب الأخرق" أحرق مستقبله السياسي تماماً
بقلم: د. رعد هادي جبارة
لم يعد امام دونالد ترامب [بعد المصادقة على انتخاب الرئيس الجديد جو بايدن في الكونغرس بمجلسيه؛ النواب والشيوخ] سوى التلويح بالراية البيضاء بل ورفع كلتا يديه الى اعلى ما يمكنه للاعتراف بالهزيمة النكراء والاستعداد لمغادرة مكتبه، مخذولاً مذموماً مدحوراً.
عملية التصويت الحاسمة تمت بعد يوم طويل من احداث الشغب والفوضى، قامت بها ميليشيات غوغائية تابعة لترامب في مبنى الكونغرس الامريكي، ما أعاد الى الاذهان إحراق الكونغرس عام 1814 من قبل القوات البريطانية.
غوغائيو ترامب الأوباش الذين عبثوا بالكونغرس ومحتويات مكتب رئيسته والقاعة الرئيسية ذكّرونا بالاعتداء الصارخ الذي تعرض له مقر مجلس النواب العراقي مرتين او ثلاثة على يد أوباش و نواب تيار معروف، واعتدائهم الآخر على مبنى مجلس الوزراء العراقي، دون أن يحرك "العبادي" ساكناً أو يتخذ إجراء لاعتقالهم ومحاسبتهم!!
وسبق ان كتبتُ ونشرتُ العديد من المقالات حول دونالد هذا، إذ وصفتُهُ مرةً ب [رئيس أخرق مبغوض محليا و ممقوت دوليا] و في مقال اخر [سقطات لسان ترامب تفضح بشاعته و دمويته] اضافة الى عدة مقالات اخرى لم أندم على كتابتها بل زادت قناعتي بأن هذا الشخص لم يكن سوى مقامر و مغامر و خمّار فج. وطالما وصفتُهُ بكلمة [طرمبة] وهي تعني في لهجتنا [مضخة] وهو بالفعل كان يمثّل دور مضخّة للكراهية و البغضاء و الاحقاد و التحريض على العنف والغوغائية و الاذى و الضرر و الضرار و الغرور و الاهانات و الابتزاز و مضخة للكذب حتى تعدت أكاذيبه العد و الحصر.
وباعتقادي (كباحث سياسي ودبلوماسي) فإن ترامب الاخرق أحرق مستقبله السياسي و ارتكب حماقة كبرى و خسر كل اوراقه، و فقد حتى أقرب مساعديه (بنس) لانه لم يكن بمستوى المسؤولية، و خلال 4 سنوات من رئاسته افتعل العشرات من الازمات الداخليةو الخارجية ،و عفا عن قتلة النساء والأطفال العراقيين من عصابات بلاك ووتر في ساحة النسور ببغداد، وأقال الكثير من الوزراء دون أسباب مقنعة، وشحن القلوب غيضاً عليه بحيث كثر الشامتون به و الحاقدون عليه ،و كان سقوطه مدوياً بمعنى الكلمة فأعماله و قراراته شوهت سمعة بلاده بشكل غير مسبوق، وهو نفسه الذي وهب القدس والجولان للكيان المحتل ولم يراعِ مشاعر العرب والمسلمين وانتهك قرارات الامم المتحدة ذات العلاقة.
فلأول مرة نجد رئيساً امريكياً - مازال في الحكم - يتشبث بالسلطة و يحرض ضد الدولة عبر تشجيع الاوباش و المخربين على التخريب، في خطاب عام ورسمي و يحثهم على الاعتداء الصارخ على مجلسي النواب والشيوخ وإهانة اعضائهما، و في ضوء ذلك يتحمل دونالد شخصيا مسؤولية العواقب الوخيمة لهذا العمل التحريضي و التخريبي الذي ادى الى اقتحام الكونغرس و مقتل 4 اشخاص واصابة عشرات المدنيين و الشرطة بجروح و إلحاق أضرار عديدة و متعمدة بأعلى مؤسسة تشريعية رسمية في العاصمة الامريكية، بحيث اعتبر بعض الساسة الامريكان عمل ترامب محاولة انقلابية بكل المقاييس ،و أثار ترامب اشمئزاز كبار المسؤولين الاوروبيين ناهيك عن الرؤساء الامريكيين السابقين، و اعتبروه تحريضاً على الفتنة و التمرد، و كان يمكن ان يؤدي الى مجزرة دموية و حرب أهلية ،و كان لخطواته هذه تداعيات كبرى قانونية و سياسية و اجتماعية .
المراقبون توقفوا عند قضية مهمة وهي أن ترامب أول رئيس امريكي مازال حاكماً يقوم بتحريض الاوباش و المخربين في خطاب رسمي على عدوان صارخ على مؤسسات رسمية و حكومية امريكية مما قد يرقى الى استدعائه الى القضاء أو عزله وفق المادة الدستورية 25 .
و كما هو متوقع، فبعد ظهر العشرين من كانون الثاني يناير اي بعد 13 يوماً سيصبح دونالد مواطناً عادياً لاحصانة له تنتظره 39 شكوى قضائية في امريكا،فضلاً عن طلبَي إلقاء القبض صادرَين عن القضاء العراقي و الايراني، قُدّما الى الشرطة الدولية (الانتربول) هذا الاسبوع، لجلب دونالد مكبلا و تقديمه للعدالة [ويومئذ يفرح المؤمنون] بوضعه في قفص الاتهام ذاته الذي حوكمَ به فرعون العراق الظالم المعدوم صدام و كلاهما قاتل غادر، حيث اعترف دونالد [بوقاحة] بأنه هو الذي أمر بقتل المواطن العراقي القائد جمال جعفر ال ابراهيم (ابو مهدي المهندس) والمواطن الايراني الفريق قاسم سليماني و 6 من مرافقيهما بهجوم جوي على مطار بغداد الدولي، و رغم يقيننا بان اعدام دونالد ترامب لا يعدل جريمته باستهداف القائدين الشهيدين، مطلقاً لكن هذا هو الحكم الشرعي المذكور في القرآن {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ} [البقرة:179] وبعد ذلك ينتظره العقاب الإلهي:
{وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [93/النساء]
أقرأ ايضاً
- صفقات القرون في زمن الانحطاط السياسي
- ثورة الحسين (ع) في كربلاء.. ابعادها الدينية والسياسية والانسانية والاعلامية والقيادة والتضحية والفداء والخلود
- ظاهرة الحج السياسي