بقلم: أياد السماوي
من المؤكد أنّ الحديث عن الفساد في العراق سيقودنا حتما إلى الحديث عن فساد الطبقة السياسية الحاكمة، فالفساد الذي استشرى في وزارات الدولة ومؤسساتها، إنّما هو نتيجة حتميّة لفساد الساسة والحكّام .. فالفساد في العراق لم يعد ممارسات فردية تحدث في هذه الوزارة من وزارات الدولة أو في تلك المؤسسة أو المحافظة من محافظات العراق، بل تحوّل إلى فساد ممنهج يحميه دستور وأحزاب وقوى سياسية فاسدة تتقاسم السلطة في البلد .. والعراقيون يدركون أنّ طبيعة النظام السياسي القائم على أساس المحاصصات الطائفية والقومية والحزبية، هو الذي أوصل البلد لهذا المستوى من الفساد الذي لم يشهد له تأريخ العراق مثيلا.
فالمشكلة الأساس هي في جوهر النظام السياسي القائم وطريقة اختيار رئيس الوزراء، فحين تكون الأحزاب والكتل السياسية الفاسدة هي من يختار رئيس الوزراء، فهذا يعني أنّ أي رئيس للوزراء سيكون مكّبلا وخاضعا لهذه القوى السياسية التي جاءت به رئيسا للوزراء، وحتى تمرّ كابينته الوزارية في مجلس النواب دون إعاقة فهو مضطر للرضوخ لمطالبات هذا الكتل السياسية.
والحقيقة أنّ المعادلة السياسية القائمة لا تمنح رئيس الوزراء المكلّف أي حرّية لاختيار كابينته الوزارية .. وبالتالي فإنّ قدرة رئيس الوزراء المكلّف للتصدّي لهذه الكتل السياسية ستكون محدودة جدا .. وبالنسبة لي لا يوجد قائد سياسي أو حزب لم يتوّرط بشكل مباشر بالفساد، وافضلهم هو من رأى الفساد بيعنه ولم يحرّك ساكنا، بل أنّ بعضهم فاسد وشريك في الفساد.
أنباء بدأت تتسرّب إلى وسائل الإعلام عن ضغوطات كبيرة وشروط تعجيزية تمارسها الكتل السياسية السنيّة والكردية مقابل منح الثقة لحكومة رئيس الوزراء المكلّف مصطفى الكاظمي .. وتفيد هذه الانباء إنّ الشروط والمطالب التي وضعتها هذه الكتل السياسية مقابل منح الثقة لحكومة الكاظمي هي ذات الشروط والمطالب التي دفعت محمد توفيق علاوي للاعتذار والانسحاب من تشكيل الحكومة.
وبدورنا ككتّاب مستّقلين تهمنا مصلحة بلدنا وشعبنا .. نحذّر كلّ الأحزاب والقوى السياسية من ممارسة أي شكل من أشكال الضغط على المكلّف الجديد السيد مصطفى الكاظمي، ومحاولات فرض المطالب التعجيزية عليه تحت غطاء حقوق المكوّن .. وندعو هذه الكتل السياسية إلى إعطاء كامل الحرّية لرئيس الوزراء المكلّف في اختيار كابينته الوزارية من أجل مواجهة الظروف الاقتصادية والصحيّة والأمنية التي يمرّ بها البلد.
وبهذه المناسبة ندعو المرجعية الدينية العليا للتدّخل ومنع القوى السياسية من فرض شروطها على رئيس الوزراء المكلّف في اختيار كابينه الوزارية .. ونقول لهذه الكتل السياسية كفاكم نهبا وسرقة لأموال الشعب واتركوا العراقيين يواجهون مصيرهم مع هذه المحنة التي يمرّون بها في ظل هذه الأزمة الاقتصادية والصحيّة .. الشعب العراقي لم يعد يحتمل فسادكم .. كفى .. كفى .. كفى.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- قل فتمنوا الموت إن كنتم صادقين... رعب اليهود مثالاً
- البيجر...والغرب الكافر