- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
النقد وظيفة أم صعقة عنيفة ؟؟...الجزء الثاني
حسن كاظم الفتال
جدلية النقد أو الإنتقاد
سوف لا أتناول مسألة النقد كرؤية أكاديمية ولا كنظرة تحليلية أو أدبية بل بكل بساطة وبتعبير سردي ومنطوق تقليدي كما هو شائع أو مشاع بين المجتمع وبما يتماشى مع مفاصل مسيرة حياتنا اليومية وجزئياتها وما يدور فيها من ممارسات أو ظواهر يحسبها بعضنا مصيبة ولكن الآخرين يرونها أخطاءً.وثمة من يفضل أن يلتزم الصمت ويتغاضى رغم سماعه ومشاهدته لفداحة بعض الأخطاء. وهنالك من ينبري للنقد والتصحيح طوعا وحرصا على اجتناب الأخطاء وهو الناظر للأمور بعين ثاقبة مشخصة صائبة.
إذ أن النقد هو منهج أو مبدأ مثالي رائع أو لعله يندرج في حقل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فيمثل دعوة نصح خالصة أو عملية توجيه أو حالةً من حالات التصحيح والتقويم وذلك بعد تشخيص الخلل أينما وجد أو تحديد مواطن الضعف ومواطن القوة لدى الأفراد(وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا). ثم إيجاد أو شق طريق كامل الجاهزية لسلوك سبيل الصواب بكل أمان واطمئنان.
وللإستقامة بوصلة
وبما أن الغفلة والسهو من أبرز العوامل التي تعتري كيان الإنسان أو يتملكانِه ويتعذر عليه الإنسلاخ منهما بسهولة ويسر فالإنسان إذن بأمس الحاجة لمن يضع له جرس تنبيه أو بوصلة اتجاه وبحرص شديد على توجيهه نحو الصواب. وهذه البوصلة كثيرا ما يمتلكها الناصحون المخلصون الذين يمثل تنبيههم الحرص فيهدون وخزة جميلة أو رقيقة تفزز الساهي والغافل. ومصداق ذلك قول الإمام الصادق صلوات الله عليه: (أحبُ إخواني من أهدى إليَّ عيوبي)
والوجه الظاهر للإهداء يعكس مدى الحب والتقدير والوفاء حيث لا يمارس الهديَ والإهداء إلا من هو محب لمن يُقدِم له الهديَ أو الهدية.
وحسبنا أن نعد النصيحة والإرشاد والتوجيه أثمن هدية إذ تمثل تعيين أو تحديد نقطة شروع للإقتراب من الكمال أو الاعتدال أو الاستقامة وثم السبيل القويم والإرشاد صوب الصراط المستقيم لبلوغ النجاة بتجنب الوقوع في شفا جرف الهلكات.
وهذا الإهداء الأخوي المعنوي خلاصة علم ومعرفة الهادي وإدراكه بأن الآخر يستحق هذه الهدية.
هذه الصورة تتمحور في صيغة النقد ومن المؤكد إنها ترتكز على عناصر وعوامل ومبادئ معينة يتحتم على من يتعاطى النقد ويوجهه للآخرين أن يضعها في الحسبان وأن يعتمد صيغة جذب إرضائية إقناعية. فالقناعة من أهم عناصر الجذب وأن لا يجعل الناقد مسالة إحصاءِ العيوب وإبرازِها وعرضِها على الآخرين هي همَه الأول أو الغايةَ من النقد وأن يدرك بأن الإنسان مجبول على بعض الطباع أو التطبعات أو بعض السمات التي يتسم بها أو التصرفات التي يمارسها. (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ـ سبأ /24
وعلى الناقد أن يكون حكيماً قادراً على وضع الفيصل أو المائز بين الوجه السيئ والوجه الحسن للأمور وأن لا يعد الهفوات الصغيرة أخطاءً كبيرة
وقد قال سيد البلغاء وأمير الفصحاء أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه: (من استقبل وُجُوهَ الآراء عرف مواقع الخطأ)
إلى اللقاء في الجزء الثالث
أقرأ ايضاً
- الانتخابات الأمريكية البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الاعظم
- التكتيكات الإيرانيّة تُربِك منظومة الدفاعات الصهيو-أميركيّة
- الإجازات القرآنية ثقافة أم إلزام؟