- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
اثر فايروس كورونا في السياسة العقابية
القاضي اياد محسن ضمد
اطلق فايروس كورونا سراح الآلاف من المحكومين والموقوفين من سجونهم ومراكز احتجازهم في مختلف دول العالم وغير فايروس كورونا من اتجاه بوصلة السياسة التشريعية الجنائية لدى اغلب الدول لتتجه نحو تغليب الحماية الصحية للسجناء باطلاق سراحهم على حماية امن واسقرار المجتمع الذي يهدده خروج اولئك السجناء والموقوفين.
اول ماكشفه الفايروس هو ضعف النظم التشريعية العقابية وعجزها عن مواجهة اثاره وعدم تشريعها للقوانين او النصوص الخاصة التي توجب تخفيف العقوبات او اصدار قوانين وقرارات العفو في حال تفشي مرض معد لذلك لجأت اكثر الدول للقواعد العامة في قوانينها لحماية نزلاء السجون في ظل غياب النصوص القانونية الخاصة بالجائحة الوبائية فقوانين الصحة العامة ربما رسمت اجراءات للابلاغ عن المصابين بامراض معدية وكيفية علاجهم وحجرهم وعقوبات لمن ينقل المرض المعدي ولمن لا يلتزم باجراءات الحجر الصحي الا انها خلت من نصوص تعالج ازمة النزلاء الصحية وترسم طريقا قانونيا لتخفيف الزخم في المؤسسات الاصلاحية ومنعها من ان تتحول الى بيئة خصبة لانتشار الفايروس وتفشيه بين النزلاء ولتفادي النقص التشريعي للنصوص القانونية الخاصة بمعالجة مثل هذه الظروف لجئت اغلب الدول الى اصدار قوانين وقرارات العفو العام او الخاص لحماية النزلاء من خطر الجائحة.
على الجانب الاخر فان محاكم الجزاء من جنايات وجنح مطالبة بان تلجأ عند اصدار العقوبات بحق المدانين في القضايا الجزائية المنظورة من قبلها الى اعتبار جائحة كورونا من الظروف المخففة للعقوبة او الداعية الى ايقاف تنفيذها او استبدال العقوبة السالبة للحرية بعقوبة الغرامة او اي عقوبة بديلة كلما كان ذلك ممكنا للتخفيف من الزخم على المؤسسات الاصلاحية كذلك لان المتهم بجنحة بسيطة تكون عقوبتها الحبس البسيط بتقييد حريته لفترة محددة فاذا ما تم الحكم بحبسه وايداعه في السجن ربما يعرضه ذلك للاصابة بالفايروس والذي قد ينتهي بوفاته سيما في الدول التي تزداد فيها الوفيات وهنا فان جسامة الجريمة المرتكبة من قبله لا تتلاءم واحتمالية فقدانه للحياة فيما لو قيدت حريته واصيب بالفايروس مهما كانت هذه الاحتمالات ضعيفة وقليلة فيجب تجنبها ومراعاتها من قبل محاكم الموضوع الجزائية.
هذا المنطق الجزائي بكل تفاصيله يفرضه الفايروس الذي لم يترك مجالا من مجالات الحياة اكانت قانونية ام اقتصادية ام اجتماعية الا وغيرها وفرض عليها انماطا جديدة في طريقة ممارسة الوظائف او القيام بالاعمال التي تتطلبها تلك المجالات.
أقرأ ايضاً
- لا مكان لـ "حُسْن الظن" في السياسة
- السياسة تتدحرج نحو الهاوية.. ومصير العراق على المحك !
- اصلحوا السياسة المالية واحموا المصارف العراقية