- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
هل طلب السيستاني من الامم المتحدة الاشراف على الانتخابات العامة؟
محمد عبد الجبار الشبوط
يبدو السؤال الذي جعلته عنوانا لهذا المقال ساذجا. ففي البيان الذي اصدره مكتب سماحته بعد استقباله السيدة جينين هينيس- بلاسخارت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، كان موقف السيد واضحا في الدعوة الى “التنسيق”/ وليس “الاشراف”/ مع الامم المتحدة في موضوع الرقابة على الانتخابات القادمة. فقد جاء البيان ما نصه:
“إن الانتخابات النيابية المقرر اجراؤها في العام القادم تحظى بأهمية بالغة، ويجب أن توفر لها الشروط الضرورية التي تضفي على نتائجها درجة عالية من المصداقية، ليتشجع المواطنون على المشاركة فيها بصورة واسعة. ولهذا الغرض لا بد من أن تجرى وفق قانون عادل ومنصف بعيداً عن المصالح الخاصة لبعض الكتل والأطراف السياسية ، كما لا بد من أن تراعى النزاهة والشفافية في مختلف مراحل اجرائها، ويتم الاشراف والرقابة عليها بصورة جادة بالتنسيق مع الدائرة المختصة بذلك في بعثة الأمم المتحدة.”
والجملة الاخيرة واضحة بشكل حاسم. فهي تدعو الدولة الى “الاشراف والرقابة عليها بصورة جادة” على الانتخابات، من قبل الدولة، وذلك “بالتنسيق مع الدائرة المختصة بذلك في بعثة الامم المتحدة”. وهذا امر ليس جديدا، فكل الانتخابات السابقة كانت تتم بالتنسيق مع هذه البعثة، كونها مكلفة بذلك من قبل الامم المتحدة، وكون ان العراق قبل بهذه الدور منذ البداية، ولم يكن في ذلك انتقاص من سيادة الدولة العراقية، لا من قريب ولا من بعيد، بل ان الامم المتحدة تقوم بهذا الدور في كل الدول المستقلة وصاحبة السيادة حينما تكون هذه الدول بحاجة الى خبرة ومعونة الامم المتحدة. فالدولة هي التي تجري الانتخابات، وتشرف عليها، ولا مشكلة في ان تنسق مع الامم المتحدة في هذا الشأن.
لكن يبدو ان السيد حسين شريعتمداري رئيس تحرير جريدة “كيهان” الإيرانية فات عليه ان يميز بين مفردتي “التنسيق” و”الاشراف” وتوهم ان السيد السيستاني طلب من الامم المتحدة “الاشراف” على الانتخابات القادمة في العراق، وكتب في مقال له مؤخرا: “وطالب سماحة آية الله السيستاني (دام عزه) خلال اللقاء، من مبعوثة الامين العام للامم المتحدة، ان تقام الانتخابات البرلمانية العراقية باشراف ممثلين عن الامم المتحدة!”وهذا سوء فهم بين وواضح لماء جاء في بيان مكتب المرجع الديني الاعلى. ومضى في تعليقه الموهوم قائلا ان “هذا الطلب أقل من شأن سماحة آية الله السيستاني ومنزلته المرموقة والجديرة بالاحترام.” وهذه الفقرة سالبة لانتفاء الموضوع، كما يقال لان المرجع الاعلى لم يطلب “اشراف” الامم المتحدة.
وواصل الكاتب اوهامه بهذا الصدد قائلا: “ان هذا الطلب لا يتناسب ومكانة العراق كدولة مستقلة، قد اخذ استقلاله وحريته بالتضحيات والمآثر والدماء الطاهرة وجراحات قلوب شعبه الشريف لاسيما الشباب الغيور لهذه الارض المقدسة. فدعوة الامم المتحدة للاشراف على الانتخابات في بلد ما، بمثابة الاعلان عن افلاس الدولة، وعدم الثقة بالشعب والاعتماد على الاجانب.” ولا يخفى ان هذا الاستنتاج مبني على مقدمة خاطئة لا اصل لها.
ثم عبر عن ايمانه “بوقوع خطأ في التقرير المنشور عن لقاء سماحته بالمبعوثة الاممية، وان مكتب سماحة آية الله السيستاني قد افتقد للدقة المطلوبة بنقل تقرير اللقاء”. والواقع الخطأ وقع في فهم السيد شريعتمداري لبيان مكتب السيد السيستاني وليس العكس، كما قلنا في عدم الانتباه الى كلمة “بالتنسيق”، واستبدالها بكلمة “الاشراف” التي لم ترد اصلا في البيان.
وتصور البعض ان مقال شريعتمداري يعبر عن رأي سماحة السيد على خامنئي، مرشد الثورة الاسلامية، وهذا غير صحيح، لان السيد خامنئي لا يحتاج الى مقال، يُكتب بالنيابة عنه، للتعبير عن ارائه ومواقفه، وهو الذي يعبر عنها بكل قوة وشجاعة وصراحة في خطبه المباشرة الحية.
أقرأ ايضاً
- خارطة طريق السيد السيستاني
- خارطة طريق السيد السيستاني
- الانتخابات الأمريكية البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الاعظم