بقلم: حسين فرحان
شعر يقاوم عدو الشمس، وأحرف تخرج كما الرصاص من فوهات البنادق، تستنكر ظلما وتدفع حيفا وتكتب للتاريخ انها ستقاوم، مثل الأرض ستقاوم، ومثل الانسان المنهك من وطأة سرقة السهول والروابي ستقاوم.
كتب شطر البرتقالة الثاني قصيدته (خطاب في سوق البطالة) وهو يعلن انتفاضة روح مسها من الضر مالم تعد تحتمله، فامتلأت (يا عدو الشمس) بافتراضات استهلت أغلبها بـ(ربما) واختتمت بتحد ومقاومة.
كتب سميح القاسم قصيدته المليئة بالحماسة لتطرق مسامع الدويلة اللقيطة، وليعلن بها استنكاره لوجود وممارسات هذا الكيان الغاصب، فالافتراضات التي ذكرها تحققت جميعها، وكأن احرف ابياته تكتب نبوءة لا قصيدة.
تذكرت اليوم قصيدة قاسم وتذكرت قاسم حين رأيت حكومتي تزحف نحو معاش الشعب وتظهر المسكنة والمعاناة من تركات ثقيلة لطالما رددتها الحكومات السابقة، وهي تلقي بالمسؤولية على أسلافها وتعيد على المسامع نغمة مملة في اسطوانة قديمة.
تذكرت ما كنا نردده في مناهج الدراسة ايام زمان ومطلع قصيدة حفظناها عن ظهر قلب (ربما افقد ما شئت معاشي)، والذي ذكرني به ذلك الاستفزاز الحكومي لمشاعر شعب تعتزم حكومته وبرلمانه احراق ما تبقى له من أوراق يمارس بها الحياة بين هذه الانقاض.
مسودة لقرارات اصلاحية يتم تسريبها، ولسنا نعلم كيف سربت ولماذا سربت؟ هل سربت بسبب التسيب واللامهنية المعهودة.. ام انها سربت عن عمد لجس نبض هذه القلوب التي ماعادت تعرف معنى أن يكون النبض طبيعيا؟.. أم أنها سربت ليكون استنكار ماجاء فيها دعاية انتخابية؟
اصلاحات.. هذا ما أعلنت عنه الجهات ذات القرار وهي تتخذ دور العطار الذي سيصلح ما أفسده الدهر المحاصصاتي..
اصلاحات.. الكلمة التي نافست (المحال) في عدم الوقوع والحصول او التحقق.. فما مضى من اعوام ترك هذه الانطباعات لدى الناس وجعل بعضهم يردد: (انا أشكّ اذن انا موجود)، فتصريحات تتخللها وعود بالاصلاح، وتلميحات بمحاولات جادة للاصلاح، ونوايا ومساع وغيرها مما يتخذ من الاصلاح محورا له، كلها اصبحت اليوم ضمن دائرة (الاكاذيب) وخاضعة بامتياز لمذهب الشك (الديكارتي) أوالعراقي الذي تأصل بفعل الوعود العرقوبية لحكوماتنا المنتخبة.. والغريب في أمر هذه الاصلاحات أنها فساد جديد يرتدي حلل الحرص والغيرة.
آخرها ماسربته أياد خفية من خطة لأدارة الأوضاع الراهنة بطريقة تجعل من سنة 2021 سنة لشرود الذهن وضرب الاخماس بالأسداس ليدخل البلد سنة أخرى من السبع أو العشر أو الخمسين العجاف، وسيكون للدولار المرتفعة قيمته وللمعاش المسلوبة هيبته دور الريادة بين أروقة المقاهي وأحضان باصات النقل العمومي وفي الاستوديوهات الفارهة للقنوات الفضائية، وسيعبر عنه أهل الاختصاص بالمصطلحات الاقتصادية والقانونية كل حسب وجهة نظره، وسيعبر عنه في طرف آخر تحيط به هالة الفطرة النقية والبساطة بأنه (جوع) في بلد ينبغي أن يكسو شوارعه الذهب، وربما نحتاج لقصيدة كالتي كتبها سميح يتحدى بها المحتل ويستعرض بها فقد المعاش وبيع الفراش وأظنها ستكون أطول منها بكثير فالعراق ليس على مايرام مع وجوه لم تجلب له الخير يوما.