محمد حسن الساعدي
قاد الشهيد الحكيم عملية التغيير في العراق منذ شبابه، واخذ على عاتقه غدارة وقيادة إسقاط النظام كونه أتسم بصفات جعلت منه سياسياً ناضجاً، فهو مجتهداً جامعاً للشرائط، وامتلك القيادة الدينية والسياسية منذ نعومة أظافره،وحملت هذه الشخصية شروط القائد من العدالة والالتزام والقدرة على التصدي، والبديهية العالية وتمييز المصالح العليا للإسلام، واتخاذ القرارات اللازمة في أحنك الظروف وأصعبها، فقد كان الحكيم إفرازاً للساحة العراقية لما تميزت به من فوران وتقلبات في المشهد السياسي وتعقيد في المواقف، وجاء ذلك من خلال التصور الواقعي للعمل السياسي، وقدرته على الفاعلية مع الأفكار والآراء، كما انه كان ينظر للنظام البعثي بأنه نظام ديكتاتوري لايمكن التفاهم أو التحاور معه، إلى جانب كونه نظاماً قمعياً قتل شعبه بالحديد والنار، وحطم كرامة هذا الشعب، لهذا كانت حركته السياسية تهدف لتحقيق مطالب الشعب العراقي في تحقيق العدل والمساواة والاستقلال والحرية لكل أبناءه من خلال إقامة نظام حكم يحقق هذه المطالب، والسعي من أجل إيجاد حكم ديمقراطي ودستوري وتداول سلمي للسلطة من خلال الانتخابات الحرة النزيهة ووفق نظام اللامركزية في الحكم.
أهم الأهداف التي كان يسعى الحكيم لتحقيقها هي كسر المعادلة الظالمة التي حكمت العراق لثمانين عاماً، والتي قامت على التمييز العنصري والطائفي بين أبناء الشعب الواحد، لهذا كان الهدف الأساس لحركة السيد الحكيم هي تغيير هذه المعادلة، وتحقيق بقية أهدافه التي تبناها في حركته السياسية، ومارس العديد من الوسائل المشروعة من أجل هذا التغيير وتحقيقه، وأهمها عملية الانفتاح السياسي على الوضع الداخلي والإقليمي والدولي، والذي كان له الدور الأبرز في تحقيق هذه الأهداف، والتنسيق والتعاون مع مختلف القوى السياسية، لان الانفتاح كان له الدور الأساس في إيضاح الصورة القاتمة التي كانت تقراها الشعوب العربية عن النظام في العراق، وكشف الجرائم التي كان يمارسها هذا النظام ضد أبناء شعبه، إلى جانب ممارسة العمل الجهادي والإعلامي من داخل العراق والذي كان له دور مهم وإيجابي في أضعاف النظام وضرب مصالحه في الداخل.
الحكيم الشهيد رفض عملية التغيير وفق منظور الحرب، ولكنها أصبحت واقعاً ينبغي الاتساق مع خطواته، لان نظام صدام وبعد اجتياحه الكويت أصبح خطراً يهدد المنطقة برمتها، وأصبح التغيير أمراً لابد منه، لذلك كان موقفه هو الحياد والوقوف مع الشعب العراقي في خلاصه من الاستبداد والطغيان، والعمل من أجل استثمار كل الفرص المشروعة والمتاحة للخلاص من هذا الكابوس الجاثم على صدر العراق.
الحكيم وبعد أشهر من إسقاط النظام كان لديه مشروعاً متكاملاً للعراق وفي مقدمته رفضه للاحتلال الأمريكي والعمل بالطرق السلمية من اجل إخراجه، ومحاولة ضبط إيقاع القوى السياسية من اجل أن لا تنجر إلى حرب مواجهة مسلحة، والتأكيد على مبدأ السيادة، وان يكون العراق حراً مستقلاً، والإعداد لدستور عراقي جديد، وتشمل حكومة عراقية عبر الانتخابات المباشرة الشفافة، كل هذه الرؤى والأفكار حملته عقلية الحكيم الشهيد الذي كانت الأسبق لتحقيقها لتبقى تلك الرؤى والأفكار خارطة طريق تنتظر تحقيقها.
أقرأ ايضاً
- الدعوة إلى تجديد الخطاب في المنبر الحسيني.. بين المصداقية ومحاولة تفريغ المحتوى
- لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ ..اصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الثاني