حجم النص
فاطمة فرمان
انت جالس في الغرفة مساءا ، اطفأ المصباح و أغلق الباب و اجعل الهاتف بعيدا عنك ، لا شك إنك سوف تقع في هواجس الخوف و تبدأ تشعر بالرعب كلما ازداد الوقت معك في هذه الظلمة ، و لا تستطيع أن ترى أي شيء ، حتى انت لا تستطيع أن ترى نفسك ! يا ترى ما الحل في هذه الحالة ، الحل سهل و قريب ، اوقد الشمعة أو المصباح ، و ينتهي كل الظلام و الخوف و الرعب . لا يوجد شخص في هذه الحياة و ليس له مشاكل ، لكن هناك تباين في المشاكل التي يبتلى بها الناس ، و جميع هذه المشاكل حلها الوحيد المصباح أو الشمعة .. لا اقصد بأن تأخذ شمعة أو مصباح و توقده على حبيبتك التي تركتك من دون سبب ، ما أن ترى نور المصباح تعود لك ، هذا جنون !! اقصد بالمصباح " قلبك " ، القلب في هذا القرن مظلوم جدا و لا أحد يهتم به ،بالرغم من شهرته العظيمة في الكيبورد و القصائد و الصور و الأفلام و لا يمر عليك يوم إلا و رأيت رسمه او اسمه ! . القلب عضو في داخل الجسد شفاف و رقيق جدا يضخ الدم إلى جميع الأعضاء ، لكن نسبة الشفافية فيه تختلف بين الناس و حتى بين الأطفال ، ربما يقول أحدهم و لماذا الأطفال تختلف الشفافية عندهم الجميع ورقة بيضاء !! نعم الجميع ورقة بيضاء لكن هذه الورقة عندما تكتب عليها بقصد أو بدون قصد سوف تكون سوداء ، مثلا طفلك الصغير نائم و انت بقربه تسمع الغناء قلب ابنك سوف تحجب عنه الشفافية بنسبة 1% بسبب الغناء و أن يكن من دون قصد .. انت تقود سيارتك و هناك شخص يضخ الماء و من دون قصد وقع الماء على مرآة السيارة ، هل المرآة ستبقى كما هي ؟ بالطبع لا سوف تتغير و تفقد بعض خواصها ، يا ترى ازالة الماء من المرآة صعب ام سهل ؟ الذي يحدد الامر هو نوع الماء و الكمية المتساقطة ، كلما كان الماء نضيف و الكمية قليلة كانت عملية التنظيف سهلة ، كذلك القلب هو تماما كالمرآة أي منكر يقع عليه سوف يتلوث أن كان المنكر عن قصد أو من دون قصد ، تماما كالذي يطلب الماء و يعطونه كأسا من الخمر و يشربه ! في الحكم الشرعي لا اثم عليه لأنه لا يعلم ، لكنه لا شك سوف يفقد وعيه و يسكر و لو لبضع دقائق !! ، فالمنكر هو الذي يحجب النور من قلبك ، و يجعلك تفقد فطرتك التي فطرك الله عليها ، تكون قاسيا ، في قلق دائم ، و توتر، و حزن ، و اختناق ، و تشعر انك في ظلمة شديدة و امامك الشمس! ، و عدم اللذة في العبادة ! عندما تقرأ القران لا يخشع قلبك ! يا الله ما الذي فعلته حتى قلبي لا يخشع عند سماع اياتك و الجبل يخشع و يتصدع منها !! ماذا فعلت حتى أصبح قلبك كالحجارة بل أشد قساوة ! تستغفر و لا شيء يتغير في حياتك ! هل تعرف لماذا ؛ لأن مرآة قلبك وقع عليها سواد لا يمكن ازالته بماء الاستغفار فقط تحتاج أدوات التنظيف ، هذه الادوات : 1_ النية الخالصة لله : اجعل النية لله تعالى عبادة و عادة في حياتك ، كل عمل تقوم به قل " لأجلك يارب " تنام ، تأكل ، تمارس الرياضة ، تطبخ ، تذهب لسوق ، تكون صادق في كلامك ، تسيطر على غضبك ، تكرم ضيفك ، تسلم على جارك و اصدقاءك ، تنظم وقتك ، تطور نفسك في محاضرات التنمية الإسلامية ، تنشر منشور مفيد على الفيسبوك أو الواتس .. الخ كل هذه الأعمال وغيرها عندما تفعلها قل " لأجلك يارب " لأن الله تعالى يحب أن يراك و انت تعيش الحياة من أجله . 2 : عليك ان تعترف بذنبك العظيم و تدرك أنت الآن في ظلمة شديدة و لا يوجد نور إلا الله تعالى فاطلب منه نور التوبة بنية خالصة ليتوب عليك و تتوفق إلى التوبة النوصح ، و انت تستشعر بهذا الظلام الذي حولك ردد " سبحانك لا إله إلا انت اني كنت من الظالمين " و يفضل ان تكرر القول و انت ساجد و أن تكثر من قول استغفر الله ربي و اتوب عليه في أي وقت و الوقت المميز للأستغفار وقت السحر و تملئ خديك بدموع الندم صدقني سوف يحضنك الله تعالى و يقول لك تعالى يا حبيبي .. هو ارحم الرحمين . . حنون جدا احن من الأم على طفلها ... 3 _ تخيل قلبك طفل صغير لا يعرف شيء و ابدأ بتعليمه و ليكن مزاجك رائقا و انت تخطو خطواتك الجديدة ، ربما لا يفهم ما تقوله فعليك بالتكرار ، علمه أن يقرأ القران ، علمه أن الشمس و القمر و السماء ، و كل شيء عظيم هو من الله ، حتى يعبد الله تعالى لأنه يستحق العبادة ، علمه قراءة الادعية لا سيما دعاء مكارم الاخلاق ، علمه على مصبية الحسين عليه السلام و البكاء عليه لأن البكاء على الحسين يختصر لك الطريق ... علماء الاخلاق ينصحون أن تعلم قلبك الطفل قراءة الايات الخمس الأخيرة من سورة الحشر ، و يفضل قرأتها في وقت السحر أو قبل طلوع الشمس ، و أقرأ سورة الشمس على الماء و اشربه بنية أن يجعل الله نفسك مطيعة لك . 4_ أن تلتزم بالصلاة في أول وقتها ، و ادرك دائما أن الاذان لك وحدك لا لجميع الناس ، اترك كل شيء و أذهب للقاء الله تعالى ، و اخبر عقلك أن الصلاة تشريف لا تكليف ، الله يطلبك خمس مرات باليوم حتى يسمعك ... عليك الحديث و عليه الاستماع و التنفيذ بما هو خير لك ، كن على يقين إنه مدير جيد لك فقط توكل عليه . 5_ أن تكثر من الفعل الحسن كالصدقة و قضاء حوائج الناس و اصلاح ذات البين و زيارة الارحام و زيارة المراقد المقدسة و البكاء على مصاب أهل البيت عليهم السلام و الفرح في ولادتهم ، و تفرح قلوب الأطفال ، وتهدي للأموات الفاتحة على اقل تقدير باليوم مرة واحدة كلما زاد نفعك لمن حولك زاد نور قلبك . و الجدير بالذكر التنظيف لا يأتي بيوم و ليلة . . ربما تحتاج أشهر أو سنوات حتى يعود القلب الى فطرته الأصلية. بعد ذلك التنظيف و الطهارة سوف تشعر بأن الدم الذي يضخه القلب إلى الجسد عبارة عن " نور " ، عندها سوف تشتاق إلى الصلاة و تأنس بها و تشحنك بالطاقة و الامل و العمل ، الله سوف يجعلك تعيش حياة طيبة حياة تختلف عن حياتك السابقة ، يفتح لك الآفاق سوف ترى بعينك النور و تسمع بأذنك قول النور و تفقه بقلبك النور . و هنيئا لمن وصل قلبه إلى محبة الله تعالى كما يقول سيد الساجدين عليه السلام : { إلهِي مَنْ ذَا الَّذِي ذَاقَ حَلاوَةَ مَحَبَّتِكَ، فَرامَ مِنْكَ بدل
أقرأ ايضاً
- الحجُّ الأصغرُ .. والزِّيارةُ الكُبرىٰ لِقاصِديِّ المولىٰ الحُسّين "ع"
- جريمة عقوق الوالدين "قول كريم بسيف التجريم"
- سموم "البعث" وبقايا شخوصه